ترتبط الولايات المتحدة الأميركية مع دول مجلس التعاون الخليجي بعلاقات وثيقة على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية لا داعي للخوض في تفاصيلها. وتكتسب العلاقة بالبحرين سمة خاصة ومميزة تطورت إلى مرحلة من التحالف الاستراتيجي بين البلدين. وللتعرف على عمق هذا النوع من التحالف علينا استعراض مفهومه والالتزامات المترتبة عليه من قبل طرفي التحالف.
يعرف التحالف الاستراتيجي على أنه مشروع مشترك بين طرفين يهدف إلى استيعاب المتغيرات والسيطرة على المخاطر والتهديدات، إلى جانب السعي المشترك لتحقيق المنافع والمكاسب عبر سلسلة واسعة من العلاقات التعاقدية. وتترتب على هذا النوع من التحالف التزامات مشتركة تتغير باستمرار وفقاً للمتغيرات المحيطة منها، على سبيل المثال، المراقبة المشتركة للمتغيرات والاتصال وتبادل المعلومات لإعطاء الحليفين الإحساس بأنهما مجموعة واحدة ذات مصالح مشتركة لا يمكنها التصرف بإنفراد في الأمور التي تمس مصالح الطرفين.
كما يعتبر الفهم المشترك لثقافة واستراتيجية كل دولة من أهم التزامات التحالف الاستراتيجي لكونه يمثل نظرة شمولية ذات أبعاد متعددة. لهذه الأسباب كثيراً ما يقارب التحالف الاستراتيجي بالزواج. ومن متطلبات هذا النوع من التحالف أيضاً، قيام الطرفين بالدراسة المستمرة للمتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية الخاصة بكل طرف، بغرض التعرف على نقاط القوة والضعف الحقيقية للشريك. ويعتبر الحوار والتفاهم أساس التعامل لتحقيق المساواة والتوازن في العلاقات بين الطرفين.
إن تطبيق مفهوم التحالف الاستراتيجي هذا على العلاقة بين البحرين والولايات المتحدة الأميركية يساعدنا على استخلاص النتائج الآتية:
- أن الموقع الاستراتيجي للبحرين وتمركز قيادة الأسطول الخامس الأميركي على أراضيها قد أهلها لأن تكون شريكاً استراتيجياً للولايات المتحدة الأميركية. وكلنا يدرك مدلولات وأهمية تواجد القوة الأميركية في منطقتنا.
- إن هذه الميزة تفوق ما عداها من ميزات أخرى. فعلى المستوى الاقتصادي يعتبر حجم التبادل التجاري بين البلدين (1.7 مليار دولار) متواضعاً جدا إذا ما قورن بحجم التبادل التجاري بين الولايات المتحدة الأميركية والإمارات العربية المتحدة مثلاً والذي بلغ 18.8 مليار دولار. والبحرين هي أول دولة خليجية موقعة على اتفاقية التجارة الحرة مع أميركا في العام 2006 التي يميل ميزان التبادل التجاري لصالحها.
- توجد علاقات تاريخية بين البلدين قبل اكتشاف النفط في العام 1930 حيث اختيرت البحرين لتكون مقراً لمستشفى الإرسالية الأميركية في العام 1902 لأسباب عدة.
- إن أمن البحرين واستقرارها أصبح وفقاً لمفهوم التحالف الاستراتيجي محل اهتمام خاص للحليف الأميركي.
- إن الولايات المتحدة الأميركية مصدر رئيسي للمعدات العسكرية التي تحتاجها البحرين. وكلنا يدرك ما تترتب عليه مثل هذه العلاقة من متطلبات لا تقتصر على وسائل التدريب ونظم التشغيل وقطع الغيار بل تتعداه إلى الشراكة الكاملة في تكنولوجيا التخطيط والعمليات والإدارة ووسائل السيطرة والمراقبة والاتصال. وجميعها تتطلب بحوثاً مستمرة للتطوير والتحديث المستمر تملك ناصيتها الدول المصنعة.
بعد هذا السرد السريع للعلاقات بين البلدين، يتساءل المرء عن مغزى بعض الهرج والمرج المفتعل من قبل بعض الأطراف والذي يتجاهل طبيعة العلاقة الاستراتيجية والتزاماتها ومتطلباتها وخاصة في ما يتعلق بالفهم المشترك لطبيعة المخاطر والتحديات المحيطة. فهذا البعض يعتبر التشاور والتنسيق بين الحليفين وما يتطلبه التحالف من فهم مشترك لثقافة واستراتيجية كل طرف تدخلاً ، فراح يدعو لطرد ممثل الدولة الحليفة من أراضي البحرين متناسياً أن الاختلاف في الرأي لا يفسد في الود قضية بين حليفين استراتيجيين.
وقد بلغ الهرج مداه حين تجاوز البعض الأعراف وأدب المعاملة فراح يحرض ويحشد ويدعو إلى مقاطعة ممثل الدولة الحليفة في المجالس وذلك في شخصنة تذكرنا بمرحلة المراهقة الطفولية. وقد بلغ الهذيان حداً حول مسرحية الـ 11 مليون دولار المهربة في حقيبة يد واحدة نسبها البعض لرواتب جنود البحرية وآخر لقوى محلية معادية، وذلك رغم نفي الجهات الرسمية في كلا البلدين لما ورد حول وجهتها وصحتها.
إننا لسنا هنا بصدد الدفاع عن سياسات الولايات المتحدة الأميركية اتجاه منطقتنا. فهذه السياسة التي لم ترضِ عنها في العلن الأطراف المختلفة هي التي تسير دفة الأمور في منطقتنا. وهي السياسة ذاتها التي تهرول القوى المختلفة لنيل رضاها والاستقواء بها في وجه الآخر. وكما حدث في الماضي يحدث هذا أمامنا الآن في أكثر من موقع عربي. أساطيل أميركا هي التي تحرس المنطقة وتسهر على أمنها وهي التي تعلمنا كيف نستخدم أدواتها للدفاع عن أنفسنا. أليست هي التي شجعتنا على غزو بعضنا البعض ثم أتت لتطرد الغازي وتملك الطرفين؟ هي الآن قد تنصحنا بلطف لترتيب بيتنا من الداخل بأنفسنا لتجنب فقع عيوننا، لأنها تدرك مغزى التحالف الاستراتيجي لدرء المخاطر عن مصالحها. فكفانا متاجرة بلعن أميركا في العلن ثم التسبيح بحمدها في السر.
إقرأ أيضا لـ "عبدالحسن بوحسين"العدد 3621 - الأحد 05 أغسطس 2012م الموافق 17 رمضان 1433هـ
في الصميم!
هذا حال كثير خمن البحرينيين يلعنها تارة ثم يعود ويحمد ربه على وجود المارد امريكا
سلمت يداك,,
نعم القول ..!!
أمريكا عدوتنا أذا أختلفنا معها وصديقتنا في حربنا علي سوريا الجريحه ,,, تناقض مخيف
قتلت مقالتك كل حاجز به صمم
مشكور ما خليت للقط مهرب وكفيت شر القتال بين المحتطب لغيره والمتدثر بلباس بنيران امريكا !
قتلت مقالتك كل حاجز به صمم
مشكور ما خليت للقط مهرب وكفيت شر القتال بين المحتطب لغيره والمتدثر بلباس بنيران امريكا !