العدد 3707 - الثلثاء 30 أكتوبر 2012م الموافق 14 ذي الحجة 1433هـ

الكرامة وانفصام بعض الشخصيات

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ماذا يعني من الناحية السيكولوجية، أن يعيد نائبٌ سلفي بحريني سابق في صفحته على «تويتر» تدوير كلمةٍ تتحدّث عن شيء أهم من المال والرفاهية؟

التغريدة تقول: «هناك شيء أهم من المال والرفاهية اسمه الكرامة ترضعها الأمهات الحرائر للأبناء الأحرار منذ ولادتهم لا يعرفها عبيد الدينار»، لنائب رئيس «حزب الأمة» السلفي الكويتي.

في موقعه الرسمي، إشارةٌ إلى ورشة في علوم السياسة تحت عنوان «الثورة والمشروع السياسي الإسلامي»، نظّمها في الكويت ومصر وليبيا واسطنبول العام الماضي. وهناك إشارةٌ لبعض مؤلفاته مثل «الحرية أو الطوفان»، و «تحرير الإنسان وتجريد الطغيان»، يمكن أن تضعه في قائمة الكتّاب المدافعين عن الحرية. وفي «غوغل» إشارةٌ إلى أنه عضو في كلٍّ من «جمعية الكرامة لحقوق الإنسان»، و «المنظمة العربية للحريات والحكم الرشيد». وعليه فلا تستغرب أن تقرأ له مثل هذه التغريدة التي تنسجم مع جوه العام... لكن الاستغراب ممن يعيدون تدوير فكرته وهم على طرف نقيض مع هذا الجو، لغةًً وفكراً ومواقف سياسية منذ عقود.

من ناحية اللغة، ليس مألوفاً في القاموس السياسي للأصالة - التي مثّلها النائب سابقاً - كلمات مثل «الكرامة»، و «الأمهات الحرائر» اللائي يرضعنها «الأبناء الأحرار منذ ولادتهم»، ولا حتى مفردة «عبيد الدينار». مثل هذه المفردات لا ترد في القاموس السياسي للأصالة (السلفية) أو المنبر (الإخواني)، وتكاد تقتصر على خطاب القوى والتيارات المعارضة تاريخياً.

هذان التياران الدينيان في البحرين تميّزا بمواقف سياسية محافظة، وجمعتهما علاقة تحالف شبه استراتيجي مع الحكم، واستفادا مادياً من هذه العلاقة الحميمة، وخصوصاً في العقد الأخير، وعلى الأخص بعد أحداث الرابع عشر من فبراير 2011. وبينما دأبت القوى الوطنية والإسلامية الأخرى على انتقاد تمكين هذه القوى من رقبة الدولة ومؤسساتها، فإن التبادلية النفعية باتت أكثر وضوحاً في العامين الأخيرين. من هنا يأتي الاستهجان لإعادة تدوير فكرة تتكلّم عن «عبيد الدينار»، باعتبارها خارج السياق التاريخي المعروف لهذه الجماعات الدينوسياسية.

إن الاستشهاد بفكرة تتكلم عن وجود شيء أهم من المال والرفاهية اسمه الكرامة لا يتسق مع سياق القبول بأن تكون تابعاً متماهياً مع مشروع أي سلطةٍ سياسيةٍ، يكون لها سلطة الأمر والنهي على التابعين، إلى درجة الارتهان التام، كما دلّت التجربة البرلمانية لهذه القوى خلال السنوات العشر. درجة من الارتهان حملت تياراتٍ دينيةً على السكوت عن عمليات هدم عشرات المساجد الإسلامية في بلد عربي، يدين تسعةٌ وتسعون في المئة من سكّانه بالإسلام. والأسوأ من ذلك أن ينبري بعض رموز هذه التيارات لتقديم تبريرات لما حدث وباسم الدين، بينما يدينون قصف مئذنة مسجدٍ في بلدٍ آخر.

إن الكرامة لا تستقيم مع تأجير المواقف وحالات الارتهان والتبعية السياسية. الكرامة كلٌّ لا يتجرأ، فتطرب لها في بلدٍ بعيدٍ وترفضها في بلدك وتنتفض غضباً حين يطلبها أبناء وطنك. هذه يسمونها ازدواجيةً طائفيةً في المعايير وانفصاماً شديداً في الشخصية.

الكرامة مطلبٌ أساسي لجميع شعوب الأرض، وهي لا تقبل عمليات القسمة أو الطرح والضرب، ولا التمييز على أساسي عرقي أو عنصري أو مذهبي. فالكرامة إمّا أن تكون للجميع، وإمّا أن يكون الجميع ضحايا الاستبداد والتمييز.

أخيراً... لا كرامة لمن يقبل التمييز ضد غيره والانتفاع من سياسات الإقصاء والاستئثار.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3707 - الثلثاء 30 أكتوبر 2012م الموافق 14 ذي الحجة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 29 | 4:13 م

      محرقية

      مبدع يا استاذ والله مبدع ... وانا سنية ومن قلب المحرق والله انا سنية اشكثر احب كتابتكم واسلوبك الراقي في الكتابة

    • زائر 28 | 12:49 م

      أبلغ تعريف لهؤلاء الجماعة

      شكرآ يا سيّد سدّدتها فعلآ فى الصّميم وهي (( الدّنيو سياسيّه )) يعني لا مبادء ولا شرع اسلامي ولا هم يحزنون دنيا وبس .

    • زائر 26 | 10:07 ص

      bahraini

      al sallam alikum

    • زائر 27 زائر 26 | 11:55 ص

      وعليكم السلام

      ورحمة الله و بركاته

    • زائر 25 | 9:59 ص

      ردا على المعلق "المسامحة"

      ياخي العزيز من الواضح فى التعليق انك خارج هذا العصر او من كوكب اخر عن الارض بعد اكثر من سنة على هدم المساجد وحرق القران الكريم وبعد تصريحات المسوءلين في ادارة الاوقاف بالبحرين وتقرير الدكتور محمود بسيوني ان الدولة سوف تقوم ببناء بعض المساجد المهدومة وانت لاتزال تقول انها ماتم وليست مساجد اين العقل والتفكير ياخي العزيز ليس المهم ان تدافع حتى على الباطل وتكون مسئول امام الله والقابل والمدافع كالفاعل مع الشكر

    • زائر 23 | 8:50 ص

      الحق واضح

      يقول الإمام علي (ع) : الولايات مضامير الرجال ز ويقول ابنه الحسين : الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنته......... فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون

    • زائر 22 | 7:52 ص

      من قال أن عندهم كرامه؟؟

      لقلقة لسان و بهرجة أعلامية ليماشوا التيار و الا هم أبعد عن الكرامة كبعد كوكب بلوتو عن الشمس

    • زائر 21 | 5:45 ص

      ابوحسين

      ياخي العزيز ليس من العدل والانصاف ان ينسب الى الاسلام العظيم انه يدعوا
      الى العبودية و الاستعباد لكن مع الاسف ان بعض السلف يطلب من الناس ان يكون بدون اي كرامه و الاسلام الحقيقي السني والشعي يقول يجب ان تكون عبدا
      للاه فقط حيث يقول الخليفة عمر بن الخطاب (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا) كما يقول الامام علي (لا تكن عبدا لغيرك وقد خلقك الله حرا) هذا هو السلف الصحيح عن الشيعة والسنة

    • زائر 20 | 5:35 ص

      خذ وخل

      ياأستاذ لاتستغرب في هذا العصر من عالم دين او من شيخ درس حفظ كم سورة من القران الكريم وجاء يبرر ماكان يفعله أمس ويحرم ما لايستطيع الحصول عليه اليوم,هذا حالهم المعروف عنهم السير وراء المصالح وهم يتكيفون مع الواقع,مثل الموظه.فليش تستغرب.

    • زائر 18 | 3:13 ص

      هم لا يؤمنون بالكرامة كمبدأ ولكن يؤمنون بما يحقق لهم مصالحهم فقط

      التيار السلفي نادرا ما يتحدث عن الكرامة في خطاباته وفي ادبياته وهذه حالة نادرة ان يتفوه نائب سلفي بهذا الكلام وانا ارى ان وراء الاكمة ما وراءها من هذا الكلام.

    • زائر 17 | 3:13 ص

      أيسكريم وكرامه لا تسايس

      ليس في كرة القدم ولا كرة السلة مشكلة تحتاج الى معالجات أو غيره. فقد لا تعتبر من البديهيات أو من المسلمات بأن السلة والذلة تشبه الترهيب والترغيب. فكلا هما مذلة للإنسان وكلاهما إما إغواء أو تهديد وبها تتفشى ظواهر كثيرة مثل الغول والغاوي والغاويات...
      فهل السلة تشبه الذلة أم أم الترغيب والترهيب من العملات الناذرة؟

    • زائر 16 | 3:01 ص

      الكيل باكثر من مكيال

      اعرف من تعني و قد كانت له تغريدة اعقبت تعليقكم يصفون فيها الاخرين بالغباء لفقدهم الاصدقاء و الحلفاء عوضا عن اكتسابهم و هو يعتبر نفسه من المعتدلين الذين يستحقون الاشادة و الامتنان. و تعقيبا على الزائر رقم 3 اقول له: نعم هو دهاء في التلاعب بادوار الخير و الشر، الطيب و الشرير حتى يستطيعوا التلاعب بعقول و افئدة الناس ليتمكنوا منهم و جعلهم تحت سلطانهم.
      يحكم الله بيننا والله خير الحاكمين

    • زائر 15 | 2:50 ص

      لو كانت هناك ذرة كرامة,,,,,

      لوجدناها من "السادة" النواب عندما مسحت "الوزيرة"الموقرة بهم,,, بلاط المجلس و ما جاورة من رصيف الشارع العام,,,,

    • زائر 13 | 2:17 ص

      بوركتم سيدنا...

      سبحانك يارب ،لقد صفقوا وزغردوا حينما قتل من ابناء هذا الشعب المطالب بالكرامة والعدل والمساواة ،لكن حينما وصلت الى السلف الصالح والاخوان فهناك لا يكون ولي الامر واجب الطاعة ،تبا لهذه الشخصيات التي لا تريد ان تخسر منصب او دينار فضلا عن قطرة دم
      نعم كونوا أحراراً يا عبدة الدنيا ....

    • زائر 12 | 2:04 ص

      هدم المساجد

      مسامحة استاذي الغرفة التي هدمت في البحرين ليس بها مأذنه وانما بنيت للمآتم وليست للصلاة فهناك فرق

    • زائر 10 | 1:19 ص

      أحسنت

      بالتأكيد هم يقرأون هذا المقال، وعدم ارتداعهم عن سلوكهم دليل على مصداقية المقال..تباً لهم.

    • زائر 19 زائر 10 | 3:17 ص

      فعلا تبا لهم ولكن.....

      فعلا تبا لهولاء الذين مازالوا يحاولون ان يتشدقوا بمبادئ هم بعيدين كل البعد عنها.
      ولكن بالمقابل تبا لمن يسمي الحراك قي البحرين حراكا ثوريا او حراك من اجل الحريه والعداله وياتي علي سوريا وعلي ثورتها وينعتها بالوهابيه والتكفريين او انها مدعومه من الغرب وبل يتشفي وبصلافه غير محدوده بالشهداء وبل يدعوا النظام الظالم هنا ان يزيد بطشه وارهابه وفرق بين من يتكلم عن الكويت الان والمعارضه هناك بشي يختلف عن البحرين فقط لانها لا تخدم طائفيتهم السياسيه والمذهبيه.

    • زائر 9 | 1:16 ص

      قوية

      وش سويت يا استاذ!
      فعلا قوية

    • زائر 8 | 12:42 ص

      صح لسانك سيدنا

      المنطقة تحت فوهة بركان ... من جانب هناك ثورات شعبية و حراك سياسي كبير يعم المنطقة ... و من جانب هناك تحرك إخواني خلف الكواليس لركوب أمواج الربيع العربي .. و الثالث هناك تحرك سلفي بدأ يظهر للسطح لاغتنام الفرصة قبل الإخوان ... و من جانب رابع الصراع الإيراني الصهيوني و حلفائهما في المنطقة و تصاعد حدته ... و من جانب آخر المنطقة مقبلة على أزمة مالية عالمية جراء الكوارث الطبيعية و الأزمات المالية كما في منطقة اليورو .. ما نقول إلا الله يستر

    • زائر 7 | 12:29 ص

      العبد يظل عبدا وان بدل جلده

      المتمصلحون الذين لا يبالون من هذه الدنيا بغير المنفعة الذاتية لا يغرنك تقلبهم في البلاد. هم كالحرباء تتلون وتتجمل بما تقتضيه المصلحة، فلا يهم القضاء على الاخوة والقربى والجيرة، شعارهم في الحياة " أنا ومن بعدي الطوفان". الميكافيلون الجدد.

    • زائر 6 | 11:49 م

      المواقف هي التي تثبت الرجال والرجولة لكن

      الرجل لا بكلامه وانما بفعله وعمله عند الحديث الكل ملائكة وعند الفعل والعمل
      شياطين ذلك هو التناقض وذلك هو النفاق
      حاكموا الناس على مواقفهم لا على كلامهم ولو طبقتم ذلك لسقطت اسماء
      تلبست باثواب الملائكة

    • زائر 3 | 10:50 م

      حمورابي

      إنفصام ؟ ربما !
      مرض ؟ ربما !
      شعوذة ؟ ربما ! إنتهازية ؟ ربما ! عدم وضوح الرؤية ؟ ربما !
      خوار وضعف وقلة حيلة ؟ ربما !
      و ربما يكون نوع من التداهي والمكر ياسيدي ، فعندما تدفع وتحفز الطرفين الآخرين للإحتراب و التصادم أملاً في إضعافهما وانهاكهما فأنت تعمل على تشكيل الظرف المناسب للإنقضاض على كليهما. هذا المبدأ تم تجريبه على العراق وإيران وجاء للعاملين عليه بنتائج عكسية !

    • زائر 2 | 10:35 م

      في الصميم

      صباخ الخير سيدنا. مقال قوي. ..يقال اعرف الحق تعرف اهله..صراحة شكله اليوم بتولع والله يستر من الردود فعل ..ولكن اعرف انت مع الحق فلا تخف ان الله معنا

    • زائر 1 | 10:30 م

      صح لسانك

      صح لسانك سيد لا كرامه لمن عبد الحاكم و الدينار .

اقرأ ايضاً