العدد 371 - الخميس 11 سبتمبر 2003م الموافق 15 رجب 1424هـ

الصحف الأميركية: بوش «الوقح» يستجدي ويغيّر خطابه بشأن العراق

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

أثارت الصحف الأميركية خطاب الرئيس الأميركي جورج بوش، إلى الشعب الأميركي في 8 سبتمبر/أيلول، الذي أعلن فيه انه سيطلب من الكونغرس الموافقة على مبلغ 78 مليار دولار لإنفاقها في الحرب على ما يسمى بالإرهاب في العراق وأفغانستان وإعادة إعمارهما. وطالب فيه أيضا دولا أخرى بما فيها تلك التي عارضت الحرب على العراق بتقديم المزيد من القوات والمال لدعم هذه الحرب.

ووسط المعركة السياسية والدبلوماسية الرئيسية عن مستقبل العراق التي تدور حاليا في أروقة الأمم المتحدة بين الولايات المتحدة من جهة وفرنسا وألمانيا من جهة أخرى لاحظ الجميع ان الدولتين تسعيان إلى إنهاء الدور الأميركي المهيمن على الشئون السياسية والنفطية والاقتصادية وإعادة الإعمار في العراق...

ولاحظ المحللون الأميركيون أيضا لهجة مختلفة للرئيس الأميركي في التعاطي مع الملف العراقي بعد أن واظب على ممارسة «أحاديته» في شن الحرب على العراق بحسب افتتاحية «نيويورك تايمز»، التي رأت في ملاحظة فريدة من نوعها، ان تحميل الرئيس بوش، الدول الأعضاء في الأمم المتحدة المسئولية، حين استخدم في خطابه كلمة «مسئولون» حيال تقديم المساعدة للولايات المتحدة، هو «موقف وقح من الرئيس الأميركي نظرا لأنه تجاهل القلق الذي كان قد أبدوه حيال الحرب على العراق، وواظب على ممارسة أحاديته في التعامل مع المسألة العراقية». في حين لاحظ البعض على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، محاولة عربية لفك الارتباط بين الأميركيين والمسئولين العراقيين الحاليين، عبر ما أسماه وليام سافير في «نيويورك تايمز»، أمل عربي في بقاء العراق، عضوا في منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبيك»، وضمان استمرار دعم العراق للفلسطينيين ضد «إسرائيل». وأكد سافير، انه في حال تنازل بوش، عن السيطرة على العراق إلى الأمم المتحدة، فإن الأمل في بقاء العراق في منظمة «أوبيك» وفي استمراره في مساعدة الفلسطينيين قد يتحقق. كما ان بإمكان العرب عند ذلك تحقيق أمور عدة أخرى.

وعرض دان بليز في «واشنطن بوست» قراءة للخطاب المتلفز للرئيس بوش، إلى الشعب الأميركي. ولاحظ أولا ان الوضع في مرحلة ما بعد الحرب في العراق، يتطلب مالا ووقتا وتضحيات أكثر مما توقعه بوش، نفسه قبل الحرب. ورأى بليز، ان «النزاع» الذي كان يتحدث عنه بوش، في خطابه خطير جدا ولا يمكن حلّه باللجوء فقط إلى القوات الأميركية والتكنولوجية المستعملة حاليا في العراق. ولاحظ بليز، أيضا ان بوش، كان حادا جدا في خطابه حين تطرق إلى التحديات التي تواجه الولايات المتحدة في العراق وعلى مستوى الحرب على «الإرهاب». كما انه ظهر كعادته حازما في ما يتعلق بإجراء تغيير في منطقة الشرق الأوسط التي هي برأي بوش، المصدر الأول لـ «الإرهاب». وأشار بليز، إلى ان بوش، على رغم كل الحزم الذي بدا عليه، ظهر الرئيس الأميركي فجأة وكأنه يستجدي المساعدة من الأمم المتحدة ومن معارضي الحرب على العراق، مع انه مدرك تماما ان هذه الدول لن تقبل المشاركة في إحلال السلام في العراق، من دون أن تحصل على حصتها من الصلاحيات الاقتصادية والسياسية في العراق. ولاحظ بليز، إلى جانب ذلك ان بوش طالب الأمم المتحدة، بدور أكبر في العراق، وكأنه يعلن عن ذلك ولا يستشير الدول الأعضاء في الأمم المتحدة للعب دور في العراق. فهو قال «الدول الأعضاء في الأمم المتحدة مسئولون» وشدد على كلمة «مسئولون». أما في ما يتعلق بالأسباب التي دفعت بوش، إلى تغيير «نوع» خطابه في شأن «عراق ما بعد الحرب»، فهي - بحسب الكاتب الأميركي - تعود إلى تراكم جملة حوادث: أولها التفجيرات الأخيرة وما أسماه «الاعتداءات» المتواصلة على الأهداف الأميركية والعراقية على حد سواء. وثانيها عدم قدرة قوات التحالف على تأمين الاستقرار الأمني في العراق نظرا إلى عددها غير الكافي. وثالثها ارتفاع كلفة إعادة إعمار العراق، والانتقادات التي توجه إلى بوش، وتؤكد بأنه يأخذ الولايات المتحدة نحو ورطة حقيقية في العراق. ورابعها عدم اكتشاف أسلحة الدمار الشامل العراقية التي كانت الذريعة الأولى لشن الحرب على العراق. ملاحظا ان بوش لم يتطرق إلى الموضوع ولم يلحظ في خطابه أي تطور في عملية البحث عن هذه الأسلحة في الفترة الراهنة. إلاّ ان بليز، استدرك قائلا ان الأمر لا يتعلق فقط بالحوادث والتطورات الآنفة الذكر بل بالضغط الذي يستمر أعضاء الكونغرس في ممارسته على بوش، ودعواتهم المتكررة له بإبلاغ الأميركيين الحقيقة في ما يتعلق بالعراق وما يحصل بالضبط في هذا البلد. إلى جانب مطالبة الكونغرس بوش بالإفصاح عن السياسة التي تتبعها إدارته في فترة ما بعد الحرب. على صعيد آخر، لاحظ بليز ان بوش، بدا وكأنه في حال الدفاع عن سياسته في العراق كما في الولايات المتحدة. إلاّ انه رأى ان قوة بوش، كزعيم حرب تتخطى بكثير قوته كرئيس يسهر على مصالح شعبه في الداخل. إلى ذلك رجح بليز، أن يحصل بوش، على مبلغ الـ 78 مليار دولار الذي سيطلبه من الكونغرس لتغطية تكاليف عملية إعادة إعمار العراق، إلاّ انه توقع أن يدفع الرئيس الأميركي ثمن ذلك «من دون توضيح نوعية الثمن» خصوصا وان عجز الموازنة الأميركية يصل إلى 005 مليار دولار.

وتناولت «نيويورك تايمز» في افتتاحيتها خطاب الرئيس الأميركي جورج بوش. فلاحظت في البداية ان الإدارة الأميركية أقرّت أخيرا وعلى لسان رئيسها انها غير قادرة منفردة على إحلال الأمن في العراق، وانها بحاجة ماسة إلى مساعدة الأمم المتحدة في هذا البلد.

ورأت «نيويورك تايمز»، في ملاحظة فريدة من نوعها، ان تحميل الرئيس بوش، الدول الأعضاء في الأمم المتحدة المسئولية، حين استخدم في خطابه كلمة «مسئولون» حيال تقديم المساعدة للولايات المتحدة، هو موقف وقح من الرئيس الأميركي نظرا إلى أنه تجاهل القلق الذي كان قد أبدوه حيال الحرب على العراق، وواظب على ممارسة أحاديته في التعامل مع المسألة العراقية. وطالبت الصحيفة الأميركية إدارة بوش بالتفاوض مع فرنسا وألمانيا وروسيا، بواقعية بشأن مشاركة هذه الدول في قوات حفظ السلام في العراق. وتقديم المساعدة المالية لإعادة إعمار هذا البلد. وفي عودة لخطاب بوش، أشارت «نيويورك تايمز»، إلى انه نظرا إلى أن الأميركيين لم يكتشفوا بعد أسلحة دمار الشامل العراقية، كان يجدر بالرئيس الأميركي أن يوضح للشعب الأميركي سبب دخول القوات الأميركية إلى العراق. وأشارت الصحيفة الأميركية، إلى ان ثمة أسبابا كثيرة تحتّم على الولايات المتحدة، أن تستمر في التزامها بالعراق، وهي أسباب قد تقنع الرأي العام الأميركي بمواصلة الحملة الأميركية لحل الأزمة في هذا البلد، إلاّ انها اعتبرت ان وصف الرئيس الأميركي الدائم أعضاء حزب البعث العراقي وعناصر المقاومة العراقية بأنهم «إرهابيون» يبدو وكأنه يهدف إلى تشويش الرأي العام الأميركي أكثر منه إقناعه بأهداف الحملة الأميركية في العراق. وعلّقت الصحيفة الأميركية إلى جانب ذلك، على طلب بوش، من الكونغرس مبلغ 78 مليار دولار بالقول انه من غير الصائب أن يذهب القسم الأكبر من هذا المبلغ إلى المسائل العسكرية الاستخباراتية وأن يخصص قسم بسيط من المبلغ لإعادة الإعمار لأن ذلك يتعارض على حد قول «نيويورك تايمز»، مع النداءات المتكررة لإصلاح البنية التحتية العراقية.

وكانت «واشنطن بوست»، قد أوردت في خبر افتتاحي استنادا إلى استطلاع للرأي أجرته أخيرا، ان 7 من أصل عشرة أميركيين يعتقدون ان صدام حسين، اضطلع بدور ما في اعتداءات 11 سبتمبر/ أيلول على رغم تأكيد الإدارة الأميركية والمحققين الأميركيين التابعين للكونغرس بأن ما من دليل على علاقة صدام بحوادث 11 سبتمبر. وأشارت الصحيفة إلى ان 96 في المئة من الأميركيين الذين شملهم الاستطلاع يرجّحون أن يكون صدام متورطا في الاعتداءات على مركز التجارة العالمي والبنتاغون. واستغربت الصحيفة الأميركية هذا الاعتقاد على رغم إدراكهم ان غالبية منفذي 11 سبتمبر كانوا سعوديين.

ورأت الصحيفة استنادا إلى خبراء في الشأن العام، ان اتهام الأميركيين لصدام، بالتورط في حوادث 11 سبتمبر، نابع من عدم ثقتهم فيه وكرههم العميق له واعتقادهم بأنه مصدر العنف في الشرق الأوسط. مضيفة ان هذا الانطباع قد عززته تلميحات سابقة للرئيس بوش، عن علاقة محتملة بين صدام وبن لادن. وعلّقت الصحيفة الأميركية على نتائج الاستطلاع بالقول إن هذه النتائج تفسّر استمرار الأميركيين في دعم الحملة الأميركية في العراق، وخصوصا انها تهدف إلى التخلص من صدام حسين، الذي يعتبرونه المسئول عن اعتداءات استهدفت عمق المجتمع الأميركي.

ولاحظ وليام سافير في «نيويورك تايمز»، انه في الوقت الذي تركز فيه الولايات المتحدة جهودها لصدّ المحاولة الفرنسية الألمانية لانتزاع السيطرة على العراق من أيدي من وصفهم «محرري العراق» الأميركيين، ثمة عناصر من العالم العربي تسعى إلى التأثير على الحكومة التي أقيمت في العراق. موضحا ان الجامعة العربية ستنظر في قرار دعوة وزير الخارجية العراقي ليمثل العراق في الاجتماع الوزاري العربي.

وتساءل سافير، عن السبب الذي يدفع من أسماهم الدكتاتوريين العرب إلى عدم تقبل أية تجربة ديمقراطية في المنطقة؟ وإذ رأى ان الولايات المتحدة، تشجع على الاعتراف بالحكومة العراقية، قال إن الدول العربية قد ترغب في مسايرة عراقيي ما بعد صدام، أملا في بقاء العراق، عضوا في منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»، وضمان استمرار دعم العراق للفلسطينيين ضد «إسرائيل».

وأكد انه في حال تنازل بوش، عن السيطرة على العراق إلى الأمم المتحدة، فإن الأمل في بقاء العراق في منظمة أوبيك، وفي استمراره في مساعدة الفلسطينيين قد يتحقق. كما ان بإمكان العرب عند ذلك تحقيق أمور عدة أخرى.

يذكر ان سافير، وكثيرين من المحللين الأميركيين كانوا قد رجحوا قبل الحرب على العراق أن يتخذ الأخير بعد الحرب قرارا في شأنِ البقاء في المنظمة أو مغادرتها (العراق أحد الأعضاء المؤسسين لـ «أوبك»)، فيما إنتاجه لن يتعدى 3 ملايين برميل يوميا لنحو سنتين في ظروف أمنية جيدة، نظرا للحال المتداعية لبنيته التحتية. وقد أبدى كثير من المحللين العرب تخوفا من أن يصبح العراق حصانَ طروادة بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فواشنطن ربما تشجع على إغراقِ سوقِ النفط العالمية لتتراجع الأسعار بهدف تحفيز النمو في الولايات المتحدة. كما ان الأسعار المنخفضة والأكثر استقرارا هي إحدى الفرص بالنسبة إلى الولايات المتحدة لتعويض نفقات الحرب.

العدد 371 - الخميس 11 سبتمبر 2003م الموافق 15 رجب 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً