العدد 3700 - الثلثاء 23 أكتوبر 2012م الموافق 07 ذي الحجة 1433هـ

العنف في البحرين بين البيضة والدجاجة!

عيسى سيار comments [at] alwasatnews.com

-

منذ 14 فبراير/ شباط 2011 وحتى الآن، يتجاوز عدد ضحايا العنف حاجز الثمانين قتيلاً والمئات من الجرحى من المواطنين المدنيين وأفراد الأمن العام، وجلّ هؤلاء الضحايا من فئة الشباب، عماد ومستقبل الوطن.

فمنذ أيام ذهب الشاب علي نعمة ضحيةً للعنف، ومؤخراً ذهب الشاب عمران أحمد أحد أفراد الأمن العام هو الآخر ضحية للعنف، وقبلهم راح العشرات. وفي اعتقادنا الجازم بأن علي نعمة وعمران أحمد لن يكونا آخر الضحايا مادامت مكنة الأزمة السياسية تدور في حلقة مفرغة، وكأن لسان حالها يقول: هل لي بالمزيد من الشباب!

ويحتدم الجدل بين مكونات الشعب البحريني والذي يصل في نهاية المطاف إلى درجة العقم السياسي، حول الطرف البادئ بالعنف، وتجد أمامك وجهة نظر فريقين ثابتة لا تتغير. وجهة النظر الأولى تمثل المعارضة والأخرى تمثل الأجهزة الرسمية. وتتمثل وجهة نظر المعارضة في أن أفراد الأمن العام هم من يبدأون بالعنف من خلال الدخول إلى القرى والأحياء ذات الغالبية السكانية من الطائفة الشيعية الكريمة، والقيام بأعمال استفزازية كالمداهمات والاقتحامات والاعتقالات بين الأهالي التي يتم معظمها دون إذن من القاضي المختص كما تقول المعارضة. بالإضافة إلى إطلاق الغاز المسيل للدموع وأحياناً رصاص (الشوزن) ضد المسيرات السلمية داخل القرى، وان مقاومة شباب القرى لتلك الاستفزازات باستخدام المولوتوف وقطع الطرق وغيره هو عبارة عن ردة فعل ودفاع عن النفس.

أما الفريق الآخر؛ وهي الجهات الرسمية، فيمكن التعرف على وجهة نظرها من خلال بيانات وزارة الداخلية ووزارة حقوق الإنسان ووزيرة شئون الإعلام الناطق الرسمي باسم حكومة البحرين...الخ. وتذهب إلى انه لا يوجد عنف مفرط ضد التحركات السلمية التي تقوم بها المعارضة، وأن تحركات أفراد الأمن العام هي لمواجهة أعمال التخريب التي تقوم بها جماعات إرهابية خارجة عن القانون، الذين يقطعون الطرق ويرعبون السكان الآمنين، وأن إطلاق الغاز المسيل للدموع ورصاص الشوزن هي أعمال تدخل في باب الدفاع عن النفس المشروع.

وبعد العديد من الحوارات والجدل الذي قمت به شخصيّاً مع هذا الفريق أو ذاك تجد نفسك أمام نتيجة واحدة، وهي أنك لا تعرف أيهما جاء أولاً، هل الدجاجة أم البيضة؟

وهنا ينبغي الركون إلى رأي طرف ثالث محايد في هذا الصدد؛ ويمكننا التعويل على طرفين الأول هو تقرير لجنة تقصي الحقائق المستقلة (بسيوني)، والثاني مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف. وكلا الطرفين كيان رسمي، فلجنة تقصي الحقائق تم تشكيلها بمرسوم ملكي، ومجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان كيان يضم في عضويته الحكومات. أما بالنسبة إلى لجنة تقصي الحقائق المستقلة؛ فقد أكدت في تقريرها أن هناك استخداماً مفرطاً للقوة في تفريق المتظاهرين المدنيين السلميين خلال شهري فبراير/ شباط ومارس/ آذار 2011، وأن هناك ضحايا قضوا في المعتقل من جراء التعذيب. لكن من جانب آخر؛ أوضحت اللجنة أن هناك عنفاً من قبل جماعات محسوبة على المعارضة ضد العسكريين والمدنيين والأجانب، وإن كانت ليست بالكم الذي ارتكبه أفراد الأمن العام ضد المدنيين.

أما مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان؛ فقد كانت تقاريره في المعظم تتسق مع ما ذهب إليه تقرير لجنة بسيوني في هذا الصدد، وتميل مواقف الأمم المتحدة إلى ما تتضمنه تقارير المعارضة. وقد أقرت حكومة البحرين ضمنيّاً بالتجاوزات التي ارتكبت ضد المدنيين من خلال قبولها تنفيذ ما يقارب 150 توصية صادرة عما يقارب ثلاثين دولة، وبالتالي؛ فإن حكومة البحرين أمامها استحقاق حقوقي في جنيف في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، حيث وعدت الحكومة بتنفيذ التوصيات التي قبلت بها، مضافاً إليها التوقيع على البروتوكول الإضافي المتعلق بمكافحة التعذيب، وهذا يؤشر إلى حد كبير على انه يجب على حكومة البحرين فعل الكثير والكثير.

وبغض النظر؛ عما حصل من تبادل الاتهامات بين هذا الفريق أو ذاك، وادعاء هذا الفريق أو ذاك أنه حقق انتصاراً على الآخر في مهزلة حقوقية بحرينية بامتياز حصلت في جنيف خسرت فيها الحكومة الكثير من المصداقيةّ! وأيّاً تكن مبررات هذا الفريق أو ذاك، فإن الخاسر الوحيد من جراء أعمال العنف وإطالة أمد الأزمة السياسية في البحرين والمراهنة على الوقت وسياسة عض الأصابع، هو الوطن وأهله. وهنا يحق لنا وبمشروعيةٍ كمواطنين، أن نتساءل عن أسباب هذا العنف ومن المستفيد منه وكيف يتسنى لنا إيقافه من أجل إنقاذ الوطن وأهله من مصير مجهول؟

بالنسبة إلى الأسباب التي أوصلتنا إلى ما وصلنا إليه؛ فهي الإصلاح السياسي الشكلي والبطيء. هذه الشكلية التي أدت إلى ترهل القوانين والأنظمة، وعدم العدالة في تطبيقها، وانتشار الفساد السياسي والإداري والأخلاقي بشكل غير مسبوق. هذا كله يحدث في دولة القانون والمؤسسات، والدليل على ذلك تقارير ديوان الرقابة المالية الثمانية العتيدة، وتقرير لجنة التحقيق المستقلة (بسيوني) في إشارتها إلى استغلال الوزراء والمسئولين مناصبهم وسلوكياتهم التحريضية.

أما من المستفيد من استمرار العنف؛ فهم بالطبع التيار الراديكالي في هذا الفريق أو ذاك، والذين يعيشون ويقتاتون على استدامة الأزمة، حيث إنها الرئة التي تتنفس من خلالها مصالحهم وبالتالي يحققون مآربهم الدنيئة، فنهاية الأزمة يعني نهايتهم!

هناك طريق واحد للخروج من هذا النفق المظلم الذي نعيش فيه، والذي أصبح يؤرق شرفاء الوطن وهم الغالبية الصامتة، وهو إيقاف العنف وتبادل الاتهامات بالتخوين والعمالة والدخول اليوم قبل الغد في هدنة، أي فترة تهدئة وتبريد من أجل استرجاع الثقة بين مكونات الطيف السياسي وترميم النسيج الاجتماعي، وخصوصاً ونحن على أبواب مناسبة عاشوراء. هذه الهدنة تترافق مع حوار غير مشروط ومنتج يحقق الاستدامة السياسية للبحرين وأهلها، وعلى الأغلبية الصامتة من الطائفتين الكريمتين - وعقلاء القوم إن بقي بعض منهم - أن يجاهروا بصوتهم ليصوبوا مسيرة الإصلاح، وغير ما نقوله هنا يعني هلاك البلاد والعباد... فمن يرى الشراع؟!

إقرأ أيضا لـ "عيسى سيار"

العدد 3700 - الثلثاء 23 أكتوبر 2012م الموافق 07 ذي الحجة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 20 | 9:08 ص

      جدليه عقيمه

      حقيقة العنف معروفه ولا داعى ان نختبئ وراء إصابعنا او ان ندفن رؤسنا فى الرمال

    • زائر 19 | 9:01 ص

      سلمت أناملك يا أ. عيسى سيار

      لقد وضعت يدك على الجرح وأقصد جرح البحرين النازف. ومن الطبيعي لا أحد كاسب عندما يقتل شاب بل البحرين برمتها هي الخاسر الأكبر لهذا الشاب ولا أستطيع أن أعبر أكبر من ذلك خوفا من القانون العقوبات الذي أصبح كالسيف المسلط على حرية التعبير.
      ولكن نعم لبحرين قوية يسودها التحاب والتعاون بين أفراد المجتمع سواء كانون حكاما أو محكومين. نعم لبحرين يسودها القانون الذي يؤمن تساوى الحقوق والواجبات وقضاء مستقل وأمن لكل أفراد المجتمع دون تمييز.

    • زائر 18 | 6:09 ص

      حل الازمه في تاسيس مجلس تاسيسي

      الحل مجلس تاسيسي يقرر فيه الشعب شكل النظام السياسي

    • زائر 17 | 4:21 ص

      جلاوي688

      ابادي اضلم صح هم من يبتدي بتعدي على السكان المنطقه ليش مضاهره سلميه مافيه شي ليش يجون يفرقون الشباب بشوزن او المطاط او المسيل اها يعني من بدئه بل عنفففففففف ........شكراً لك

    • زائر 15 | 3:22 ص

      المستفيد من استمرار الازمة التيار الراديكالي من كلا الطرفين

      فعلا هو هذا الحق الذي لا يريد احدا ان يجاهر به خوفا من هذا الطرف اوذاك ومحاباهم كونهم والمنتمين والموالين لكلا الطرفين يغطون وجوههم بالاصبع كي لايروا من يرجف لهم ببس كلمة كونهم مستفيدون من اطالة الازمة ولو انهت فعلا كما ذكرت ايها الكاتب فنهايتهم بانتهاء الازمة ولكن لو وعي الملفون والملتصقون لصقة بهذا الطرف اوذاك وفللوا عنهما لتنسم انتفاخهم وسقطوا فى الهشيم

    • زائر 14 | 2:46 ص

      بهلول

      لا البيضة ولا الدجاجة هما الأصل
      في البدء كان هناك الديك الذي خرجت من ضلعه الدجاجة التي باضت بيضة البيضة فقست دجاجة الدجاجة باضت بيضة البيضة فقست دجاجة الدجاجة باضت بيضة البيضة فقست دجاجة الدجاجة باضت بيضة البيضة فقست دجاجة الدجاجة باضت بيضة .... وهكذا حتى العام 2011 حيث بدأ شكل الدجاجة و طعم البيضة يتغيران بفعل الغازات الخانقة وتحولت البيضة إلى بايضة والدجاجة إلى خداجة .... بعد عدة عقود سيتحول السؤال إلى : البايضة أم الخداجة ؟

    • زائر 13 | 2:24 ص

      الحقيقة

      اخي العزيز ابو عبدالله
      يقال ان بين الحق والباطل اربعة اصابع نقول لك ان البلد ليست كبيرة لماذا لا تذهب للقرى وتشاهد الصورة على ارض الواقع خصوصا ان المسيرات يعلن عنها في وسائل التواصل الاجتماعي ، هذا سيمكنك من رؤية الحقيقة جلية ، انت محبوب بين الناس وتحمل مصداقية وثقة الناس سوف تحظى بترحيب كبير ، فلماذا تعتمد في معرفة الحقيقة ممن قطع الالاف الكيلومترات وانت من اهل الدار؟
      تقبل تحياتي

    • زائر 11 | 2:16 ص

      شكراً لطرحك الوطني

      بارك الله فيك استاذ عيسى فأنت وامثالك من الكتاب الوطنيين من يحافظون فعلاً على اللحمة الوطنية ويصححون الاوضاع الخاطئة التي سادت في البلد. بارك الله فيكم.

    • زائر 10 | 2:14 ص

      كلام جميل

      أستاذي العزيز شخصياً أعرفك جيداً انسان تستطيع أن تفكر تحاور تعرف ما يدور حولك، لكن الطامة الكبرى من الطائفة السنية الكريمة لا يريدون أن يعرفوا ما يدور حولهم وكل همهم أنهم يعارضون المطالب بقصدلا كرهاً فيك ولكن بغضاً لابيك , أستاذي جماعة معارضة المعارضة تحتاج إلى سنين طويلة لتصل إلى الحقائق التي وصلت لها المعارضة بخصوص أوضاع البلد .وشكراً لكم .

    • زائر 9 | 1:56 ص

      ستكون أكبر من البيضة والديايه

      أنا ما مداني أقرأ الموضوع .. بس عرفته من العنوان.
      وأقول باختصار: في أمل كبير ان تحل قضية البيضة والدجاجة والتوصل إلى نتيجة. ولكن قضيتنا ما دام هناك يومياً دعوات للتأزيم لا أعتقد ان يكون لها حل وستتعقد أكثر من البيضة والدجاجة بعد.

    • زائر 7 | 1:38 ص

      لك الاحترام مع أختلافي معك

      أستاذي رغم أختلافي معك في الكثير من النقاط في البداية حول من بدأ العنف ولا أرى ان نساوي بين عنف السلطة وعنف المعارضة إذا صح أن نطلق عيه عنف
      لكن الحل هو ما ذكرت
      ومن دون أحترام إرادة الناس فهة يعني هلاك البلاد والعباد

    • زائر 6 | 1:27 ص

      خرجنا بالورد والسلمية فقالوا هذا نفاق

      والله تحيرنا في هذا البلد خرجنا نطالب بحقوقنا بكل سلمية واريحية وبكل معاني السلام فاتهمونا بالنفاق وجرّوا شبابنا جرا وقهرا وقسرا الى العنف لكي يدينون الحراك فقط ونقول لنا حقوق سوف نواصل الحراك من اجلها عاد انتوا قلتوا ما قلتوا
      من لا يريد ان يعطي احد حقه لا بد ان يوجد له حجج واعذار ولكنها كلها واهية
      هذا في الدنيا اما في الآخرة اما جبار السماء فهي اوهى من بيت العنكبوت

    • زائر 4 | 12:21 ص

      كنا سلميين ولا زلنا سلميين ولكن من جرّ البلد الى هذا الوضع القمعي

      لم يكن لدى السلطة من حجة على الحراك المطالب بالحقوق وهو يسير بسلميته المعهودة الا ان تخطط لجرّه جرا الى العنف وذلك باستهداف ما يثير حفيظة هذا الشعب وخاصة حين يتم التعرض للمقدسات والنواميس والاعراض. وهذه امور يدرك من يتعدى عليها ان الانسان اي انسان بطبعه لن يقبل بذلك ولو كلفه ذلك حياته ودمه لذلك تمّ استهداف المناطق التي تخرج الانسان من سلميته ولو كان اكثر الشعوب سلمية في العالم وهذا عمل مقصود لايجاد مبرر بعد ذلك للقمع الشديد وهناك ادلة ذكر بعضها في تقرير بسيوني وتوصيات جنيف

    • زائر 3 | 11:45 م

      ماضاع حق ورائه مطالب

      عندما أكل الثعبان الأرنب قيل عن الأرنب أنه أخطأ لأنه مر بالقرب من حجر الثعبان وهو جائع ....
      فالعالم اليوم لايفهم لغة الشعوب المطالبة بحقوقها المحقة
      لأنه لا يريد أن يفهم ويبقى يساند الطاغوت والفرعون بكل
      جوارحه ويتناسى وعد الله في كتابه بنصر المؤمنين
      {طال الزمان أو قصر الحق سوف ينتصر } .....

    • زائر 2 | 10:59 م

      شكراً للأستاذ القدير عيسى سيار .... مع وافر تحياتي

      في الملاحظة التي ذكرتها قبل الأخيرة ، وهي عن تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية ، نتمنى أن يكون هناك عمود آخر يتطرق إليه بإسهاب ، حيث أن بعض من الفاسدين لا يزالون طليقين ، كما أن بعض من فئة المشروم الذي خرجوا على السطح مؤخرا دون رصيد يذكر من قبل في خدمة المجتمع المدني والذين هم طفيليين وأخذوا يتكلمون عن حقوق الانسان أو بعض من الفاسدين الذين تم تسريبهم من أحد الوزارات وأخذ يترأس جمعية تعني بحقوق الإنسان ، ولم يصد قرار قضائي بعد في محاكمته ، كيف ملف جسيم من الفساد أن يفرز لنا هذا

    • زائر 5 زائر 2 | 12:40 ص

      تريد معرفة المفسدين؟

      هههه ضحكتني تريد معرفة المفسدين وفي البحرين بالذات؟ تحلم

    • زائر 1 | 10:25 م

      عجيب !

      لا بيضة ولا دجاجة ولا وزة ولا بطة ولا نعامة تدفن راسها في الرمل !
      كلنا يعرف جيدا جداً مصدر العنف ومن بدأ العنف ومن هو مستمر فيه ومن هو المستفيد من جر المجتمع من المساحات السياسية و الحضارية إلى المساحات الأمنية و العنفية.
      فقط إرجع لشريط الأحداث من 14 فبراير 2011 تذكر ورود المحتجين و تذكر الرصاص الذي قوبلوا به تذكر كيف تم التجرؤ على مهاجمة أناس نيام في الخيام الثالثة فجراً ! لماذا الثالثة فجراً ؟ تذكر هدم المساجد ! لماذا هدمت بيوت الله ؟؟؟

اقرأ ايضاً