لاشك أن تقرير بسيوني كان فرصة ذهبية للخروج من «الأزمة» إلى «الحل والمصالحة» لكن الفرصة أضاعتها الحكومة بعد الخطوات المحبطة التي جاءت بعدها، بيد أن الصحيح أيضاً، أن قيمة التقرير أصبحت أكبر بعد أن اعتمدتها المراجعة الدورية في جنيف، وأصبحت المسئولية دولية في التحقيق في كل الجرائم التي وثقها التقرير في 600 صفحة، فيها قتل وتعذيب ممنهج وسجون وفصل وهدم للمساجد والتي ستبقى تشكل إدانات صارخة للحكم تنتظر التنفيذ والقصاص.
الفشل في تنفيذ التوصيات
لا يوجد شك أو جدل اليوم أبداً حول فشل السلطة في تنفيذ توصيات تقرير بسيوني بعد مرور سنة من صدوره في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، ولا نحتاج لعرض مفصل للتوصيات التي لم تنفذ بعد، فدول العالم الصديقة والحليفة قبل المعارضة الوطنية قد شهدت بذلك.
فالناطقة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند قالت في 10 نوفمبر 2012 «إننا قلقون من أن سنة واحدة قد شارفت على الانتهاء منذ تسليم تقرير لجنة تقصي الحقائق ورأينا فقط نصف التوصيات قد نُفذت والحوار لم يتحرك بعد بين الحكومة والمعارضة».
وقال جيمس ماكفرن نائب رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب الأميركي، إن تنفيذ توصيات بسيوني لم تتم، وخصوصاً المهمة منها وهي المحاسبة لجميع الرتب العليا، وإطلاق سراح سجناء الرأي وإصلاح البوليس ودمج الشيعة فيه.
وجاء في افتتاحية «الوشنطن بوست» في 10 نوفمبر 2012 إن البحرين وعدت بتنفيذ 26 توصية صدرت من لجنة تقصي الحقائق ولكن ذلك لم يحدث. وأضافت «إن التوصيات المهمة التي تم إهمالها هي عدم الإفراج عن سجناء الرأي، وعدم السماح بحرية التعبير، وكذلك الأحكام القاسية ضد قيادات المعارضة والأطباء التي قد تمت إعادة تثبيتها»!
بل إن مؤسسة مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط قد قامت بدراسة مفصلة عن التوصيات وخرجت بنتيجة مفزعة وهي أن ثلاث توصيات فقط من أصل 26 قد تم تنفيذها بالكامل. وهذا ما كشف عنه أيضاً تقرير منظمة العفو الدولية ذو الصفحات الثماني والخمسين من أن الإصلاحات المجزأة في البحرين قد فشلت في توفير العدالة لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان.
لا شك أن غياب التنفيذ للتوصيات مع استمرار الانتهاكات والاعتقالات قد قاد بالنتيجة إلى المزيد من الإحباط والاحتقان والتوتر.
فمن يتابع تسلسل الأحداث «المرفق» يرى بصورة واضحة أن الانتهاكات لم تتوقف حتى بعد صدور التقرير، فهناك استمرار للقتل كما حدث لصلاح وحسام وعلي نعمة مثلاً، وكذلك مطاردة النشطاء واعتقالهم مثل نبيل رجب، وتثبيت الأحكام العسكرية ضد الرموز والأطباء، ومن جهة أخرى يرى غياباً وتراخياً للمحاسبة والمساءلة، فلم تقدَّم ولا شخصية واحدة من الرتب العليا للمحاكمة، بل حتى الرتب الصغيرة من الشرطة تمت تبرئتها كما في قضية قتل علي المؤمن وعيسى عبدالحسن وحسام ونعمة وكذلك قضية تعذيب الصحافية نزيهة سعيد.
وفي هذا السياق اتهمت صحيفة «الواشنطن بوست» الحكومة بالتصعيد حين قالت «فبدل الإصلاح والحوار مع المعارضة فإن السلطة كانت أكثر قمعاً، ففي 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2012 منعت المظاهرات السلمية، وفي 7 نوفمبر 2012 أسقطت الجنسية عن 31 مواطناً». وفي تصعيد مقلق قالت الصحيفة إن خمسة انفجارات حدثت في المنامة قتل فيها اثنان.
ويرى ستيفن مايكل من معهد روسي في 13 نوفمبر 2012 «ما نراه أن هناك نمطاً متزايداً من الإحباط والعنف في المجتمع البحريني... بسبب فشل عملية المصالحة، وقال إن حالة المراوحة أعطت الفرصة للمتشددين وإننا سنرى مع الأسف مزيداً من العنف كنتيجة لغياب الحلول السياسية».
لا شك أن تصاعد الأحداث بهذه الطريقة والسرعة يعكس خطورة المشهد ويدفع الأمور لمزيد من التدهور والتعقيد وربما الانفلات قبل أن يكون بمقدور أيٍّ من الأطراف فعل أي شيء للحد من خطورتها.
ولعل المبادرة الملفتة التي طرحتها المعارضة من خلال وثيقة اللاعنف في 7 نوفمبر 2012 تُعبّرعن شعور بالمسئولية، وإحساس بخطورة الوضع، ومساهمة بالتأكيد لن تنجح إلا إذا تضافرت الجهود معها ورافقها حل سياسي جاد.
والغريب أن أهم التوصيات التي لم يستطع السيد بسيوني كتابتها في تقريره الرسمي، قد قالها في مقابلة حصرية مع إذاعة جامعة باول الإخبارية وأكد فيها أن إجراءات الحكومة بعد صدور التقرير كانت غير جادة.
في البداية كان التصور أن تنفيذ توصيات تقرير بسيوني يمكن أن يكون هو المدخل العملي للمصالحة والحوار والتوافق، ولكن بعد مرور سنة تبيّن أنه من دون وجود إرادة جادة في الإصلاح والحوار الحقيقي مع المعارضة، فلن يكون هناك تنفيذ فعلي للتوصيات وستبقى حالة المراوحة مستمرة قد تنفجر في أية لحظة مع الاعتماد على الحل الأمني فقط وخصوصاً أن انتهاكات حقوق الإنسان كانت نتيجة، أمّا الأصل فهو الإصلاح السياسي.
وهذ ما أكد عليه السيناتور الأميركي رون وايدن حين أشار إلى «أن الأسباب التي أدت للأحداث التي استمرت أكثر من 17 شهراً لم تحل أو تنجز»، وقال «إذا أضفنا إليها عدم تنفيذ التوصيات فالنتيجة ستكون مزيداً من العنف، وأن تمرير صفقات السلاح الأميركي يعطي رسالة خاطئة، وخصوصاً عندما يتم سحق آمال الديمقراطية ويُعتقل النشطاء السلميون وتُمنع المسيرات السلمية ما يدفع المعارضة نحو التطرف، وأن الوقت بدا ينفذ قبل الوصول لحل سياسي عادل».
فلا يتوقع أبداً أن الذي قاد الانتهاكات ممكن أن يقوم نفسه بالإصلاحات، ولا يمكن أن يكون هناك تنفيذ أمين للتوصيات من دون شراكة حقيقية وإصلاح يشمل أمناً للجميع وقضاء مستقل يحاسب المسئولين عن الانتهاكات.
وعبّرت لس كامبل عن نفس هذه القناعة حين قالت «إذا تحرك مسار الإصلاح السياسي سيتحرك مسار حقوق الإنسان».
وأضافت أن المطالب السياسية التي تطرحها المعارضة اليوم وهي مجلس منتخب له كامل الصلاحية وحكومة منتخبة ودوائر عادلة هي ليست جديدة، وهي نفسها التي طرحتها في العام 2002، وهي نفسها التي طرحها ولي العهد.
أمّا توم مالينوسكي فقد أكد أنه لا يوجد خطوات فعلية نحو الحوار، ليس لأن الحكومة قدمت عرضاً والمعارضة رفضت ولكن بسبب عدم وجود أي عرض جدي من الحكومة.
إن الهروب من الحوار الجاد رغم دعوات المعارضة المتكررة دليل واضح على عدم الجدية في تنفيذ التوصيات.
وإذا كان المجتمع الدولي قد عوّل كثيراً على نجاح مهمة السيد محمد شريف بسيوني والتزام السلطة البحرينية بتوصياته كبديل لتدخل الأمم المتحدة بفريق يحقق في الانتهاكات الفظيعة، فإن فشل هذه المهمة في التنفيذ بعد مرور سنة كاملة وبعد المراجعة الدورية في جنيف يتوجب على الدول الغربية بالخصوص، ممن لها مصالح حيوية، أن تعيد النظر وتساهم بصورة أكبر في دعم الديمقراطية في البحرين.
إن دعاة الديمقراطية في البحرين قد برهنوا بعد مضي سنة ونصف على أنهم مصرون أشد الإصرار في الاستمرار - بطريقة سلمية حضارية - رغم التحديات حتى يتحقق الإصلاح السياسي الذي يؤمن الشراكة والعدل والمساواة للجميع.
إقرأ أيضا لـ "عبدالجليل خليل"العدد 3725 - السبت 17 نوفمبر 2012م الموافق 03 محرم 1434هـ
البحرين بلد الغرباء
نشكر الله على كل حال واما بمصيبت حل مشكله البحرين,فاذا شاالله بعد حل قضيه فلسطين ونيل الشعب الفلسطيني حقوقه,فسوف تنالون أنتم حقوقكم, لأن أنتم تهرولون على المجتمع بما يسمى الدولى ومساند الحكومات الدكتاتوريه,هي الولايات المتحدة حليف المصالح الاستراتيجيه وهذا المختصر في هذه المنطقه وبنضرها هذه الانتفاضات التي تحدث في المجتمعات العربيه هي تهدد مصالحها بنضر هذه الحكومات ولابديل عنهاء لكي تحافظ على مصالحهاء وانشاالله كل يوم يقتل مأئه شخص فبمجرد شجب وأستنكار وانتها الامر
فشلتونة
رغم كل هذه المصائب التي ذكرت في تقرير بسيوني تتحبحبون للحوار العقيم الذي لن ينصف الشعب ولن يحقق طموحة
عبد الجليل خليل
بسيوني الذي تتشدق به الوفاق في كل المحافل ماذا قدم غير حبر على ورق وقد كان مخرج للحكومة من مأزق صعب وكل الفضل لكم في انجاح مهمة بسيوني .
والان وبعد الانتهاء من مهمة انقاذ الحكومة في التقرير نقول " دهبت ام عمر والحمار فلا عادت ام عمر ولا عاد الحمار"
لماذا جاء بسيوني ولماذا ذهب بسيوني
بسيوني واحدة من محاولات التضليل القائمة وقد جيء به للهروب من امر ما وقد انتهت مهمته بنجاح الهروب والتنصل من مسؤليات معينة.
وبما اننا نعيش في البحرين بلد اللجان وبلد التسويف والترقيع فلن ترى حلا يخرج البلد.
الحل الوحيد الذي ترى فيه السلطة المخرج من كل ازماتها هو الحل الامني وغيره لا تفكر فيه السلطة وقد عرفنا ذلك على مدى عقود من الزمن ولم ولن يتغير شيء في تعامل السلطة حتى الاساليب البالية عادت للظهور مرة اخرى وبعض الحرس القديم عاد يمارس دوره
القصد
هي وبكل بصاطة امتصاص غضب المجتمع الدولي
القصد
هي وبكل بصاطة امتصاص غضب المجتمع الدولي
التوصيات كان حاجة في نفس يعقوب وانتهت
لم نكن نحتاج لتوصيات او لمشخص من قريب ولا من بعيد ليأتي ويقول لنا ما هي المشكلة وما هو الحل ومن كان يظن ذلك فهو ساذج وكما يقول المثل ان كنت لا تدري فتلك مصيبة وان كنت تدري فالمصيبة اعظم. المشكلة في البحرين واضحة وضوح الشمس. ولا يمكن لعاقل ان يصدق ان في بلد تتفاقم فيه مشكلة بهذا الحجم ولا يعرف عنها كيف واين وهل هذا معقول اصلا