ما إن التقيت بزملائي في العمل وأصدقائي خارجه إثر عودتي إلى البحرين منذ ثلاثة أيام حتى تلقّفني الجميع بالسؤال يحضن السؤال عن أخبار الأهل والأحباب ولكن السؤال الأبرز الذي تكرّر: كيف حال تونس الآن؟
وحُقّ لهم السؤال، فتونس مهد الربيع العربي بقيت محطّ أنظار الإخوان والأشقاء العرب وكذلك غيرهم من المتابعين لشأن الثورات والإصلاحات داخل البلاد العربية عموماً. ولا يخفى على أحد أهمية السؤال وصدق تعبيره عن الشعور بالأخوة العربية والإسلامية ولكن قد يخفى على البعض ما ينطوي عليه السؤال من القلق والتوجّس من التجربة التونسية خاصة في حال فشلها، ذلك أن وسائل الإعلام المحلية في تونس وبعض القنوات العربية والعالمية لا تفتأ تبرز مظاهر التعثر بشكل ربّما يفوق أحياناً رصد جوانب النسق التصاعديّ الإيجابيّ في المتغيرات على الساحة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
وبقدر ما يبدو السؤال مهمّاً وحارقاً، يتراءى الجواب في غاية الخطورة؛ وليست الصورة التي أنقلها هنا إلا عيّنة لما عليه الحال في أكثر من محافظة زرتها ومعظم هذه الزيارات والمشاهدات تجيب عن السؤال بصوت عالٍ: «تونس بخير».
نعم أقولها من موقع المشاهد على عين المكان تونس بخير وإن كانت تسير الهوينى على درب الحوكمة الرشيدة، تكتب فصولاً للحرية الوليدة، تنقش على الصخر أبجديات الديمقراطية، ولا تخلو السطور الأولى من أخطاء. فأهل تونس - وكما قال بعض ساستها ممن هم في الحكم أو المعارضة - يتعلمون تطبيق الديمقراطية بعد أن حفظوها نظرياً عن ظهر قلب وكادت تمحوها من عقولهم عهود من الدكتاتورية «البورقيبية» و «النوفمبرية».
تونس بخير طالما فيها حكومة أخلصت النية وعقدت العزم على إصلاح ما أفسده دهر بورقيبة وابن علي الرئيسين الأسبقَين، وهي بخير طالما فيها مجلس تأسيسي فيه رجال ونساء استأمنهم الشعب على هذه المرحلة الانتقالية للتأسيس من جديد والبناء على قواعد سليمة، وتونس بخير وهي تشهد حراكاً سياسياً وفكرياً بنسق تصاعدي وتبايناً في الآراء والأفكار بشكل علنيّ لم تألفه البلاد في عهد الأنظمة السابقة لقد صار في البلاد معارضة حقيقية لا كرطونية لأن الحكومة ولأوّل مرّة منتخبة عبر صناديق الشرعية الانتخابية لذلك تنعم المعارضة بالحرية في النقد والاعتراض على مشاريع القرارات ومهما بدت عليه جلسات المجلس التأسيسي أحياناً من توتّر وتشنّج بيّن في صفوف بعض أعضائه فإنهم من الغد تجدهم في لجان عملهم متراصّين بكلّ تلك الاختلافات لإعداد مشروع الدستور الجديد.
تونس بخير طالما ينقد رئيس الدولة الحكومةَ أو تحديداً الحزب الأكثر تمثيلاً في الحكومة بأنّه ربّما قد تجاوز الحدّ المعقول في بعض التعيينات. ولئن أثار ذلك حفيظة بعض وزراء حركة النهضة وغادروا جلسة افتتاح مؤتمر حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» حين قرئت كلمة مؤسّسه رئيس الدولة حالياً المنصف المرزوقي، فإنّ رئيس حزب حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي بقي ثم دعي لإلقاء كلمته فكان ممّا قاله: «سيبقى المنصف المرزوقي رئيسنا» فعلاً هي عقليّة جديدة تؤمن بحقّ الاختلاف وتستمع للنقد ومنه تستفيد.
نعم تونس بخير طالما الإعلام فيها بهذا القدر من الحريّة حتّى أن رموز الدولة وحكومتها يقع نقدهم بطريقة ساخرة على مسمع ومرأى الملايين بطريقة لم تعهدها حتى أعتى الديمقراطيات في العالم.
تونس بخير لأن الموظف أو العامل صار يعمل ويطالب بتحسين وضعه دون أن يتوقف عن عمله أو يترك مَواطن شغله فالإدارة لم تتوقّف عن العمل حتى إبان الثورة ذلك أن تونس دولة مؤسسات يحترم كل من يعمل فيها واجباته ولم يعد يُفرّط في حقوقه وإن كان سابقاً قد يجد لنفسه العذر في التواني بحكم الفساد الإداري الذي ينخر بعض المؤسسات فإن اليوم وبعد الاتفاقيات المبرمة مع منظمة الاتحاد العام التونسي للشغل وزيادة رواتب معظم فئات الموظّفين والعمّال صار التونسيّ أشد حرصاً على أداء عمله في أحسن صورة.
تونس بخير طالما رجل الأمن صار يعمل وفق منظومة فيها احترام للقانون وشدة حيث يحتاج الأمر للصرامة ولئن مرّت الصائفة ببعض الأحداث الأمنية غير المريحة هنا أو هناك فإنها لم تؤثر على الموسم السياحي الذي شهد ذروته هذا العام حتى أن نسبة إيواء السياح في فنادق المنستير والمهدية مثلاً وصلت إلى حد 97 في المئة وهذا إن دلّ على شيء فإنه يدلّ على حالة الأمن والاستقرار في البلاد وإلاّ كيف يقبل السيّاح على بلد فيه اضطرابات كما يروج لذلك بعض الخصوم السياسيين للحكومة أو أزلام النظام السابق بإبرازها في الإعلام المرئي والمسموع.
نعم تونس بخير طالما ترى نساءها إلى جانب رجالها يهبّون للدفاع عن مكتسبات المرأة لا من جهة تأصيلها في الدستور الجديد فحسب وإنما أيضاً وهذا الأهم من جهة الفعل والإنجاز وتحمل المسئوليات الجِسام. فالمرأة التونسية تبني حيثما كان موقعها مع أخيها الرجل كيان هذا الوطن الصغير في الجغرافيا والكبير في عيون الكثير والكثير.
نعم تونس بخير وأنت ترى شبابها يقبل على العمل التطوعي الأهلي في إطار الجمعيات والنوادي بشكل يفرض عليك احترام هذا الجيل الذي أظهر من الوطنية والروح المدنية ما يعصم البلاد من الانهيار مجدداً أمام أي عواصف قد تهب على البلاد.
لا نقول إن تونس جنة على الأرض وأن الجميع في نعيم وأنه لا يوجد تطرف من اليسار أو اليمين... لا ليس هكذا، وإنما أردنا أن نقول لقد بدأت العجلة تدور وبعض المشاريع ترى النور على أرض الواقع وقطاع التشغيل في الوظيفة العمومية من حسن إلى أحسن خاصة بعد وضع معايير شفافة للانتداب في الوظيفة العمومية مع مراعاة الحالات الاجتماعية في ذلك نعم بدأت الأمور تسير نحو الانفراج...
نعم تونس في بارشا خير خاصة إذا تركتها بعض القوى الإقليمية الأجنبية والعربية تعمل بطاقاتها البشرية دون وصاية أو توجيه خدمة لمصلحة ما، فكما لم تتدخل هذه القوى في صنع الثورة التونسية أو توجيهها حين اندلعت، بحكم مفاجأتها غير السارة لهم، فإننا نأمل أن لا يتدخلوا فيها الآن ولا غداً ولا نسألهم نحن الشعب إلا الدعاء.
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"العدد 3650 - الإثنين 03 سبتمبر 2012م الموافق 16 شوال 1433هـ
لا نقول إن تونس جنة على الأرض
صدقت والدليل ما نسمعه عن بعض السلفيين وما يفعلونه
صراحة الأمر غريب
تحية لنساء تونس
نعم تونس بخير طالما ترى نساءها إلى جانب رجالها يهبّون للدفاع عن مكتسبات المرأة لا من جهة تأصيلها في الدستور الجديد فحسب وإنما أيضاً وهذا الأهم من جهة الفعل والإنجاز وتحمل المسئوليات الجِسام. فالمرأة التونسية تبني حيثما كان موقعها مع أخيها الرجل كيان هذا الوطن الصغير في الجغرافيا والكبير في عيون الكثير والكثير.
هلا بأهل تونس
بس عاد والله نشوف غير في التلفزيون التونسي
عموما هي تباشير الديمقراطية
ربك يتممها على الخير
عودة ميمونة الى البحرين
عودة ميمونة الى البحرين وبعد فان هذا الوشاح من اروع ما قرات ومن اجمل ما كتب عن بلادنا. الف شكر ودعائي لكم بمزيد التألق والتوفيق
صدقت خيرنا في شبابنا
نعم تونس بخير وأنت ترى شبابها يقبل على العمل التطوعي الأهلي في إطار الجمعيات والنوادي بشكل يفرض عليك احترام هذا الجيل الذي أظهر من الوطنية والروح المدنية ما يعصم البلاد من الانهيار مجدداً أمام أي عواصف قد تهب على البلاد.
الحمدلله على التحسن ولكن هناك المزيد ليتحسن
ما زالت تحتاج
مازالت الثورة التونسية تحتاج حيزا من الوقت للحكم لها أو عليها
أما الموضوع فهو جميل يعطينا فكرة مطمئنة من عين المكان
تونس في تحسن ملحوظ
لا نقول إن تونس جنة على الأرض وأن الجميع في نعيم وأنه لا يوجد تطرف من اليسار أو اليمين... لا ليس هكذا، وإنما أردنا أن نقول لقد بدأت العجلة تدور وبعض المشاريع ترى النور على أرض الواقع
الحمد لله
مبروك لهذا التحسن وتلانفراج وإن شاء الله القادم أفضل