مضى أكثر من سنة على ثورة وحراك جزء من العالم طالما كان راكداً، حتى أصبح لا يتصور أنه سيثور يوماً ما ضد الظلم والاستبداد والقهر والديكتاتورية. فعلى قلب رجل واحد خرج الأحرار في كل من تونس ومصر وليبيا وسورية واليمن والمغرب والجزائر وغيرها. حينها استفاق الحكام ليقولوا: ما لكم؟ عمّ تتساءلون؟ ماذا تريدون؟ ولماذا تحتجون؟ ويقول آخر: من أنتم؟ لكن بعد فوات الأوان يخرج هؤلاء الحكام ليقولوا نعم فهمناكم، لقد غلطنا، عودوا أدراجكم ولكم ما سألتم.
لا ندري لماذا يتملَّص بعض الحكام عن واجباتهم تجاه شعوبهم ويستخفون بمطالبهم، ولا يهمهم سوى أنفسهم وما زين للناس من حب الشهوات والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة. لا نعلم لماذا تأخروا إلى حين خروج شعوبهم للمطالبة بأبسط الحقوق، حينها يصغون إليهم لا اهتماماً وإنما خوفاً على كراسيهم فيقولون: عمّ تتساءلون؟
إنهم يا فخامة الرئيس، يتساءلون عن الحقوق العظيمة التي هم منها محرومون، يتساءلون عن الحرية، عن الكرامة، عن الديمقراطية، عن المساواة، عن العدل ونبذ الفساد و «الحكرة» اللذين كانا مبدأً لفخامتكم.
لقد كانت مطالبهم بسيطة ومشروعة، عنوانها «الشعب يريد...». ماذا يريد؟ إنها الحرية في سورية وإسقاط النظام في تونس ومصر وليبيا، بعد أن سئم من هؤلاء الديكتاتوريين وطال عليه الأمد. ثم إسقاط الفساد في المغرب.
لقد ثار الأحرار على مر العصور وفي كل زمان ومكان ضد الظلم والقهر. فقد ثار الفرنسيون سنة 1789 ضد الكنيسة وتعنتها، والألمان والروس ضد النازية، والأفارقة ضد الاستعمار والنهب... فكان الانتصار دائماً للحق «وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة» (البقرة: 249).
لكن الملاحظ هو أن ثورة الربيع العربي تأخرت كثيراً مقارنةً مع نظيرتها في أوروبا، وذلك بسبب سيطرة الحكام على الأخضر وتكثيفهم لأجهزة الاستخبارات ومنع التجمعات، وساعدها على ذلك أيضاً ضعف التواصل والوعي، ما أخّرها كثيراً إلى حين انطلاقها من العالم الافتراضي (الفيسبوك)، الذي سهّل التواصل وتبادل الأفكار بين الأحرار ودعاة الإصلاح والحرية في كل أنحاء المعمورة.
فبدأت بذلك الديكتاتوريات تتوارى في زوايا البلدان بعد أن كان الكون مسرحها، وذلك بفضل غلبة المدافعين عن الجماهير والشعوب المضطهدة، بدل حماة الأقليات والأنظمة خصوصاً منها الجائرة، إيماناً منهم بقول الكاتب البرتغالي ديارت باربوسا duarte Barbosa «إن أسوأ الديمقراطيات أفضل بكثير من أحسن الديكتاتوريات».
إن الخوف من الثورة هو في حد ذاته الخوف من الإصلاح، لكن دعاة الحرية سيظلون دائماً يحفرون اسمها وهم يناضلون في كل أنحاء المعمورة، وإن كان الوضع والظرف غير ملائم بل مؤلم جداً حيث الخراب والدمار والقتلى والجرحى والجوع والفقر. لكن للحريةِ ثمنٌ غالٍ.
أما في المغرب الذي طالما قيل عنه إنه استثناء وإنه تم فيه الانتقال الديمقراطي دون إراقة الدماء، فإن لسان الحال يقول غير ذلك، خصوصاً بعد إجهاض الثورة فيه باستعمال «مسكنات للتخدير وحبوب للهلوسة»، اسمها ثورة الصناديق والدستور الجديد.
إن المؤسف أكثر هو كون ثورة الصناديق هذه التي علقت بها آمال التغيير لم ترضِ الكثير من المغاربة، خصوصاً بعد أن تراجع حزب العدالة والتنمية عن وعوده للشعب الذي أوصله حيث هو، واختار النصرة والذود عن النهابين والمفسدين والعفو والصفح و«عفا الله عما سلف» فيما ليس له بحق. ليس لمثل هذا صوّت المغاربة وتراجعوا عن الاحتجاج على مطالبهم المشروعة. لكن فليحذر الذين يخالفون إرادة الشعب أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم. إذ ليس ثمة ما يمنع من ثورةٍ قد تأتي على الأخضر واليابس لا قدّر الله، بعد أن أصبح كل فرد يرى الثورة فرض عين ولم تعد فرض كفاية تحسب لحركة 20 فبراير وللأحزاب السياسية، وما أدراك ما الأحزاب.
إن ودّ ووفاء الشعب لا يمكن البتة كسبه بالعنف والمقاربات الأمنية ولا بالآمال والكلام المعسول، وإنما بالتنمية السوسيواقتصادية، وبالأفعال بدل الأقوال. ومن يدري قد يكون شعار الثورة المقبلة «الشعب يريد الحقيقة» بعد أن استفحلت الأكذوبات السياسية والوعود المشكوك فيها والتناقض في خطابات المسئولين، فواحدٌ يصف الوضع الاقتصادي بالمخيف، والآخر يطمئن ويصفه بالمريح.
لكن الحقيقة أحق أن تعلى وتكشف، والشعب وإن كانت غالبيته أميةً فهو واعٍ ويتلمسها كل يوم عند الخضراوات والجزار وسائق سيارة الأجرة وعند أداء فاتورات الماء والكهرباء والهاتف وغيرها. هذا إن لم يكن باحثاً عن العمل أو بالأحرى معطلاً.
لا يمكن بأي حال من الأحوال إخفاء الحقيقة، فالرئيس التونسي المخلوع الذي كان يمنع المسئولين عن التصريح بمعدل للبطالة يفوق 14 في المئة؛ والقذافي الذي ادعى «دوام الكراسي»؛ ومبارك الذي أقرّ بحب مصر وخدمتها. كل هؤلاء كذبوا، لكن ذلك لم يغنِ عنهم من شيء، فغادروا وما بكت عليهم السماء ولا الأرض وما كانوا من المُنظَرِين.
حتى يكون المغرب استثناءً كما أراد له الكثير، يجب وضع حد عاجلاً غير آجل لمجموعة من الأمراض والفورانات التي تغلي المجتمع وعلى رأسها أمراض العجز الديمقراطي والعجز المالي والتجاري.
إقرأ أيضا لـ "منبر الحرية"العدد 3756 - الثلثاء 18 ديسمبر 2012م الموافق 04 صفر 1434هـ
كلام سليم
كلام سليم ولكن لماذا لم تذكر البحرين؟
أوادم مب حيوانات
يريد يعاملونه مثل الأوادم مب مثل الحمير.
الشعب يريد العبودية = جزء من الشعب هذا مطلبهم
سبقتنا الامم الغربية كلها وبقينا نستقي منهم العلوم والتنكلوجيا وكل شيء عندنا مستورد والآن حتى ما بعد كادت ان تصيبنا عدوى الحرية والكرامة اصبح بعض ممن ادمن العبودية لا يريد الخروج من بوتقته
ديمقراطية
الشعب يريد ديمقراطية حقيقية
حرية
الشعب يريد حرية.