العدد 364 - الخميس 04 سبتمبر 2003م الموافق 08 رجب 1424هـ

ندوة لندن... و«سقوط الأقنعة»

عبدالمنعـم الشـيراوي comments [at] alwasatnews.com

أثارت ندوة لندن «إشكالية الإصلاح والمشكلة الدستورية والتغيير الديمغرافي» التي نظمها نائب رئيس المجموعة البرلمانية البريطانية لحقوق الانسان اللورد إفبري، وعقدت يوم الجمعة الموافق 22 أغسطس/ آب 3002 زوبعة وردود فعل والكثير من الاسئلة لدى المراقبين وخصوصا أن الحملة الإعلامية التي شنها البعض عبر أجهزتها الإعلامية والصحافة كانت تدار باسلوب حملات العلاقات العامة. وقد يكون السبب انها جاءت مباشرة بعد الندوة الجماهيرية تحت عنوان «التجنيس السياسي» التي حضرتها أعداد هائلة من المواطنين، والتي مازالتمدار الحديث بين الناس.

لكن ما أثار العجب هو أن ردود فعل البعض، بما فيها المقالات والتصريحات اتسمت إما بالتجريح الشخصي للمشاركين من أقطاب المعارضة واللورد افبري نفسه، أو بالتحريض المباشر ضد قوى المعارضة، بل وتمادت في الدخول في عملية قراءة لنوايا قوى المعارضة من دون مناقشة الأفكار والملفات التي طرحتها هذه الندوة! فخلال حديث جانبي مع أحد كتّاب الأعمدة الذين هاجموا الندوة وطالبوا بتكميم أفواه المعارضة، اعترف بأنه كتب مقاله على رغم أنه لم يقرأ لا كلمة اللورد إفبري ولا كلمتي علي ربيعة وحسن مشيمع.

لكن الأغرب من كل ذلك أن يسميها احدهم بـ «الندوة المشبوهة» على رغم أن بين من حضروا هذه الندوة ثلاثة من أعضاء مجلس الشورى (فيصل فولاذ وجميل المتروك وخالد الشريف). كما حضرها يوسف خلف وهو مستشار في ديوان ولي العهد، إلى جانب اللورد جليفورد الذي يملك مكتبا للعلاقات العامة يعمل لصالح الاتجاه الرسمي.

عموما، هذه الندوة تعقد سنويا ومنذ زمن طويل، وكان لا يحضرها غير قليل من المهتمين بالشأن الداخلي البحريني والمهتمين بمتابعة انتهاكات حقوق الإنسان. ولعل مشكلة هذه الندوة هي توقيتها، إذ جاءت لتوضح عدد من القضايا التي مست المشروع الإصلاحي الذي توافق عليه شعب البحرين مع النظام وعبّر عنه بتصويته على ميثاق العمل الوطني بنسبة عالية جدا، وعلى أرضية التصريحات التي طمأنت الشعب. ويمكننا تلخيص فشل البعض وعجزهم عن مناقشة القضايا التي طرحتها الندوة في ضعف المنطق والأسلوب اللذين أديرت بهما حملة ردود الفعل هذه، وهي كالآتي:

1- حضر الندوة ممثلون لحكومة مملكة البحرين ومدافعون عن وجهة نظر السلطة السياسية بعدد يفوق ممثلي المعارضة لكنهم فشلوا في الدفاع عن وجهة النظر الرسمية.

2- تحاشت تصريحات البعض والكتابات الموجهة التي ملأت الصحافة من مقالات وتصريحات، مناقشة الملفات المطروحة والحجج التي قدمتها المعارضة لتتجه نحو توجيه النقد الشخصي السطحي إلى اللورد إفبري ومشيمع وربيعة. بل تجرأ البعض وبدأ بالتشكيك في وطنية المعارضة وكتب دسا رخيصا لتحريض الدولة وأجهزتها ضد المشاركين من رموزها.

4- من الواضح، وفي حمى ردود الفعل المتسرعة، أن البعض نسى المادة 91 من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان إذ لا يربط حرية الرأي والتعبير بأي موقع جغرافي داخل أو خارج الوطن.

5- إن اتهام اللورد إفبري بالحنين إلى فترة الاستعمار البريطاني غريب وعجيب ويعكس حجم التخبط في الرد على ما طرح، وخصوصا أنه يتجاهل تاريخ هذا الرجل ومواقفه مع شعب البحرين طيلة عهد قانون أمن الدولة سيئ الصيت. بل يتجاهل ذلك الاستقبال الذي لقيه الرجل من شعب البحرين إبان زيارته لها والحب والتقدير والامتنان الذي يحمله شعب البحرين له. بل إن من عجائب الأمور أن تتشدق أجهزتنا الإعلامية وصحافتنا المحلية بتصريحات بلير وبوش بشأن الديمقراطية البحرينية بينما تعتبر تصريحات اللورد تدخلا أجنبيا في الشئون الداخلية، وكأن لسان حالها يقول: نريد أن نزيد من المدح والتطبيل ولا نريد سماع كلمة صادقة!

وفي النهاية لا يسعنا إلا أن نردد الكلمات التي بدأ بها اللورد إفبري كلمته في تلك الندوة وهي كلمة لجورج سنتيانا إذ قال: «هؤلاء الذين لا يتذكرون الماضي سيكونون مضطرين إلى إعادة إنتاجه».

إقرأ أيضا لـ "عبدالمنعـم الشـيراوي"

العدد 364 - الخميس 04 سبتمبر 2003م الموافق 08 رجب 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً