يوماً مَّا وضعت إحدى السيارات بيضة، وبطريقة مَّا فقدتها ووصلت البيضة إلى مدينة البشر. خرجت من تلك البيضة سيارة صغيرة سميت «بومبو» ورأت أمامها الصبي الصغير أمين، فأصبح صديقها المقرب. سافرا معاً في رحلة للبحث عن عائلة «بومبو»، لكن الشرير كان يترصد لهما في كل مكان للحصول على «بومبو» الذكية، وبناءً عليه فكل يوم تحدث معركة. إلى أن وصلت «بومبو» إلى أحضان أسرتها في الحلقة الأخيرة.
هل تذكرون حلقات هذا المسلسل الكرتوني «بومبو... السيارة المرحة»؟، حسناً، لكن ما لا تعرفونه عن نهاية الحلقة الأخيرة تلك المفاجأة غير المتوقعة والتي ظهرت مؤخراً؛ فقد اتضح أن هذه السيارة بحرينية والأسرة التي وصلت إليها وعاشت في أحضانها في الحلقة الأخيرة تسكن حاليّاً في منطقة جرداب، وعاد الشرير يترصد لها ليل نهار حتى اكتشفها بالمصادفة مؤخراً في كنف أهلها بجرداب خلال بعض المناوشات غير الآمنة.
ففي هذا الموقع عُثر على السيارة المرحة «بومبو» وتم التعامل معها حذفاً بالطوب المقاوم للحرارة بعد أن عادت إلى ذويها علها تصاب بخدش أو كسر يذكرها بالأيام الصعبة التي عاشتها في تنقلها من مكان إلى آخر مع صديقها القديم أمين.
هناك تعليق في ذيل القصة يقول: لو كان المدعو «جوزيف نيكولاس كونيو» يعلم بما سيحدث للسيارات على أرض أوال لما اخترع سيارة بخارية العام 1769 لأول مرة في التاريخ، ولتراجع أيضاً المدعو «كارل بنز» عن اختراع سيارة تعمل بمحرك غازولين في ألمانيا في العام 1885.
وللعلم، لمن لا يعلم حتى الآن ونحن في الألفية الثالثة، فإن السيارة هي مركبة آلية تتكون من مجموعة من الأجزاء الميكانيكية تعمل بصورة متناسقة تؤدي إلى تحريك هذه المركبة، وتعتبر السيارة من وسائل النقل الأكثر انتشاراً في عصرنا الحالي. والكل يعلم أن السيارات هي مركبات وليست من جنس البشر وتتحرك على عجلات حاملة المحرك الخاص بها وتستخدم في نقل الركاب أو البضائع أو حتى الحيوانات.
وبالطبع مادام هذا هو الوصف العلمي للسيارات؛ فليست هناك سيارة جزماً تشعر وتحس وتتدخل في السياسة أو تبدي رأيها بأن تكون في خدمة المعارضة أو الموالاة أو الحكومة ليتم القبض عليها ومعاقبتها وهي متوقفة بلا بشر بداخلها، كما حدث عندنا حصريّاً. فمع أحداث فبراير/ شباط ومارس/ آذار من العام 2011 تم القبض على ومصادرة عشرات السيارات التي كانت متوقفة عند منطقة الأحداث، ثم توسع الأمر لمعاقبة الباصات الكبيرة وسيارات التاكسي. وآخر الأمر تم الانتقام من سيارة معينة بحد ذاتها وذلك برميها بالطوب الحراري من الحجم المتوسط ذي اللون البني في مطلع السنة الميلادية الجديدة كنوع من الرد المباشر على الحدث في موقعه.
هذه القصة هي جزء من المشهد الأول في سيناريو العام الجديد لدينا حين يضطر القلم إلى ذكر بعض تفاصيله حتى وإن كانت بسيطة في أحداثها لكنها عميقة فيما وراءها؛ لأنه يحدث هنا فقط وفي اللحظات الحرجة.
أما المشاهد من الثاني إلى السادس من السيناريو البحريني، فقد تقاسم بطولتها عدة ممثلين أحدهم رئيسي لا يتغير في كل المشاهد. فالمشهد الثاني من بطولة طفل في الرابعة من العمر، لم ينبس بأي حرف حتى الآن ولم نر ملامح وجهه البريئة بسبب كثافة الدخان التي غطته خلال المشهد. فخلال أسبوعين فقط بين غياب عام وحضور آخر لم يشعر الناس بتبدل الزمان ومروره من عام إلى آخر على هذه الأرض الطيبة. فعندما فتحت الكاميرا غطاءها شاهدنا إلقاء قنبلة دخانية على طفل ذي أربع سنوات كان برفقة والديه وهما يعبران الطريق فتوقفا لمعرفة ماذا يجري قرب البيوت التي يسكنونها بسبب وجود دورية كانت تقوم بعملها المعتاد يوميّاً. وفجأة انتبه الأب إلى أن هناك قنبلة دخانية أُطلقت ناحية ولده الصغير فهرع بشكل جنوني لإنقاذه وحمله بعيداً عن الموقع، ولولا لطف الله لحدث مكروه لهذا الطفل ولا يُعلم حالته الآن.
الثالث، ضُرب أحد الفتية حتى الإدماء في العكر وتم رميه في الطريق وهو ينزف حيث ضُرب بكل شيء من طوب الطريق إلى الحجارة إلى بقايا مخلفات في الطريق، هذا بخلاف الشتائم والاهانات، وللأسف لم تصور الكاميرا بقية المشهد.
الرابع، صفع أحد الفتية ومعه طفله كان أهم المشاهد في السيناريو حتى وصل من شاهده عبر الفضاء إلى أكثر من مليون ونصف إنسان حول الكرة الأرضية خلال يومين فقط، وهو رقم صعب تكذيبه وله مؤشرات خطيرة.
الخامس، رش مواد على وجوه نساء في المنامة وجرداب وهن يقفن على قارعة الطريق أو يمررن في طريقهن إلى بيوتهن، من دون أي حراك، في موقع الحدث.
السادس، شابان من الهملة ودمستان يتعرضان لضرب مبرح أحدث جروحاً غائرة في الرأس لأحدهما وأخرى في اليد وكسر يد الشاب الآخر. ثم تقوم الكاميرا باستعراض عملية مداواتهما.
بعد عرض هذه المشاهد على الشاشة الصغيرة أعترض الكاتب على السيناريو المعدل بيد المخرج قائلاً إن حب الوطن والخوف عليه من استمرار معاناته يدفعنا للسؤال: لماذا أضفتم جرعة دموية في السيناريو؟ وأين الحديث عن تدريب جديد لرجال الأمن؟ وكيف لا يخاف رجل الأمن وقد حُكم أمامه على بعض زملائه في قضايا تعذيب أفضى إلى الموت. وهل ما كُتب في السيناريو هو فعلاً نتيجة أخطاء فردية؟ وكم عدد تلك الأخطاء الفردية؟ وإلى متى ستستمر؟ ألا نريد لأزمتنا أن تنتهي فعلاً؟ وهل ستنتهي بكثرة الأخطاء الفردية أم بمنعها تماماً بقرار وفعل وليس بحديث للصحافة وكفى. وهنا، وبحركة لا إرادية، انقض الكاتب على أوراق السيناريو ومزقها كلها والحزن يغطي وجهه.
إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"العدد 3776 - الإثنين 07 يناير 2013م الموافق 24 صفر 1434هـ
ههههههه
عجبني اسلوب الطرح والتعريف العلمي للسياره ويش تفهم عاد شر البلية ما يضحك
بومبو
زين ويش دخل بومبو في السالفه
شكرا
طرح رائع لواقع مؤلم ،،، ألف شكر للكاتب المبدغ .
ومع الاسف
ان كاتب السناريو قد مزق الاوراق دون ان يكتب النهايه لتلك القصة