كم مرة حدث لك هذا؟ أنت جالس وتفكر في صديق، وفي اللحظة نفسها التي تفكر بها، يرن هاتفك، وإذا المتكلم هو الصديق الذي تفكر به، وتقول له: تصدق «هذه اللحظة، كنت أفكر بك».
كم مرة حدث لك هذا؟ أنت في مجلس تتحدثون عن شخص، وبعد لحظات وإذا الشخص الذي تتحدثون عنه، يدخل المجلس، وتقولون له: «قبل لحظة كنا نتحدث عنك».
هذه المواقف لا تحدث صدفةً، لأن جميع البشر حدثت لهم هذه المواقف، وتتكرّر باستمرار. والصدفة تحدث مرة واحدة ولشخص واحد أو اثنين، أما القوانين الكونية فتحدث لجميع البشر، وباستمرار. وهذه المواقف تحدث ضمن قانون حقيقي في الحياة.
الحقيقة، أن الأفكار لها ذبذبات أو موجات مثل موجات الهاتف، والعقل مثل جهاز الهاتف يلتقط ويرسل هذه الموجات. فعندما تفكر بشخص، عقلك يرسل ذبذبات، وعقل صديقك يلتقط هذه الذبذبات، وبالتالي يحاول الاتصال بك عن طريق الهاتف أو أية وسيلة.
هذا يحدث لا شعورياً، لو سألت صديقك لماذا اتصلت هذه اللحظة، سيكون جوابه، «لا أعرف»، لأن ذلك حدث لا شعورياً. وهناك محاولات لجعل هذه الأحداث تحدث شعورياً وبإدراك، وهناك تقنيات بشرية في هذا المجال.
هذه مقدمة، للحديث عن ساحة الأوضاع الأمنية والسياسية، فما يحدث حالياً في البحرين هو نتيجة الفكر العام (جميع الأفكار للأفراد سواءً كانوا في مؤسسات رسمية أو أفراداً عاديين). مثلا، شخص يفكر بقمع المحتجين، فإنه يرسل ذبذبات، تستقبلها بعض العقول، وتكون لها حرية الخيار إما أن تقبل الفكرة أو ترفضها. وشخص يفكّر بحرق الإطارات، فإنه يرسل ذبذبات، تستقبلها بعض العقول، إما أن تقبلها أو ترفضها. وقس على ذلك الكلمات المستخدمة، مثل: تعذيب، قمع، إرهاب، تفجير... إلى آخره من المفردات المستخدمة من جميع الأطراف، كلها ترسل ذبذبات إلى العقول، لتتجاذب مثل المغناطيس، المعتدل يجذب معتدلاً، والمتطرف يجذب متطرفاً، والمنافق يجذب منافقاً. هذا الإطار العام في حقيقته اصطفافٌ وبرمجة غير مرئية للساحة أمنياً وسياسياً.
وقد أشرت في مقال سابق لهذا المعنى، وقانون أن كل شيء تفكر فيه أو تركز عليه يزداد، عندما تركز على محاربة الإرهاب، فإن الإرهاب يزداد، مثل الرئيس الأميركي السابق جورج بوش وحربه على الإرهاب، التي أدّت إلى زيادة انتشار الإرهاب في العالم. وعندما تركّز على الازدهار، فان الازدهار يزداد مثل الرئيس الأميركي بيل كلينتون.
الحديث بكثافة في وسائل الاعلام عن تفجيرات (حتى لو كانت إدانة) ما هي إلا إرسال ذبذبات في الجو العام، تنتظر من يستقبلها، ويتقبلها.
كم مرة حدث لك هذا؟ هناك مشكلة، وفي هذه اللحظة صديقك يطرح عليك حلاً، تقول له: هل تصدق، نفس الحل الذي كنت أفكر فيه».
في حقيقة الأمر، إن عقلك عندما فكر بالحل، أرسل ذبذبات واستقبلها عقل صديقك، وطرحها عليك. في الوضع السياسي والأمني كل طرف يعطي ذبذبات للطرف الآخر. يمكن أن نفهم، أو نتوقع ما يمكن أن تتطوّر إليه الأوضاع أمنياً وسياسياً، من خلال الكلمات المستخدمة من قبل جميع الأطراف، فهي برمجة متعاكسة غير مرئية للساحة.
إقرأ أيضا لـ "عباس المغني"العدد 3718 - السبت 10 نوفمبر 2012م الموافق 25 ذي الحجة 1433هـ
عين العقل
كلام سليم وقمة العقل