العدد 3651 - الثلثاء 04 سبتمبر 2012م الموافق 17 شوال 1433هـ

النعيمي وجيل الربيع العربي

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من أفضل ما قامت به جمعية «وعد» لإحياء ذكرى المناضل الوطني الراحل عبدالرحمن النعيمي، جمع كتاباته ومقالاته المتفرقة، ونشرها في كتبٍ جديدةٍ لتضعها في متناول الجمهور.

رحيل النعيمي خسارةٌ كبيرةٌ للحركة الوطنية في البحرين، وكان إحياء ذكراه ملحاً لدى رفاقه، وقد اقترح نشر كتاباته منذ بداية دخوله الغيبوبة العام 2007، وأخذ طريقه للتنفيذ هذا العام بطباعة كتابين «البحرين الديمقراطية المجوفة»، و «وطن في الكلام»، والأخير ضمن الأعمال الكاملة حيث يبشّر بولادة كتب أخرى.

فكرة الكتاب أنه خزانة للفكر، فما يُنشر في الصحف أو المجلات خصوصاً الحزبية منها، يأخذ طريقة للضياع سريعاً، أما الكتاب فتحتفظ به في مكتبتك، وتعود إليه وقتما تشاء. كما يتيح للجيل الجديد أن يقرأ سابقيه. على أن ذلك يجب ألا ينسينا أننا لسنا في العصر الذهبي للكتاب، رغم أن التقدم التقني فرض على المكتبات الكبرى في العالم توفير كنوزها على شبكة الإنترنت، ويمكنك الوصول إليها عبر ضغطات زر معدودة. لكن الإشكالية اليوم لم تعد تقتصر على طباعة الكتاب، وإنّما في هجران القراءة، مع انتشار وسائل الاتصال الذكية والبدائل المغرية السهلة.

ولعل القائمين على الجمعيات السياسية يدركون أبعاد هذه القضية، وقد أشار عبدالنبي العكري إلى أن «الحضور في مؤتمرات الأحزاب القومية والإسلامية غالباً ما يكونون فوق الستين»، وهو ما يضعها في مواجهة إشكالية «الفجوة بين الأجيال»، التي تتسع في زماننا بوتيرة أسرع من أي عصرٍ آخر.

جيل النعيمي اعتاد على وسائل نضالية من منتجات عصره، مثل الكتاب والنشرة الحزبية للتثقيف، وكانت المنشورات السياسية تطبع في أماكن سرية، وتُوزّع ليلاً على الحواري وتلصق في الأماكن العامة في تخفٍّ. وظلّ المنشور حاضراً من الستينات حتى التسعينات، حيث بدأت تدخل وسائل الاتصال الحديثة. حينها كان إيصال صورةٍ أو خبرٍ يتطلب السفر أحياناً إلى بلدٍ آخر، حيث كانت الهاتف الأرضي والفاكس في الداخل تخضع للرقابة، ويتعرض النشطاء للملاحقة.

مع تدشين شبكة «الإنترنت» انتقلت الشعوب إلى عصرٍ آخر، سقطت فيه أعمدة الرقابة إلى حدٍ كبير. وخلال الأعوام الثلاثة الأخيرة دخلت أيقونات جديدة، كـ «الفيسبوك» و «التويتر» و»الواتس آب»، قلبت المعادلة لصالح التواصل الجماهيري بعدما بلغ تغوّل الدولة أقصاه. وفي الوقت الذي كانت الأنظمة المستبدة تلاحق الخطباء والنشطاء والسياسيين وتسجنهم لمنع تواصلهم مع القواعد، وفّرت التقنية الحديثة وسائل اتصال بيد الجمهور، تتيح تبادلاً حرّاً للأفكار. فيمكنك أن تكتب أي فكرةٍ لتنتقل خلال ثوانٍ معدودة عبر آلاف الأجهزة الصغيرة، ليتداولها الآلاف من مختلف المناطق والأعمار والطبقات والتيارات. لقد أسقطت هذه الأجهزة الذكية رقابة الدول المستبدة.

هذا التواصل سيُسهم حتماً في نشر الوعي بطريقةٍ سريعةٍ، ومع الوقت ستتحول أعدادٌ كبيرةٌ من الفئات التي تعرّضت للاستلاب الفكري والاستغباء السياسي إلى ساحة الحراك الوطني، في مرحلةٍ تاريخيةٍ أصبحت الحرية والكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية التي ناضلت من أجلها أجيال... من أيقونات هذا الزمان.

كنا نتساءل منذ سنواتٍ في ساعات القنوط عمّن سيملأ الفراغ في حال غيّب الموت أو المرض أو السجن أو الإنهاك هذه القيادات الوطنية، ولم يكن أحدٌ يتنبأ بولادة جيلٍ جديدٍ يواصل مسيرة الأحرار.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3651 - الثلثاء 04 سبتمبر 2012م الموافق 17 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 10:43 ص

      الي الزائر رقم

      ذكرتني بشباب لول. ما في الا هم .... متأثرين ب السينما و الأفلام المصرية .... واحد من ها الشباب الجامعين اقيد لك بلد يا الطيب

    • زائر 7 | 5:13 ص

      لااوافقك

      مع احترامي لرأيك استاذ قاسم فلا ارى الجيل الجديد قادر على مواصلة المسيرة فهذا الجيل تعود على الرفاهية والاستهلاك لايحب القراءة والاطلاع ينقل تجارب الاخرين بدون تمحيصها ودراستها ومانعيشه من اوضاع شاهد على ذلك

    • زائر 6 | 2:34 ص

      سقوط الرقابة

      نعم لقد اسقطت التقنية الحديثة الرقابة ولكن الانظمة مازالت تهد وتتوعد وتتجسس على المواطنين من اجل ارهابهم وشل حركتهم ومنعهم من المطالبة بالتغيرر.

    • زائر 5 | 2:26 ص

      شباب الربيع العربي

      كان هناك قلق من فراغ في الساحة فعلاً ولكن البركة في هالشباب من ابناء الربيع العربي.

    • زائر 3 | 2:05 ص

      شباب الثورة

      بالفعل لقد كان نتاج ثورة شباب وجيل واعي أخذ على عاتقه أعباء وطن بأكمله ناهيك عن الصغار اللذين اصبحوا كبارا مضحين بأنفسهم من أجل الحرية

    • زائر 2 | 2:00 ص

      شباب

      بالفعل لقد تمخضت اللؤلؤة عن ولادة شباب واعي يواصل مسيرة الأحرار
      الله يحفظهم يارب

    • زائر 1 | 12:21 ص

      نحن نحتج

      شكرًا على مقالك ، ولكنك ذكرت وسائل الاتصال الحديثة مثل الفيسبوك والتويتر والواتساب ولم تذكر البلاك البيري.

اقرأ ايضاً