يتزايد القلق في أوساط الأميركيين إزاء الارتفاع المطرد لكلفة احتلال القوات الأميركية للعراق الذي مضى عليه حتى الآن أكثر من خمسة أشهر. وساهم ذلك في تضخم جدي في عجز الموازنة الاتحادية الذي وصل في الفترة من أكتوبر/ تشرين الأول 2002 إلى درجة يوليو/تموز الماضي طبقا لتقرير وزارة المالية الأميركية إلى تجاوزت فيها الأرقام القياسية السابقة التي بلغت 423 بليون دولار. وتتوقع لجنة الموازنة في الكونغرس الأميركي ارتفاع العجز ليصل الى 104 مليار دولار مع نهاية سبتمبر/أيلول، وأن يرتفع العجز في العام المالي المقبل الى 084 مليار دولار.
وتقول اللجنة إن المستهلكين الأميركيين يدفعون 001 مليون دولار اضافيا يوميا من كلفة الوقود بسبب تعطل انتاج النفط العراقي، وتعرضه للتدمير والخراب من قبل المقاومة العراقية للاحتلال.
ولكن التقديرات الحقيقية للحرب التي تواصل الولايات المتحدة شنها على العراق لاتزال غامضة فقد أعلن وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد أمام مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي أن «نفقات الحرب الشهرية تصل إلى 9,3 مليارات دولار»، غير أن محللين يعتبرون هذا الرقم غير دقيق إذا ما تمت اضافة كلفة الحرب على أفغانستان إلى تلك الموازنة الشهرية، وخصوصا مهمات الحماية الجوية التي يطلق عليها عمليات «النشر النبيل» التي تبلغ 1,1 مليار دولار شهريا، يتجاوز هذا المبلغ الـ 5 مليارات دولار، ما دفع بأعضاء الكونغرس إلى الطلب من البيت الأبيض رسميا تقديم موازنة مفصلة لكلفة الحرب في العراق وأفغانستان، كما طالبوا بتقييم مالي للمبالغ التي تحتاج الولايات المتحدة إلى صرفها في العراق لاعادة إعماره. إلا أن الحكومة الأميركية لاتزال تتردد في تقديم تلك الأرقام للكونغرس، بحسب قول أحد اعضاء لجنة الموازنة في مجلس الشيوخ.
ومما يزيد من القلق أيضا اعتراف الحاكم العسكري الاداري للعراق بول بريمر من أنه تم التصرف بالودائع المالية العراقية المجمدة إذ تم استخدامها بالكامل لدفع رواتب للعراقيين، الأمر الذي يعني أن الولايات المتحدة ستكون مسئولة عن توفير عشرات المليارات من الدولارات لتغطية كلفة إعادة إعمار العراق التي تعهدت بها. وقال بريمر في مقابلة مع هيئة تحرير صحيفة «واشنطن بوست» ان تلبية احتياجات العراق من الكهرباء يتطلب وحده ملياري دولار و21 شهرا من العمل بينما يكلف توفير المياه النظيفة 61 مليارا ويستغرق أربعة أعوام.
ونقلت «واشنطن بوست» عن مسئول في وزارة الخارجية قول «إن البيت الأبيض يعتزم الطلب من الكونغرس موازنة اضافية ضخمة». وكان مكتب الموازنة والإدارة في البيت الأبيض أصدرا تقريرا أوليا عن العجز المتوقع للعام المالي 4002 يصل إلى 574 مليار دولار، غير أن هذا الرقم - بحسب قول عضو في لجنة الموازنة في مجلس الشيوخ - لا يتناول النفقات التي يتطلبها مشروع إعادة إعمار العراق وكلفة الاحتلال.
ويقول الخبير الاقتصادي في معهد «اولويات الموازنة لسياسة الادارة» ريتشارد كوجين «ان العراق سيزيد من هذا العجز للعام 4002 إلى مبلغ قد يصل إلى 059 مليار دولار».
أما اقتصاديو الكونغرس فيعتقدون أن عجز الموازنة بسبب العراق الذي سيكتمل مع نهاية شهر أغسطس/آب فسيصل إلى 08 مليار دولار، انفق 26 مليارا منها على الشئون العسكرية الأميركية فيه. ويتوقع هؤلاء استمرار الاحتلال الأميركي للعراق إلى ما لا نهاية سيسبب عجزا متصاعدا في الموازنة الأميركية الاتحادية.
العدد 364 - الخميس 04 سبتمبر 2003م الموافق 08 رجب 1424هـ