من الملاحظ، ومع اقتراب فترة الامتحانات النهائية أو حتى امتحانات منتصف الفصل، إقبالاً كبيراً من الطلبة وأولياء الأمور على شراء ما بات يُعرف بالمذكرات أو الملخصات الدراسية التي هي عبارة عن أسئلة وأجوبة معلبة وجاهزة لكل مادة من المواد الدراسية.
يتم إعداد هذه المذكرات من قِبل بعض المعلمين والمعلمات وتُباع بمختلف الأسعار، بحيث تستغل بعض المكتبات والقرطاسيات الإقبال المتزايد من الطلبة على شرائها، فيرفعون أسعارها ما ينعش سوقهم، وبالتالي يتسبب في حدوث نزيف على مستوى ميزانيات بعض الأسر ذات الدخل المحدود.
بدأت هذه الظاهرة غير التربوية في الانتشار مؤخراً - وللأسف الشديد - ليس على المستوى المحلي فحسب، وإنما على المستوى الخليجي والعربي بعد اطلاعنا على نماذج من تلك المذكرات.
ثمة أطراف تروِّج - ومن مصلحتها الترويج - لانتشار هذه الثقافة التسطيحية بكل ما لهذه الكلمة من معنى، فمن جهة يقوم عدد من المعلمين بإعداد المذكرات والملخصات، يساعدهم في ذلك إدارات المدارس في التكفل بطباعة أو بيع هذه المذكرات خلسة، ولكن في وضح النهار!
يُقال عن أسعار المذكرات بأنها رمزية، وأشهر طرق إعدادها وأخطرها على الإطلاق عندما يتعاقد بعض أصحاب المكتبات أو القرطاسيات مع أحد المعلمين بإعدادها مقابل مبلغ مادي يستفيد منه الطرفان.
ومن جهة أخرى، يعتبر الطلبة هذه المذكرات الدراسية شاملة ومهمة للغاية، فتجدهم يحرصون على شرائها أو تحميلها من بعض المواقع الإلكترونية؛ لأن أسئلتها تتكرر سنوياً في الامتحانات، ولربما حرفياً كما وجدنا في بعض الأوراق الامتحانية التي تقيس أدنى المستويات المعرفية المتمثلة في الحفظ والتذكر.
وهي على كل حال بالنسبة للطالب موفّرة للوقت والجهد، ومريحة إلى حد كبير بدلاً من وجع الرأس والانهماك في مذاكرة الكتب الجامدة والمليئة بالحشو والتكرار.
إن بيع المذكرات الدراسية واعتمادها من قبل المعلمين إنما هو في حقيقة الأمر تشجيع لهم على الغياب، فما الجدوى من حضورهم إلى المدرسة والمذكرات تغطي كل أسئلة الامتحانات!
لأولياء أمور الطلبة دور كبير في تشجيع أبنائهم على اقتنائها؛ ليكتشفوا في نهاية المطاف بأنها مكلفة، خصوصاً بالنسبة لأولئك الآباء والأمهات الذين لديهم ثلاثة أو أربعة أو خمسة أبناء في المدارس وبالكاد يستطيعون تغطية المتطلبات التعليمية الأساسية لأبنائهم.
لوزارة التربية والتعليم موقف بشأن المذكرات الدراسية، فقد حذرت إدارات المدارس من مغبة بيعها على الطلبة، كما شددت على جميع مدارس البحرين بكافة مراحلها الدراسية بمنع تداول المذكرات والملخصات، وإرجاع الهيبة إلى الكتاب المدرسي المقرر، استناداً إلى ما ورد في جدول المخالفات والجزاءات باللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم رقم48 لسنة 2010م، في المخالفات ذات الصلة بالتعليم، رقم (56) والمتعلق بـ «التربُّح من خلال إعداد وطبع المذكرات وبيعها على الطلبة»، بحيث يصل الجزاء ـ حسب اللائحة ـ إلى الفصل من الخدمة.
يعتبر التربويون المذكرات الدراسية عملاً غير تربوي، ومن وجهة نظر حقوقية فإن هذا العمل مؤشر على وجود فساد تعليمي لا يقل خطورة عن الدروس الخصوصية التي غايتها الكبرى الكسب المادي ليس إلا.
نقرأ في استطلاعات الرأي ببعض الدول الخليجية مطالبات بتعزيز دور إدارة حماية المستهلك بوزارة التجارة، ومراقبة أسعار المذكرات والتبليغ الفوري عن أية مخالفات أو تفاوت للأسعار من مكتبة لأخرى حتى يتم ضبطها، وهو توجه جدير بالدراسة والتأمل.
لسنا بصدد عرض المشكلة دون البحث عن الحلول والبدائل الممكنة، كاعتماد المعلمين والمعلمات على كراسات حل الواجبات اليومية أو تكليف الطلبة بالبحث عن الإجابات المطلوبة من المصادر المتنوعة ومساءلتهم فيها وتدريبهم على منهجية البحث العلمي، أو إعداد أوراق عمل تقيس قدرات الطلبة المتفاوتة على الفهم والتحليل وغير ذلك بدلاً من الحفظ والتكرار، أو تكليفهم بعمل مشاريع ذات صلة بمفردات المنهج الدراسي يستفيدون منها مستقبلاً.
كما ولسنا من القائلين بقداسة الكتاب المدرسي والاكتفاء بكل ما ورد فيه، رغم أنه الأساس الذي يرجع إليه الطالب وليس الوحيد كما يخيل للبعض، فلا بد عندئذ من رفد الكتاب المدرسي نفسه بمصادر معرفية أخرى.
آن الأوان لوقف مهزلة ما يُسمى بالمذكرات الدراسية بين طلبة المدارس والجامعات، فهذه المذكرات تتعارض مع السياسات التعليمية والاستراتيجيات الفعالة في التعلّم كتوظيف التفكير الناقد ومهارات التفكير العليا كالتحليل والتركيب والتقويم، بحيث لا نُخرّج جيلاً من الطلبة في مستوى واحد من حيث حفظ المعلومات وتكرارها بشكل آلي.
إذا كنا نؤمن حقيقة بالتعليم المتمايز، فلا بد أن لا ينسحب الكلام فقط على التخطيط الجيد للدرس (أي التحضير) أو التنوّع في الأنشطة والوسائل وتقديمها بصورة جذابة للطلبة، وإنما ليقيس قدرات الطلبة المتفاوتة في الإجابة عن أسئلة التقويم والامتحانات.
ثقتنا كبيرة بأولياء أمور الطلبة الأعزاء في عدم الانصياع لمطالب أبنائهم في هذا الاتجاه، بل وحتى المعلمين الأفاضل والمدارس في الابتعاد عنها تماماً؛ حرصاً منا على مستقبلهم وتحصيلهم الدراسي.
إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"العدد 3697 - السبت 20 أكتوبر 2012م الموافق 04 ذي الحجة 1433هـ
انني اعترض معك و بشدة استاذي .. لأن المناهج التعليمية الجديدة لا يجب تسميتها بالمناهج المطورة او التعليمية فهي اصصعب و اكثر تعقيداً فلذلك يميل معظم الطلاب الى المذكرات الدراسية و لكن من يسمع ارائنا ؟؟؟
طالب يبلغ من العمر الثامنة و الثلاثين
هذا يا استاذي الفاضل تفكير جاهلي
فالمذكرات مفيدة بشكل عام
و انا استخدمها كثيراً و هي تفيدني جداً
و أجد ان الطلاب يتمايلون لها لأن مناهج الوزراة ليس ممتعة و ليست مفهومة, مثال:(التربية الأسرية)
كلام جميل ولكن يجب ان يكون له جزء ثاني
عندما ذكرتم الملخصات فهي مفيدة فالكتب الدارسيه عبارة عن
معلمة لها رأي..
اشكرك على هذه اللفتة لكن ما الضير فيها؟؟
اذا كانت المناهج هكذا لا تلبي احتياجات الطلبة والطالب يكره شيئ اسمه التفكير والبحث
ثم ان المذكرات ذات الواجبات اللاصفية يستفيد منه الطلبة اكثر من مناهج الوزارة المملة
أستاذي
أنا اجد الامهات هم من يبحث عن الملخصات وتوفره حتى لو كان الطالب لا علم له به أسبابه تقدر توفر على نفسها والطالب الوقت وفي نفس الوقت تبحث الامهات عن المعدلات وحب التباهي
مؤسف
اساس حساب الدرجات من اكبر الاخطاء حيث ان مجهود الطالب في الصف من مشاركه وتفاعل ودفتر وحل الواجبات والبحوث وفي الاخير
الخلل في المنهج والتعليم
الاخطر من هذه المًذكرات هو الاعتماد بصورة اساسية على ما تقدمه المعاهد بما يسمي بمراجعة ليلة الامتحان وانا كولي امر لا ارى في هذه المذكرات ضرر حينما يستخدمها الطالب لتلخيص مراجعته بعد ان يكون قد راجع المواد بصورة يومية ثم ان هذه المذكرات ليست فكرة جديدة فهي موجودة منذ القدم على ايام المناهج والكتب المصرية وكنا نشتري كتب خاصة من المكتبات للمراجعة وكانت تسمى الاسئلة النموذجية على ما اتذكر...الخلل ياعزي ي ليس في المذكرات بل في المناهج وطرق التدريس
صباح الخير
كلامك جميل يا أستاذ ، لكن لو تكلمت في أساس الموضوع لكان أفضل ، أساس الموضوع هو الكتب المدرسية الصعبة التي كما ذكرت في مقالك مليئة بالحشو والتكرار ، ثم من بعد ذلك الامتحانات التي يتفنن بعض المعلمون في زيادة صعوبتها وكأن بينهم وبين الطلبة عداوة ، فإذا ما عالجنا هاتين المشكلتين فإننا لن نحتاج للدروس الخصوصية ولا للمذكرات الدراسية.
اعجبتني هذه العبارة
( وهي على كل حال بالنسبة للطالب موفّرة للوقت والجهد، ومريحة إلى حد كبير بدلاً من وجع الرأس والانهماك في مذاكرة)
الكتب الجامدة والمليئة بالحشو والتكرار
الكتب الجامدة والمليئة بالحشو والتكرار
الكتب الجامدة والمليئة بالحشو والتكرار
فكر في حل المشكلة الاساس