«الشجاعة هِيَ أهم الصِفات الإنسانية لأنها الصِفة التي تضمَن باقي الصِفات»، هكذا وجد أرسطو أن الإنسانية بكل ما بها تختزل في الشجاعة، في كون الإنسان قادراً على مواجهة الآخرين، ليس بقوته، بل بقيمه، قادراً قبل ذلك على مواجهة نفسه، ليعترف بشجاعةٍ بأخطائه تجاه ذاته والآخرين.
نعم، نحتاج للشجاعة اليوم كي نقول أن لا أحد سيخرج منتصراً في هذه المعركة، ونحتاج للشجاعة كي نعترف أننا أخفقنا، وجانبنا الصواب في كثير من الأمور.
إن العقل يحتم علينا الخروج بأقل الأضرار، وأقل الأوجاع، وأقل الذكريات السيئة، لكننا على العكس نمضي بشجاعة نحو مزيد من الانتهاكات، مزيد من الموجوعين والمتضررين، ومزيد من الخسائر التي لن تُعوض. نحن بحاجة للوقوف بشجاعة، للجماعات التي تتسلق على أوجاعنا، لنقول كفى، لقد آن الأوان كي نضمد جراحنا، ونعترف بما لنا وما علينا. الخوض في نوايا البشر ليس مهمتنا، لكننا سنلتزم بكل ما نتوصل إليه من قرارات ترضي غالبية الشعب.
الحوار الإعلامي لن ينقذ البلد، الشجاعة هي بالاعتراف بأن كل ما سبق لا يعدو مراوغات إعلامية جوفاء، وأن المنقذ من هذا المأزق الذي لم نبارحه منذ قرابة العامين هو الحوار الذي يهدف لإنقاذ الجميع، لا جزء منهم.
الشجاعة هو فيما قالته عضو مجلس الشورى بجلسة الاثنين، وفي تساؤلها المشروع: «وهل سيتم حوار أعور كما حصل في السابق»؟ إن الاعتراف بأن الحوار الذي أقام الدنيا ولم يقعدها لم يكن سوى توسيع لرقعة الوقت الضائع قد يجنب الشعب تكرار التجارب الهلامية في حلحلة الموقف.
لكل حراك ضريبته من التضحيات، علينا ألا ننسى أولئك الذين غادرونا، أثناء بحثنا عن وطنٍ أجمل، وأولئك الذين عُذبوا، وأهينوا، واعتقلوا، وأسكن الجهل أعماقهم رعباً. وأمام طاولة الحوار يجب أن نستذكر كل أولئك، كي لا نمضي من دون أن نحصد ما يحمي الناس من المرور مجدّداً بكل ذاك الرعب.
الشجاعة هي الاعتراف بالخطأ، وتقديم مشروعات حقيقية ملموسة لعدم تكرار الأخطاء، في فترةٍ ما أريقت كرامة إنسان هذا البلد، ويجب أن يكون الحوار لائقاًً باستعادتها مجدداً.
قد يظن البعض أن الحل هو في أن يفقد المتضررون ذاكرتهم، لتسير مسيرة الإصلاح والتطوير بعجلاتها الثقيلة فوق أشلاء أحبتهم. لأولئك نقول إن الرئيس أوباما حين نُصب رئيساًً لأقوى دولة عظمى لم ينسَ أن يمر في خطابه على أوجاع السود، وأن يذكر أن وقوفه في ذلك اليوم رئيساًًً للولايات المتحدة، هو انتصار لمعنى حرية العقيدة في الوقت الذي لم يكن والده قبل ستين عاماً ليحظى بخدمةٍ في مطعم بسبب لونه.
لا يدعو أحد في العالم المتحضر الناس لفقدان ذاكرتهم، كي يمضي الجميع بسلام. إن استمرار الذكرى ليست سبباً للانتقام، بل لضمان عدم تكرار الأخطاء، ولإحياء الضمير الذي قد ينزلق إلى أخطاء مروعة يدفع ثمنها ضحايا لا ذنب لهم.
نريد الشجاعة التي تنقلنا لمستقبل أفضل، من دون أن نخلق واقعاًً من الإنجاز الحقوقي والسياسي الذي لا أساس له. نحن بحاجة للاعتراف بأن حقوق الإنسان دُمرت في مرحلةٍ ما، وأننا قادرون على بنائها بالعمل والثقة لا بالتصريحات التي تشوه وجه الحقيقة والبيانات التي لا تعبر عن واقع الأمور. والعالم اليوم يحتفل باليوم العالمي لحقوق الإنسان نريد أن نلتحق بالمحتفلين لا بالبكائين على الإنسان.
إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"العدد 3750 - الأربعاء 12 ديسمبر 2012م الموافق 28 محرم 1434هـ
كلمات شجاعة
شكرا على شجاعتك في طرح الحوار بهذه الموضوعية، نحتاج لمثل هذا الوعي حتى نبني وطن للجميع.
لن يحترم الانسان البحريني
لن يحترم الانسان البحريني والحل الامني هو السائد وهو العلاج لكل شيء
جربت السلطة الحل الامني منذ السبعينات وظل يراكم على الوطن حمل ثقيل حتى انفجرت الناس مرة واحدة
وبدل من العلاج السليم هم بعد لجأنا للحل الامني بزيادة وكأن الجرعة السابقة غير كافية بدل من اللجوء الى الحل السياسي الاقل كلفة
فقدان الذاكرة
صدقت الكاتبة ، لا يجب ان ننسى من قام بهذه الفتنة فب بلادنا ومن انقلب على شركاء الوطن واعتبرنا طباله وبلطجية ، شكرا على التذكير
الإصرار على المضي في تدمير البلد بالحلّ الامني
الحلّ الأمني اوصل البلد الى هذه الحالة وسوف يوصلها الى حالة اردى بكثير من هذه الحالة اذا استمر الحلّ الامني المجرّب والذي جعل من الملفات تتراكم
مواطن بحريني صامد يأبى الذل والهوان (هيهات منا الذلة )
الكثيرين راحوا ضحية لأمزجة وأهواء مريضة ومتشبعة حتى النخاع بالكراهية والطائفية البغيضة - وهناك 120 شهيدا وشهيدة مضوا إلى ربهم يحملون ظلامتهم وظلامة الشعب الثائر المظلوم الذي تعرض لأبشع جرائم الحرب البربرية -ولم تسلم حتى مساجده ودور عبادته من قبل أوباش تبرأت منهم الإنسانية- الشهيد سلمان أبو دريس والسيد حميد المفوظ الساري والبوري -قتلوهم في الشوارع أيام قوانين أمن الدولة .....-وهم ماضون في طريقهم وغيرهم كثيرون قضوا وسجنوا وعذبوا بدون جرم- والكل يتهرب من تحمل المسئولية
تدمير حقوق الانسان
صدقت كم نحن بحاجة للاعتراف بأن حقوق الإنسان دُمرت وأننا قادرون على بنائها بالعمل والثقة لا بالتصريحات التي تشوه وجه الحقيقة والبيانات الفارغة.