من مفارقات الانتخابات الأميركية الأخيرة وإعادة فوز باراك أوباما بولاية رئاسي ثانية، انشقاق منطقة الشرق الأوسط إلى فسطاطين، فسطاط حاول بصعوبة إخفاء الفرح، وفسطاط حاول بصعوبة إخفاء الحزن!
والمفارقة أن الفسطاط الأول ضم الدول التي كانت تصنفها الولايات المتحدة بمحور الشر، وعدد من الحركات التي كانت تصنفها إرهابية، بينما ضم الفسطاط الثاني عدداً كبيراً ممن تصنفهم ضمن محور الحلفاء والأصدقاء!
في الفسطاط الأول تأتي كوريا الشمالية وإيران وسورية وفنزويلا، ويشمل أيضاً كوبا وروسيا والصين، فهذه الدول كانت على احتكاك دائم بمشاريع الهيمنة الأميركية، وتتأثر بما تشنه من حروب، وما كانت تطلقه من تهديدات طوال حكم جورج بوش. ويشمل هذا الفسطاط أيضاً حركات المقاومة في فلسطين ولبنان، اللتين اصطلتا بحربين مدمرتين شنتهما «إسرائيل» ووقف وراءها الأميركي بكل قوة وإخلاص!
أوباما كان صاحب فكرة سحب الجيش الأميركي من العراق وأفغانستان، وقد وعد ناخبيه بذلك وأوفى، والمرجح أنه لن يخوض حروباً كبيرة في المنطقة، بينما في المقابل منافسه ميت رومني كان يتهدد ويتوعد بشن الحروب، وشخصيته نسخةٌ أخرى لجورج بوش صاحب الحروب المقدّسة. وهذا هو سر الارتياح في هذا الفسطاط، الذي يشمل دولاً وحركات وشعوباً، تمتد من قارة آسيا إلى أميركا اللاتينية.
في شمال إفريقيا الوضع منقسم أيضاً، ففي دول الربيع العربي (مصر وتونس وليبيا) استبشروا بإعادة انتخاب أوباما، الذي تعاطى بطريقة إيجابية مع الحكومات الجديدة، وأعاد ترتيب العلاقات معها، وامتص حوادث الهجوم على سفارات بلاده على رغم شعوره بالصدمة ونكران الجميل، كما ألمحت وزيرة خارجيته هيلاري كلنتون. أما في بقية دول الشمال الإفريقي التي لم يمسسها الربيع العربي، فربما كانت تتمنى فوز رومني، أسوة بالدول المشرقية التي جاهدت لإخفاء غضبها من هزيمته.
اليمن نفسه انشق إلى فسطاطين أيضاً، الشعب الناقم على أوباما الذي توسع في استخدام الطائرات بدون طيار في القصف داخل حدود اليمن، أوقعت مئات القتلى والجرحى، والحكومة التي استبشرت بعادة انتخابه ليستمر التعاون الاستراتيجي والتكتيكي والجيوبولوتيكي مع الأميركان في الحرب على الإرهاب، التي انتهت رسمياً إلا على أراضي اليمن وأفغانستان و... باكستان! والأخيرة على رغم أنها من أقرب الحلفاء لأميركا، تحوّلت أراضيها إلى ساحة مستباحة للطائرات بدون طيار.
في سورية، حكومة بشار استبشرت خيراً بإعادة انتخاب أوباما، لمعرفتها بحرصه على تجنب الحروب والتدخلات، على الأقل في المدى المنظور، بينما شعر الجيش السوري الحر بالحزن، لمعرفته باستمرار سياسة تجنب الصدام، ولكن بعض المعارضين استغل المناسبة فهنأه بالفوز، وتوسّل إليه كحليف في المستقبل، بإعادة النظر في رفع مستوى الدعم المالي الحالي، وزيادة تصدير السلاح لتغيير المعادلة على الأرض.
في العراق فرحت الحكومة بإعادة انتخاب أوباما، فهي أكثر من عانى من تعجرف الإدارة الأميركية أيام جورج بوش. رومني يذكّرهم بإمكانية عودة تلك العجرفة من جديد. فقد يصحو يوماً ويعلن إعادة الجنود للعراق لتحقيق ما لم يتحقق من أهداف بوش!
المنطقة التي لايزال يهزها الربيع العربي، منقسمة إلى فسطاطين، حكومات تشعر بالخيبة لإعادة انتخاب أوباما، وشعوب لايزال يراودها الأمل بأن يصدق الأميركان في مواقفهم تجاه حقوق الإنسان ولو لمرةٍ واحدةٍ، ولا يقايضون دماء الشعوب ببراميل النفط.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 3716 - الخميس 08 نوفمبر 2012م الموافق 23 ذي الحجة 1433هـ
ما لا لنا علاقه
امريكا لا تحسب لأحد حساب ..ومن فاز فيها ..السياسيه واحده لكل الرؤساء وخاصه نحو الشرق الأوسط ..والأمثله كثيره من زماااااااان ..
الرصاصي
أتفق تماما مع كل ما جاء في المقال انه تحليل سليم ومنطقي ولا يقبل اي نقاش ما شاء الله عليك يا أستاذ قاسم حسين محلل سياسي رائع وفقك الله دوما
علي نور
تحية لك وشكرا على المقال الرائع ..
كلام جميل جدا .. جدا .. عرفنا مواقف الكل ، الفسطاطين , اوروبا وشمال افريقيا وجنوب اسيا ومصر وليبيا وكوريا والصين وروسيا وايران واليمن و قارة آسيا و أميركا اللاتينية..
لكنك لم تخبرنا عن رايك انت ,, انت وين رايك .. وين راي د.منصور من الدعفسه هادي كلها ؟؟
لا حول ولا قوة إلا بالله
من كلامك سيدنا أن مصير الشعوب والحكومات يبدو أنه لا زال ولن يزال في المستقبل المنظور على الأقل هو بيد الأمريكيين وهؤلاء لا ينظرون إلا لمصالحهم سواء كانت لدى الشعوب أيدوها وضغطوا على الحكومات وإن كانت بيد الحكومات قمعوا الشعوب وسلحوا الحكومات ولن ينتهي هذا الأمر إلا بإفاقة الجميع من غفوتهم فما حك جلدك مثل طفرك فتول أنت جميع أمرك .
اصدقوا مع الناس
في العراق فرحت الحكومة بإعادة انتخاب أوباما، فهي أكثر من عانى من تعجرف الإدارة الأميركية أيام جورج بوش. رومني يذكّرهم بإمكانية عودة تلك العجرفة من جديد. فقد يصحو يوماً ويعلن إعادة الجنود للعراق لتحقيق ما لم يتحقق من أهداف بوش!
ليس هكذا ياسيدي ... هو من اوجد الحكومة العراقية؟ اليس بوش نفسه. ومن جاء بالجكومة العراقية اليس الجنود الامريكان؟...... ارحموا الناس ولاتقفزوا فوق الحقائق رحمكم الله
ما ادري ليش البعض يهتم للانتخابات الامريكية وكأن تبديل وتغيير الرئيس راح يغير شيء.
السياسة الامريكية هي هي جاء هذا وذهب ذاك وانا اقول لا يستحق الامر اي متابعة ولا اهتمام
فقط وفقط عندما
وبحسب ما اعلنه فى خطابه بعد فوزه قال حرفيا انه يتجه بدولته"العظمي" فى المستقبل المنظور بالاستغناء عن الحاجة الى النفط الخارجي فعندها اذن لمن يتخلي الغرب اجمع وعلى راسهم سام العم عن النفط النقمة سوف يصدق لمرة واحدة بانه(هم) سيتغير مواقفهم بمقايضة حقوق الانسان الشرق اوسطي بمزابل براميل النفط .....
الأمة مشلوخة الى فسطاطين بل مجموعة من الفساطيط
فس_طاط مع اوباما و فس_طاط ضد اوباما و فس_طاط مع الذين يؤيدون اوباما ولا يؤيدون هم أوباما و فس_طاط ضد اوباما وضد من بؤيدون اوباما و فس_طاط ضد اوباما و ضد من مع اوباما وفس_طاط ......... الخ
أوباما روومني
كلاهما شر مطلق وإن اختلفت السياسات