العدد 3652 - الأربعاء 05 سبتمبر 2012م الموافق 18 شوال 1433هـ

وللشعوب سلاح

مريم أبو إدريس comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

تعتبر مواقع التواصل الاجتماعي منابر إعلامية حرة، تنطلق منها الأخبار والآراء والمقالات دون مشرط الرقيب، ويتربع موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» اليوم فوق عرش اكثر المواقع حيوية وتفاعلاً في العالم، ويعود له الفضل في ثورات الربيع العربي على وجه الخصوص.

عبر «تويتر» هناك مساحةٌ لا تتعدى مئة واربعين حرفاً لكنها تتسع لتحمل اقسى الآراء وأشدها تطرفاً، لا يقف مشرط الرقيب في تويتر بالمرصاد ليقلم شذوذ آرائنا عن قاعدة المسموح.

ولأن قانون الصحافة يضيق بالصحافيين الذين يمارسون المهنة تحت مظلة القانون فان «تويتر» ملاذ الآمنين هناك، ومرتع الطالبين لحرية الكلمة، فتجد جميع الكتاب والصحافيين ورؤساء التحرير وكل طبقات القراء يتواجدون بآرائهم عبر «تويتر»، هناك الأطباء والمهندسون، السياسيون والحقوقيون، وهناك الطلاب وربات البيوت، «تويتر» فضاءٌ مفتوحٌ على العالم، لا سقف يحدك سوى سقف اهتماماتك.

سلطات العالم الثالث اليوم تجد نفسها أمام حرج بالغ، فمع كل هذه التقنيات السريعة والبسيطة لا يمكن الكذب على العالم الحر، وادعاء ان صرخات المستضعفين غير حقيقية، انه الوقت الذي ارتفع فيه سلاح الكلمة مقابل الرصاص، واصبحت الصورة تواجه ألف رصاصةٍ غادرة، وباتت التكنولوجيا عبئاً على كاهل الانظمة التي تعجز عن السيطرة على كل شيء في الوقت الذي تشكل كل الأجهزة المسموحة أبراج مراقبة لأخطاء الانظمة وتجاوزاتها، فتغدو كاميرا الهاتف خير دليل على الجرائم والانتهاكات التي تقوم بها الأجهزة التابعة للدول.

لم تكن تظن الدول العربية وهي تحتفل بتطور التكنولوجيا وتساهم بانتشارها والسماح بتوافرها في بلدانها انها تدق مسامير النعش الاخير في تاريخ ثوراتها المطبقة صمتاً عبر الزمن، انه زمن الثورات الصاخبة، الوطن ليس بيتاً نتشاجر به ونحرص ألا يصل صوتنا للجيران، انه قطعة ارض يقسم الناس فوقها ان يعيشوا بسلام وعدالة وأمان، ان لم يحدث ذلك فان صراخهم يعلو ليجاوز الحدود، العالم الحر مسئول عن ارساء العدل، وتمرير التجربة الديمقراطية ليكون العالم مكاناً افضل، لا وجود لما يسمى بديمقراطية على مقاسنا. الأمر بهذه البساطة، إما ان نكون ديمقراطيين او لا نكون، الرقص بالكلمات واستحداث مقاسات للديمقراطية تضيق وتتسع حسب أهوائنا ومصالحنا لا يقنع الشعوب المثقفة المتطلعة للديمقراطية على غرار النماذج العريقة المتوافرة.

ستبقى التكنولوجيا صديقةً للثورات العربية لوقتٍ سيطول حتماً، وستكون بلا شك رقيباً عتيداً لسوءات الانظمة التي تمارس ارهابها الامني جهاراً نهاراً وفي كنف الليل وزفرات الفجر. ستبقى الكاميرات الصغيرة خير سلاح يواجه الدجل الاعلامي الذي يزور الحقيقة ويروج للكذبات السمجة التي لا تنطلي الا على السذج.

رحم الله ستيف جوبز فقد اهدى لثوار العرب خير معين لثوراتهم، وانقذهم من ظلمٍ مطبق كاد ان يلفهم لولا تلك الاجهزة الذكية التي تقوم بكل المهام بضغطة زر.

إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"

العدد 3652 - الأربعاء 05 سبتمبر 2012م الموافق 18 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 2:36 م

      صح لسانش

      صح لسانش

    • زائر 3 | 7:34 ص

      صدقت ياأم المسيح

      ما عاد ينطوي على الشعوب الحرة والتواقة لمعرفة الحقيقة هذا الاعلام الرسمي لان توثيق الشعوب كشف زيف الانظمة واصبحت الصورة هي سلاح الشعب.

    • زائر 2 | 3:34 ص

      اشعة الشمس الساطعة لا يخفيها غربال قديم

      كم نرى من صور ماساوية يندى لها جبين التاريخ ونسمع كلمات حقوق الانسان تتكرر هنا وهناك وكاننا لازلنا نعيش في عالم الظلام فافيقو يا خفافيش الظلام ان لم تخافو من الخالق فخافو من كاميرا المخلوق

    • زائر 1 | 2:06 ص

      أعلانات الشعوب بمر العصور

      الاعلانات ليست كثيرة ولا قليلة لكنها متعددة ومتنوعة منها التجاري ومنها دون ذلك. فإعلان التقدم الزراعي والصناعي ظهر في الثورتين الزراعية والصناعية. أما الانفجار المعرفي فأظهر ثورة الاتصال والتواصل الاجتماعي أحد وجوهه.
      فما علاقة وصلة الاتصال بالتواصل؟ والثورة بالعصور؟
      هل انفجار الشعوب ثورة؟ أم عصر الشعوب انفجار ؟

اقرأ ايضاً