عادة ما يحتاج الاقتصاد إلى مناخ سياسي مستقر تحت دولة تحكمه، والاقتصاد الممتزج بالفساد المالي والإداري والقانوني في أي بلد يكون عادة طارداً للاستثمار.
لهذا تتطلب هذه التنمية قوانين رادعة لمكافحة الفساد الاقتصادي، مع خلق بنية اقتصادية صلبة مترابطة من جميع الجهات ذات العلاقة، وبإدارة متخصصة ذات كفاءة، ولا تُعطى هذه المسئوليات المهمة في إنعاش الدولة بناءً على ولاءات القوانين الاقتصادية الصلبة، مترابطة مع دولة المؤسسات وقضاء عادل محكم للخلافات في النزاعات الاقتصادية.
يتبادر إلى مسامعنا بين فترة وأخرى أخبار عن إغلاق مشاريع استثمارية سواء كانت صناعية أو سياحية أو مالية أو خدماتية (المشروعات الصغيرة) وغيرها، والسبب الرئيسي في تقديري يكمن في عدم الإصلاح السياسي، وكثير من أصحاب المشاريع الذين كنا نتحدث معهم من الذين أوقفوا مشاريعهم، أو ممن يشكون الخسائر والديون المتراكمة جرّاء الوضع الاقتصادي المتردي ويودون إغلاق مشاريعهم، فكان جلهم يعولون في تلك المآخذ على المشاكل السياسية وعدم الاستقرار السياسي في البلد. وآخر ما تم إغلاقه فندق فرنسي خمس نجوم كما ذكرت بعض الصحف، ويؤسفنا تناقل الأخبارعن أن وضع البحرين السياسي المتأزم في الخارج دفع المستثمرين إلى النفور من الاستثمار في البحرين، وعدم التفكير في فتح مشاريع استثمارية فيها.
بتقديري ليس هناك مستحيلٌ لحل الأزمات، ومنها الأزمة السياسية لدينا، ولكن القضية تكمن في الفئات التي تتضارب مصالحهم مع حلها، وكذلك عدم الجدية المطلقة من قبل الدولة لحلحلتها واحتوائها. نقول لِمَن يصرخ ضد المعارضة ويحمّلها المسئولية من التجار، ومن له الشجاعة أن يطالب بالإصلاح فليتوجه إلى من بيده الحل والربط، فالكل يريد الإصلاح، فأين كان دورهم في ما يقارب 18 شهراً من الأزمة، فيما يخص هذا الإصلاح؟
قد لا نختلف كثيراً في أن المسيرات قد يكون لها تأثير ولو جزئياً على الحركة التجارية، ولكن أليس الأجدى إذا ما عرفنا ذلك أن نفكر في سبب تلك المسيرات والعمل على حلها، وذلك بالاستماع إلى مطالب الناس إن كان يقلقنا تهاوي الاقتصاد، ولكن أليس هناك أيضاً، عوامل مؤثرة في عزوف الناس عن التسوق الذي بدوره لا يخدم الاقتصاد، والسبب يعود للإجراءات الأمنية المنتشرة في الشوارع، وعدم بسط سيادة القانون على الجميع، الناتج مؤكداً من عدم الإصلاح السياسي، الذي يعتبر العقبة الرئيسية لعزوف المستثمرين، ولنكن واقعيين ومنصفين، بعدم تهويل المشكلة الحقيقية والرئيسية فيتردى الاقتصاد على المسيرات فقط.
أحد المغردين في تويتر، ردّ على من يتباكى على الاقتصاد بالقول إن الأولى بالتجار الدفع بالمطالبة بالإصلاح السياسي بدلاً من أن يكونوا بوقاً للحكومة، ويتهمون الناس بتعطيل الاقتصاد، فكما ذكر هذا المغرد، إذا صلح الوضع السياسي صلح الوضع الاقتصادي، فهما أمران متلازمان ويسيران على خطين مستقيمين إلى الإعلى والأسفل. فلماذا لم نسمع لهم همساً ولا حساً بالمطالبة بالإصلاحات السياسية منذ بزوغ الأزمة؟
ختاماً، على الجميع، أن يدرسوا ويحسنوا قراءة المستجدات بحكمة وعقلية منفتحة، لأن الظروف القائمة لا تخدم الناس، والجميع خاسر في هذه الأوضاع، ويجب عليهم أن يمعنوا النظر في المستجدات التي تعصف بالمنطقة، والتي تكون أبعادها خطيرة على البلد، والتي قد تخلق إعصاراً سياسياً يصعب معالجته. والله من وراء القصد.
إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"العدد 3658 - الثلثاء 11 سبتمبر 2012م الموافق 24 شوال 1433هـ
يا ناعق إنعق
الأبواق أنواع ، تجار ، فقراء ، موظفين ، عمال ، مختلف المواقع
كل يغني على ليلاه وينتظر الإكرامية، ولتكن الإكرامية بحجم البوق وعلو صوته
ولكن لن يبقى للناعق سبيل سيكون يوما قد ركن وإن أطلق بوقه سيخرس من قبل
المنعوق له . لم يتبقى شيئ فصمو الآذان لكتم الإزعاج . فماذا تريدون بعد الم تملأ جيوبكم وبطونكم ؟ سحقا لكم ماذا تريدون ؟
رد مقنع على التجار
صحيح، يا ايها التجار من يجعل المسيرات هي السبب في ضرب الاقتصاد فهو ينافق الحكومة ويخاف يطالب الحكومة بالاصلاح السياسي.