بعد أن أسدِل الستار على دورة ألعاب الأولمبية الصيفية الثلاثين التي استضافتها عاصمة الضباب لندن. وتابعناها بشغف كبير من خلال الشاشات الفضية الخليجية التي كانت تتنافس على نقل مبارياتها على الهواء مباشرة . وأتحفتنا ببرامج متنوعة من قلب الحدث . لا بدَّ أن أشير إلى وجود قناتنا الرياضية وسط هذا الزخم الكبير من التغطية الاعلامية ومحاولة إيجاد مسامحة لها. فقد استوقفني - في هذه الدورة - عدة مشاهد رياضية علقت بالذاكرة وأصبحت مثل الشريط السينمائي الذي يعاد مشاهدته أكثر من مرة . أبرزها رقصة الفرح التي قام بها اللاعب الجامايكي اوسين بولت بعد فوز فريقه بذهبية سباق التتابع وتحطيم الرقم العالمي . فقد أصبح هذا البطل القادم من بلد فقير مثالاً للتحدي و القدرة على تغلب الإنسان على الظروف الصعبة المحيطة به، بل وضرب أروع الأمثلة في تحقيق الإنجاز .
أما المنظر الذي توقفتُ عنده طويلاً فكان فوز محارب الصحراء العداء الجزائري توفيق مخلوفي بأول ذهبية للعرب. فقد أجبرني هذا الفوز على وضع ابتسامة الفرح وسط شعور متناقض، لكون هذا الإنجاز لا يتناسب مع البذخ الكبير الذي تصرفه الدول العربية و يفوق عشرات المرات دولاً فقيرة فرضت مكانة لاسمها بين خانات دول العالم مثل كينيا وأثيوبيا
والمنظر الذي جعلني أترحم على الرياضة العربية والمفهوم العربي الخاطئ لمعنى المنافسة الشريفة، تمثَّل في المشهد الأخير لقمة كرة السلة بين بطل العالم فريق الأحلام الأمريكي و بطل أوروبا الفريق الإسباني . فبعد انتهاء المباراة الرائعة ووسط احتفالات لاعبي منتخب الأحلام باحتفاظه باللقب الأولمبي تقدَّم مدرب أمريكا إلى نجم المنتخب الاسباني باو جازول ليواسيه ويشد على يده مهنئاً بالمستوى الكبير الذي ظهر به في المباراة . ثم تقدم زميله نجم فريق لوس انجلوس ليكرز كوبي برايت وحضنه وواساه بصورة مؤثرة ثم تبعه جميع اللاعبين الأمريكان وقاموا بفعل ما قام به زميلهم كوبي وكان آخرهم نجم النجوم ليبرون جيمز . هنا شعرتُ بالفارق بين الروح الرياضية العالية والممارسة الخاطئة التي نشاهدها في ملاعبنا و بين منتخباتنا العربية والتي أصبح الكثير منها يسبِّبُ المشاكل والأزمات كما حدث في لقاء مصر والجزائر من قبل . وكانت تلك الصورة الجميلة خير تتويج للمشاهد الجميلة التي شاهدناه في أولمبياد لندن .
إقرأ أيضا لـ "عباس العالي"العدد 3634 - السبت 18 أغسطس 2012م الموافق 30 رمضان 1433هـ