من الصدف الطيبة ومحاسن السفر (السبع فوائد) أثناء سفري لحضور ورشة عمل، اضطررت لمتابعة فيلم بالطائرة بهدف تمضية الوقت والاستفادة منه بعد أن تصفحت بعض الصحف، إلا أن المسافة البعيدة جداً دفعتني لمتابعة فيلم إنجليزي (The Love is many Splendored thing) المنتج العام 1955، بطولة (William Holded and Jennifer Jones) للمخرج هنري كنجك.
مع أنني لا أهوى متابعة الأفلام وليس لدي الوقت للجلوس للاستمتاع بالوقت لمتابعة القصص بالشاشات الفضائية، إلا أن بُعْد مسافة البلد المتجه إليه، وولكوني وحيداً في السفر دفعني للمتابعة وتكملة الفيلم حتى النهاية.
شغفتني قصة الفيلم لارتباطه بقضية تهمُّ البلد، وهي قضية الكادر الطبي البحريني، المشئومة التي شغلت الرأي العالمي والمحلي والمنظمات الحقوقية والعلمية والثقافية وما سواها، التي لعب بها اللاعبون غير المحترفين، وتنافس فيها المنافقون وتسابق عليها الدجالون والكذابون وتصارع فيها الخبثاء ممن تتعارض مصالحهم مع الحق وتتوافق مع تكريس الباطل.
لنرجع لقضية الفيلم المجسدة لقضية أطبائنا الأعزاء التي تربطنا علاقة صداقة حميمية مع كثير منهم، فالفيلم كان يدور حول حب عاطفي عظيم بين مراسل وكالة الأنباء الأميركية (ويليم هولديد) أميركي متزوج، وطبيبة من هونغونغ(جنيفر) أرملة جنرال صيني، جاءت إلى الصين لمعالجة مرضى مصابين بأمراض خطيرة جراء الحرب وبعضها وراثية كما يبدو من بعض المقاطع، وكانت تمدهم بالحنان، وتبادلهم مشاعر الحب الممتزج بالعطف والرحمة، بالمسح على وجوههم والتلمس بشعرهم، وكانت تستغرق كل الوقت لعلاجهم وتعمل بإخلاص منقطع النظير، وتحن على مرضاها، ما حدا بهذه الطبيبة بقضاء كثير من وقتها بين أحضان الأطفال المرضى، حتى اضطر حبيبها اللجوء لزيارتها أو مقابلتها في المستشفى، حينما تتذرع بعدم مقابلته لشغفها وانشغالها بالمرضى.
تجسدت قضية كادرنا الطبي بشكل أعمق وواضح، عندما حاول الأميركي إشغالها بالحب والوعود بالزواج وانصاعت لأوامره وعواطفها الجياشة تجاهه.
المثير بدأ في نهاية الفيلم عندما فاجأته بعدم تمكنها من الارتباط به، وداست على عواطفها مع أنها تعشقه وأصبح توأم روحها، والسبب كما يبدو، عشقها لعملها ومرضاها وتكريس القَسَم بصدق (أن أراقب الله في مهنتي، وأن أصون حياة الإنسان في جميع أحوالها وفي كل الظروف، باذلاً وساعياً في استنقاذها من الهلاك والمرض والألم والقلق، وأن أحفظ للناس كرامتهم، وستر عوراتهم، وأكتم سرهم، وأن أكون على الدوام من وسائل رحمة الله، باذلاً رعايتي الطبية للقريب والبعيد للصالح والمخطئ، والصديق والعدو، وأن أثابر على طلب العلم وأسخره لنفع الإنسان لا لإيذائهم، وأن أوقر وأحترم من علّمني، وأعلم من يصغرني، وأكون أخاً لكل زميل في المهنة الطبية متعاونين على البر والتقوى... إلخ) الذي أقسمت عليه في إعطائها كل وقتها للمرضى ومعالجة الجرحى من الحروب التي حصلت آنذاك ضد الصين، أو يمكن تذكرت زوجها الأول (الحبيب الأول) الصيني الأصل الذي وعدته في متابعة جرحى الحروب الصينية ولهذا السبب ربطتُ بين هذه الأحداث وقضية كادرنا الطبي الذي جسد القسم بكل معانيه الطبية والأخلاقية والدينية والمجتمعية، والذين ضحوا بحياتهم الشخصية والعائلية في خدمة البلد أثناء الأزمة التي ألمت بنا، وبذلوا كل ما بوسعهم لخدمة الناس، كما ذكر بعض ممن يباتون الليل بالمستشفى لمتابعة مرضاهم وخدمة الناس بشتى طوائفهم، بلا تمييز وبلا ازدراء أو اعتلاء، على مدى العقود الماضية، ولكن يؤسفنا أنهم أصبحوا لقمة سائغة من فاقدي الضمير، وأصحاب علاكي الألسن، وذوات النفوس المريضة، الذين نعتوهم بالخونة، بأقلام حبرهم السام، ولسانهم الجارح على المنابر الإعلامية والتواصل الاجتماعي، ما ساعد بالدفع نحو فصلهم وحرمان مرضاهم من أيديهم البيضاء وقلوبهم الدافئة.
من هنا ندعو ونطالب وزير الصحة صادق عبدالكريم الشهابي، العمل بإخلاص وتفانٍ لإرجاع الكادر الطبي، المتخصص والمخلص لوطنه ومرضاه منذ عقود إلى مراكزهم الأساسية، لأنه لا يمتلك أي شخص الحق في مواصلة فصلهم، لأنهم ملك للوطن والشعب الذي سخرهم الله سبحانه وتعالى لعلاج الناس، لاسيما وأن كثيراً منهم قد برأتهم المحكمة من التهم الملفقة ضدهم. آه يا وطني.
إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"العدد 3651 - الثلثاء 04 سبتمبر 2012م الموافق 17 شوال 1433هـ
قسم عجيب
كنت قد قرأت قسم الأطباء قبل أحداث فبراير ونسيته لأنه لم يكن يعني لي الكثير ولكن الان يا دكتور وأنا أقرأه في مقالك أحسست أنهم كانوا صادقين في كل كلماته وقد وفوا بعهدهم فجزاهم الله عن الشعب خير الجزاء وشكرا لك على اهتمامك بهذا الموضوع
شكرا للأقلام الحرة
عجبتني هذه العبارة: خدمة الناس بشتى طوائفهم، بلا تمييز وبلا ازدراء أو اعتلاء، على مدى العقود الماضية، ولكن يؤسفنا أنهم أصبحوا لقمة سائغة من فاقدي الضمير، وأصحاب علاكي الألسن، وذوات النفوس المريضة، الذين نعتوهم بالخونة، بأقلام حبرهم السام، ولسانهم الجارح على المنابر الإعلامية والتواصل الاجتماعي، ما ساعد بالدفع نحو فصلهم وحرمان مرضاهم من أيديهم البيضاء وقلوبهم الدافئة.
ستراوي
ابداع دكتور
شكرا لهذا الاطراء والمقارنة الجميلة، وفيت وكفيت بمقارنة جميلة
ما خلاص خونوا الاطباء بل وخونوا اكثر من 65%
اطباء البحرين اثبتوا اصالتهم وانتماءهم الاصيل لهذه الارض الطيببة وانهم فعلا ابناء ديلمون واوال وبني عبد قيس بحرينيون سقوا من هذه الارض وردوا لها الجميل ولكن البعض ممن ليس لهم اصل كاصل هؤلاء الاطباء
يحاول النيل من وطنيتهم بسبب مواقفهم الشريفة
التي لا يستطيع هو القيام بها وحيث انه لا يستطيع ذلك فهو يحاول تسقيط كل شريف
بسيوني
سيدى ، بسيوني في الفصل الخامس تحدث بوضوح عن انتهاكات ذلك النفر من الاطباء ، لماذا لا تعود الى قراءته مجددا
ولد البلد
عزيزي الأمر ليس بيد وزير الصحة ولو كان بيده وأرجعهم إلى حيث يجب ان يكونوا لأرجعه من بيده الأمر إلى حيث كان.
قولها 10 مرات بسرعة