العدد 369 - الثلثاء 09 سبتمبر 2003م الموافق 13 رجب 1424هـ

أبوعلاء... وشروط شارون

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

استقالة محمود عباس (أبومازن) وتكليف الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات رئيس المجلس التشريعي أحمد قريع (أبوعلاء) بتشكيل الحكومة الجديدة قلل من مخاطر «ازدواجية السلطة» التي كان عباس يعمل على تأسيسها.

... إلا ان الاستقالة لم تنه الأزمة.

هناك صعوبات تواجه الحكومة الجديدة في حال نجح قريع في تشكيلها، وهي الصعوبات نفسها التي واجهت عباس. فالأزمة ليست وزارية وإنما تكمن في كيفية إدارة المواجهة السياسية مع الاحتلال، وابتكار أدوات جديدة للضغط على رئيس الحكومة الإسرائيلي ارييل شارون لوقف برنامجه التدميري (الاقتلاعي)، ومن ثم العمل على اخراج قواته من أراض يجمع العالم (باستثناء واشنطن ربما) على ضرورة عودتها إلى أصحابها.

المسألة ليست تغيير الأسماء والوجوه واستبدال الحقائب، انها تبدأ أصلا من سؤال يجب توجيهه إلى شارون وفحص مدى رغبته فعلا في تسهيل مهمة رئيس الحكومة الجديد.

حتى الآن تبدو هناك خلافات في سلم الأولويات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. فالأول يضع مسألة الاحتلال على رأس جدول أعماله، والثاني يغلّب المسألة الأمنية على الحل السياسي.

أبوعلاء، حتى قبل قبوله بتشكيل الوزارة، استبق الأمور وأكد انه لا يستطيع ان يفعل أكثر مما حاوله عباس، اذا لم تبادر حكومة شارون إلى تسهيل مهمته بوقف مثلا عمليات الاغتيال التي تشنها على قيادات حماس والجهاد وتلحقها بغارات جوية واقتحامات للمدن والقرى بحثا عن مطلوبين. هذه السياسة، برأي قريع، تفجر الوضع الأمني لأن الاغتيالات تستدعي الرد عليها والرد يبرر معاودة تكرار الاغتيالات. لذلك اقترح وقفا شاملا لاطلاق النار وعدم الاكتفاء بالهدنة التي لم تصمد طويلا.

اختلاف الأولويات يعني ان الحواجز لاتزال تقف في مكانها وتمنع السلطة الفلسطينية من اتخاذ مبادرة لترتيب وضعها الداخلي بالتفاهم مع أطياف الفصائل المعترضة أصلا على الاحتلال والاساليب المتبعة لازالته.

وحتى تقتنع الفصائل المعترضة بجدوى التفاوض مع الحكومة الإسرائيلية لابد ان يتخلى شارون عن سياسة التصعيد التي انتهجها منذ وصوله إلى رئاسة الوزارة.

فالمشكلة مع شارون هي أساسا مشكلة موروثة مع الاحتلال. واستمرار الاحتلال هو العنصر المفجر لكل استقرار سياسي. وهذا يدركه شارون لكنه يحاول قدر الامكان تجاهل الموضوع، مستفيدا من الاستراتيجية الأميركية الهجومية التي انفجرت عالميا بعد ضربة 11 سبتبمر/ أيلول 1002.

اقتنص شارون حال الهياج الأميركي وثورة جورج بوش على تفكك أجهزته الأمنية داخليا وخارجيا ليزيد من فرصه الخاصة بالانتقام من عرفات على المستوى الفلسطيني ومن غريمه حزب العمل على المستوى الإسرائيلي.

أميركيا نجح شارون في كسب صداقة بوش واستثمارها إسرائيليا. وإسرائيليا نجح شارون في هزيمة حزب العمل في الانتخابات الأخيرة وتثبيت الليكود قوة رئيسية في الكنيست لا ينافسها أي فريق آخر. وبقي عليه الآن ان يكسب جولته في الساحة الفلسطينية. وكل المؤشرات تدل على انه فشل حتى الآن في تحقيق مشروعه الاقتلاعي على رغم التدمير الذي أحدثه في البنية التحتية للدولة والضحايا التي اسقطها من الشعب الفلسطيني.

شارون اذا يتحمل المسئولية في تعطيل كل محاولات تحريك عملية «السلام في الشرق الأوسط». كذلك يتحمل بوش مسئولية في هذا الموضوع نظرا لعلاقة الشراكة (تبادل المنافع) التي تربطه مع رئيس الحكومة الإسرائيلي. أما قريع فإن مشكلته ليست ايضا مع عرفات ولا مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية بل هي كما قال هو تكمن مع الاحتلال وسياسة شارون التخريبية.

والحل. أبسط الحلول وأقربها إلى المنطق هو الضغط أميركيا على شارون واستمرار الضغط حتى يبدي استعداده الميداني للتنازل ابتداء من فك الحصار عن مقر رئاسة عرفات في رام الله، والانسحاب الجدي من مختلف المدن والمناطق المحتلة في الضفة وغزة، ووقف بناء جدار «الفصل العنصري»... وأخيرا اقناعه بأن هناك فرصة حقيقية للسلام تعطي «إسرائيل» ما كانت تحلم به سابقا.

حتى الآن تبدو الأمور مبهمة. واذا استمرت الحال على ما هي عليه فإن الأمور لن تسير إلى الافضل. أبوعلاء طالب شارون بتسهيل مهمة حكومته. وتسهيل المهمة يبدأ من وقف الشروط التعجيزية التي اراد من عباس تنفيذها وفشل في تحقيقها... وعلى رأسها إعلان حرب أهلية على مختلف فصائل المقاومة الفلسطينية.

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 369 - الثلثاء 09 سبتمبر 2003م الموافق 13 رجب 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً