في وقت حدوث الأزمات السياسية بين المعارضة والنظام السياسي في أي بلد من بلدان العالم، تبرز كلمة الحوار لتكون الفيصل بين الطرفين المتنازعين. مرةً تطرح هذه الكلمة من النظام السياسي وترفضها المعارضة، ومرةً تطرح من المعارضة ويرفضها النظام، ومرةً ثالثة تطرحها جهات خارجية تربطها مصالح سياسية أو اقتصادية مع البلد، فيرحب بها طرف ويرفضها الآخر، وقد يرحب بها الطرفان فتكون هذه الكلمة حائرة بين الرفض والقبول لانعدام الثقة بين الطرفين المعنيين، أو لعدم وضوح مقصدها الحقيقي أو لعدم الجدية في طرحها أو لإقامة الحجة السياسية.
ولا غرابة إذا ما وجدنا أن كل طرف ينظر إليها من الزاوية التي يراها في صالحه، ولا عجب إذا ما وجدنا أحد الطرفين لا يتفاعل معها، أو يقوم أحدهما بفلسفتها والعمل على تغيير مفهومها السياسي، وتصوير الأزمة كأنها بين أطراف في المجتمع ولا علاقة لها بالأزمة السياسية! وتبقى الكلمة تحوم ولا تجد لها قراراً في الأزمة السياسية التي تعصف بالبلد، كما حدث في التصريح الذي نشرته صحيفة «الشرق الأوسط» لوزيرة الدولة لشئون الإعلام، من أن المعارضة أساءت للدعوة إلى حوار وطني، واستغلتها بشكل مغرض، وسوقتها إعلامياً بشكل مغلوط؛ وأن البحرين أكدت أن أي حوار وطني للخروج من الأزمة لن يغفل أي مكون من مكونات الشعب البحريني، وسيكون استكمالاً لحوار التوافق الوطني الذي جرى في يوليو/ تموز 2011، وسيبدأ عندما تتخلى المعارضة عن الشروط التي تضعها للدخول في الحوار. والسؤال الذي يطرح في أوساط السياسيين في العالم الذي نادى بحوار جاد بين النظام والمعارضة: هل هذا التصريح يتوافق مع المنظور السياسي للحوار؟ وهل هو نفسه الذي نادت به دول العالم قبل أكثر من سنة ومازالت تنادي به حتى هذه اللحظة؟
فالأزمة السياسية أطرافها وعناصرها معروفة، وإدخال أطراف أو فئات من المجتمع في الحوار ليس لها مطالب سياسية لا تجد المعارضة السياسية ما يؤيده في عالم السياسة، فمن الذي قال من السياسيين في العالم إن الحوار إذا ما جرى بين طرفي الأزمة السياسية ليس وطنياً؟ وكيف يعتبر الطرف الرسمي شروطه مباحة وشروط المعارضة إن وجدت محرمة؟
لم يسمع الناس أحداً من المعارضة بمختلف توجهاتها من وضع شروطاً للحوار، وكل سمعوه منها مقدمات واقعية للحوار، وما تطرحه الجهة الرسمية لا يتناغم في مجمله وتفاصيله مع ما يقصده العالم من الحوار. فحلّ الأزمة السياسية سبلها وأساليبها وآلياتها ومتطلباتها واضحة للرأي العام الداخلي والخارجي، وعناصر الأزمة التي يحثها العالم الدخول في حوار سياسي جاد من أجل حلها واضحة للجميع، ولا حاجة للبحث عنها في أوساط المجتمع. فمشاركة الأعزاء ممن ينتظرون التوافق الوطني بين النظام السياسي والمعارضة لمباركته لا يساهم في حل الأزمة السياسية، ولا يمكن لأحد أن يقلل من مكانة بقية الفئات المجتمعية، وإنّما تقديراً واحتراماً لهم ألا يقحموا في أمر سياسي قد لا يجدون أنفسهم فيه. فالكل يعلم أن إشراك غير الأطراف المعنية مباشرة بالأزمة السياسية لا يحقق الهدف المرجو من وراء الحوار، وحوار التوافق الوطني السابق دليل على ما ذكر آنفاً، والذي وجدت كلمة الحوار فيه نفسها بعيدة جداً عن الهدف، وهو حل الأزمة السياسية بين الطرفين المعنيين.
لاشك في أن هناك أفراداً كثر عددهم أو قل، لا يرغبون سماع كلمة حوار من أي طرف كان، وتراهم عند سماعهم بها يستنفرون كل قواهم وطاقاتهم لمحاربتها بأشد الكلمات والألفاظ، ويسخرون أقلامهم ليكيلوا التهم غير اللائقة إلى المعارضة السياسية، مما يندى لها جبين الوطنية والإنسانية، كل ذلك من أجل إبعاد الكلمة الحقيقية عن المشهد السياسي وحرفها عن مقصدها الحقيقي. فيتعاملون معها - كلمة الحوار - كالعجينة التي يشكلونها بالأشكال التي يرغبون فيها، ويضعون فيها ما يشتهون من مواد وألوان اصطناعية ليغيّروا من ماهيتها، فيحوّلونها إلى مجرد أزمة طائفية أو اجتماعية بين مكونات الوطن، ويضعوا لها آليات وبرامج خاصة للمصالحة الوطنية بين مختلف الفئات الاجتماعية والمذهبية.
المهتمون بالشأن السياسي في البلد يقولون إن الذهاب بعيداً عن لب المشكلة قد يعقدها كثيراً ويطيل من أمدها، والبحث عن معانٍ أخرى للحوار غير التي يفهمها رجال السياسة ثبت بالتجربة أنه أسلوب غير قادر على حل الأزمة السياسية، ولا يمكن إنتاج طبخة معينة من غير أن نستخدم عناصرها الأساسية ونوجد آليات عملها، ونوفّر الطباخ الماهر الذي ينتجها بأحسن صورة، فكيف بالطبخة السياسية التي تعتمد في نجاحها على أسس سياسية وحقوقية وإنسانية وأخلاقية دقيقة جداً؟
نسأل الله أن يجعل وطننا آمناً مستقراً للجميع، ويكون خالياً من التمييز والمحسوبية والفساد المالي والإداري، وأن يمن عليه وعلى أبنائه باليمن والبركات، وأن يجمع قلوبهم على الحب والود للإنسانية جمعاء.
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 3764 - الأربعاء 26 ديسمبر 2012م الموافق 12 صفر 1434هـ
لا حوار ولا خوار خلاص انتهى الامر
حسب وجهة نظري بدأ الشعب ينفر من كلمة حوار ويرفضها وهذا شيء جيد جدا
لأن الوضع آخذ في التفاقم وسوف نشهد امور ليست بالحسبان بسبب الاصرار على الحل الامني الذي تعتقد الحكومة انه هو الحل الوحيد والانجح
حتى لا يفشل الحوار
نطالب بوجود مشاركة اممية تكون شاهدة على مجربات الحوار وما يتمخض عنه من قرارات ملزمة لأطراف الحوار المزعوم ، لان تجربتنا السابقة المتعلقة بمبادرة سمو ولي العهد فشلت بسبب ان كلا الطرفين يحمل الطرف الاخر ، فالمعارضة تقول انها قبلتها ولكن تدخل الجيوش من الخارج في البلاد هو من اجهضها وللحكومة راي اخر فمن يا ترى نصدق ؟ فالمشاركة الاممية ضرورة وشهادة على الجميع حفظ الله البحربن من كل سوء.