العدد 374 - الأحد 14 سبتمبر 2003م الموافق 18 رجب 1424هـ

بيان الملك

عبدالله العباسي comments [at] alwasatnews.com

كان جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في مقدمة الحكام العرب الذين تنبهوا إلى خطورة القرار الإسرائيلي بإبعاد رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات. أدرك جلالته وهو يعلن في بيانه شجب هذا الموقف اللاإنساني الغوغائي، أن شارون بهذه الخطوة كأنه يريد أن يدقّ آخر إسفين في جسد «خريطة الطريق» لتلفظ آخر أنفاسها.

وحين سارع جلالته قبل غيره ببيان الشجب فكأنه يبعث برسالة إلى الاميركان قبل «إسرائيل» يقول لهم «إن ما يجري في الساحة الفلسطينية من تجاوزات وآخرها البدعة الضالة بالتهديد بطرد عرفات، أمر لا يمكن السكوت عليه، وقد تحملنا كل شيء ولكن (إلى هنا وبَسْ) لأن عرفات هو الرئيس الشرعي المنتخب من قبل الشعب (وراوونه شطارتكم يا الاميركان وصدقية كلامكم)». الرسالة كانت واضحة للاميركان الذين يعتبرون البحرين أقرب حليف خارج حلف الأطلسي، ومن هنا كان بيان الملك شديدا وواضحا، لأن بعث الرسالة إلى شارون كمن ينفخ في قربة مثقوبة أو يؤذن في مالطا.

لقد وصف جلالته قرار شارون بأنه انتكاسة للسلام في الشرق الأوسط والذي تسعى إليه البلاد العربية بجدٍّ وإخلاص، بل اعتبر القرار تحديا حقيقيا للإرادة العربية والإرادة الدولية في الوقت نفسه، وكان جلالته بهذا يدرك الإحساس الجماعي تجاه هذه القضية، وفعلا جاء الشجب أيضا من قبل الولايات المتحدة التي رأت فيه قرارا لا جدوى منه بقدر ما يضر بـ «خريطة الطريق». ولم يتخلف مجلس الأمن فقد جاء موقفه بموافقة شبه إجماعية على ردع الطغيان الإسرائيلي، ما يؤكد أن إحساس الملك كان في محله إذ إن أي عاقل غيور على السلام العالمي لا يمكنه أن يسكت على هذا المستوى من الفجور الإسرائيلي.

ولو لم يكن لبيان الملك تأثير إيجابي، ولو لم يكن له مفعول مؤثر لما دعا ذلك إلى أن تتعجل السلطة الفلسطينية على لسان اثنين من كبار مسئوليها، هما وزير الشئون الخارجية في السلطة الفلسطينية نبيل شعث ووكيل وزارة الإعلام أحمد صبح بأن يسارعا فورا لامتداح البيان ودعوة بقية الدول العربية إلى الإسراع بإصدار بيان مماثل لبيان الملك.

لقد توافقت إرادة جلالته وإرادة عدد من الجمعيات السياسية التي سارعت هي الأخرى إلى إصدار بيانات تندد بالعمل الإجرامي لشارون. ألا تعني المبادرة في مثل هذه القضايا العربية القومية الحساسة قيادة وشعبا من دون بقية البلاد العربية أننا أمام مرحلة يحس الطرفان كلاهما فيها بالإحساس نفسه ما يعني أن نقط التلاقي بين الشعب وقائده كثيرة بل كثيرة جدا؟

العدد 374 - الأحد 14 سبتمبر 2003م الموافق 18 رجب 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً