قال إمام وخطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، الشيخ عيسى قاسم إن الأمة الإسلامية بحاجة إلى عقلاء ومخلصين يقفون أمام مخططات الفتنة التي تهدف إلى ضرب الأمة، وإنها وجودها على يد أبنائها، مؤكداً أن «تاريخ الأمّة محتاجٌ أشدّ الحاجة إلى الوقوف بكلّ حزم من كلّ العقلاء والمخلصين من مختلف القوميّات والمذاهب والطوائف والتوجّهات التي تشكلّ وجودها في وجه هذا المخطّط الآثم الذي رسمته اليد المعادية للأمّة والإسلام من الخارج ويجري تنفيذه على يد القوى العاملة من أعداء الأمّة وجهلتها في الدّاخل، قضاء على الإسلام وإنهاء لوجود الأمّة».
وتساءل قاسم، في خطبته أمس الجمعة (3 أغسطس/ آب 2012) «أين العقلاء؟ أين الوعاة؟ أين المخلصون للإسلام؟ أين المشفقون على الأمّة؟ أين من يفهم الإسلام؟ أين من يهمّه أمره؟ أين هؤلاء كلّهم; لينادوا بصوتٍ واحدٍ صارخٍ رافض لمخطّط ضرب الأمّة بعضها ببعض وإنهاء وجودها على يد أبنائها».
وأوضح «الأمّة الإسلاميّة بما لها من كتابٍ إلهيٍّ لم يَمْسَسْهُ ما تعرّضت له الكتب الإلهيّة من قبله من تحريف، وبما بقي لها من حديثٍ ثابتٍ عن رسولٍ نبيٍّ أمين، وبما تمتلكه من مقوّمات الأمّة النّاجحة، أمّةٌ مجيدة وهي الأمّة المؤمَّلة لإنقاذ العالم الغارق في الجاهليّة من طغيان المأساة والأخذ به إلى شاطئ الأمان».
وأضاف «هذه الأمّة المؤمَّلة تضعها النّزاعات السياسيّة الدنيويّة والأطماع التسلطيّة الجاهليّة للعديد من الكيانات واستخدامها لورقة الدين في صراعاتها الدنيويّة واستفادتها من التعدديّة المذهبيّة وتأجيجها للرّوح الطائفيّةِ في مهبّ الرّيح وطريق التمزّق والتشظّي والذوبان».
وتابع «تُقْدِمُ الأمّة في ظلّ هذا الواقع المرير على أخطر منزلقٍ يمكن أن تخسر فيه كامل قوّتها وهيبتها ومكانتها ووحدتها إلى أمدٍ بعيد. فتنةٌ عارمة تعدّت بداياتها بمسافةٍ مخوفة تعمّ الأمّة الإسلاميّة وتقسّمها القسمة التي تقود إلى احتراب فيه ضرر دينها وخسارة دنياها، وانهدام بنيتها، وسيولٌ من سيول الدم الحرام، وتمكينٌ أشدُّ لأعداء الأمّة من رقبتها ومصيرها».
وواصل «تنطلقُ الفتنة المرعبةُ من أكثر من بؤرة، ومن أكثر من مكان، ويختلطُ فيها السياسيّ بالدينيّ بالطائفيّ، وتحرّكها السياسة الدنيويّة القذرة الآثمة التي لا مُقَدَّسَ عندها إلّا المصلحة الماديّة والتمدّد الماديّ والتعملقُ الماديّ والسيطرة الطاغوتيّة، ولا لذّة في نظرها كلذّة إذلال الآخرين. وكلّما تتبرقعُ به من شعاراتٍ دينيّةٍ ومذهبيّةٍ لا قيمةَ لها عندها وإنّما هي وسائلُ ومطايا تركبها من أجل أهدافها الدنيويّةِ الماديّةِ والسلطويّةِ القذرة، يعينها على ذلك فهمٌ خاطئٌ للإسلام يصوّره أنّه دينُ هتكٍ وفتكٍ وإسرافٍ في القتل واستخفافٍ بقيمة الدم والإنسان، ويفصلهُ تمامَ الفصل عن خُلُقِ التفاهم والحوار والنُصْحِ والرحمة».
ورأى أن «السياسة الدنيويّةَ الملعونةَ التي تنحرفُ بطبيعةِ الصراعِ من كونه صراعاً بين حكوماتٍ ظالمةٍ وشعوبٍ مظلومة، بين مُستكبِرِين ومُستضعَفين، بين من يُصادِرُ حريّةَ الآخرين ومن يصرّونَ على حريّتهم، إلى كونه صراعاً بين قوميّة وأخرى، وطائفةٍ وأخرى، ومذهبٍ وآخر. هذه السياسة مستعدّةٌ من أجل بقائها أنْ تُضحّي بكلّ وجود الأمّة ومَقْدُرَاتِها ومُقَدَّرَاتِهَا ومقدّساتها وكلِّ ما هو قوميٌّ ومذهبيّ وإشباعاً لنزعة التسلّط والاستبداد والتفرّد بالملك. سياسةٌ تستبيح كلّ وسيلةٍ قذرةٍ في سبيل بقاء مكاسبها الدنيويّة، وأنْ يُقتَل من يُقتَل من أبناء الأمّة أيّاً كان، وتسيل الدماء أنهارا، وتتخلّف الأمّة أحقابا، ويتراجع مستواها إلى مسافات، وأنْ تفقد مقوّمات نهضتها من جديد».
من جهته، قال إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي الشيخ عدنان القطان إن تدبر القرآن وإطالة النظر فيه، وجمع الفكر على معاني آياته، أنفع الأشياء إلى العبد في معاشه ومعاده، مبيناً أن الآيات القرآنية «تُطلِعُ العبد على معاني الخير والشرِّ وعلى حال أهلهما، وتُرِيه صورة الدنيا في قلبه، وتُحضِرُه بين الأمم، وتريه أيام الله فيهم، فيرى غرق قوم نوح، ويعلم صاعقة عاد وثمود، ويعرف غرق فرعون وخسف قارون. بِتَدبُّر القرآن يعيش المرء مع الآخرة حتى كأنَّه فيها، ويغيب عن الدنيا حتى كأنَّه خارجٌ عنها؛ فيصير في شأنٍ والناس في شأن آخر».
ووصف القطان القرآن بأنه «حبل الله المتين، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم، فيه نبأ مَنْ قبلنا، وخبر مَنْ بعدنا، وفصل ما بيننا. هو الحق ليس بالهَزل، بالحق أنزله الله وبالحق نزل، مَنْ عمل به أُجر، ومَنْ حَكَم به عدل، ومَنْ دعا إليه هُدِيَ إلى صراط مستقيم. مَنْ طلب الهدى منه أعزَّه الله، ومَنْ ابتغى الهدى من غيره أذلَّه الله، يَرفع الله به أقواماً ويَضعُ آخرين، ويأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه».
وذكر في خطبته أمس الجمعة (3 أغسطس/ آب 2012) أن «الإنسان بلا قرآن كالحياة بلا ماء ولا هواء؛ بل إن الإبلاس متحقِّقٌ في حسه ونفسه، ذلك أن القرآن هو الدواء والشفاء، شفاءٌ للقلوب، وشفاءٌ للأبدان، وشفاءٌ للمرء وأنيسٌ، كلما ضاقت أمامه مسالك الحياة وشعابها، وافتقد الرائد عند الحَيْرة، والنور عند الظلمة، يجد القرآن خير جليس لا يُمَلَّ حديثه، وتِردَادُه يزداد فيه تجملاً وبهاءً».
وأضاف «تنضبط به النفس المتردِّدة أمام الزوابع والأعاصير، فلا تغرق في لجَّة المهالك، ولربما ضاقت بالمرء الضوائق، ومارت في وجدانه المخاوف، ويشدّه ألمه فلا يجد إلا أن ينشد راحته في بضع آيات من القرآن يردِّدها».
وقال: «لا يُعرَف مظلوم تَواطأ الناس على ظلمه وزهدوا في إنصافه مثل القرآن، فلله ما أقلّ عارفيه! وإنَّ أحدنا لو ذهب يبحث عن العاملين بما فيه بحقٍّ وصدقٍ في أغلب ما يرى ويسمع لأعياه طلابه (طلبه). اتَّخَذ الناسُ هذا القرآن مهجوراً، إلا مَنْ رحم ربي، واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، صحفٌ، ومجلاتٌ، وحكاياتٌ، وروايات، وثقافاتٌ، تموج بها الدنيا صباح مساء».
وأوضح «من تأمل حياة كثير من الناس اليوم وجد أنها لا تمت إلى القرآن بصلة، ولا تتصل به والعياذ بالله، فما أكثر المخالفات الموجودة، وما أعظم الواجبات المفقودة، سبحان الله، عباد الله أين المسلمون اليوم عن هذا القرآن العظيم الذي تضمن كل ما يحتاجه الناس في حياتهم الدينية والدنيوية».
إلى ذلك، أكد إمام وخطيب جامع عالي الكبير الشيخ ناصر العصفور أن التنافس على فعل الخير والإصلاح، والسعي إلى ما يصلح أمور المجتمع، من الأمور الضرورية والمطلوبة، مشيراً إلى أن التنافس أمر محبب، وقد حثت الآيات القرآنية والروايات على التناقس في فعل الخير، والمبادرة إلى العمل الصالح.
وأوضح العصفور في خطبته أمس الجمعة (3 أغسطس/ آب 2012) أن «التنافس والمنافسة حالة طبيعية بل ضرورية في حياة الأفراد والمجتمعات على حد سواء، لأن التنافس هو المحرك والدافع للتطوير والتميز، والإبداع وإذكاء روح المبادرة وتفجير الطاقات والقدرات عند الأفراد وفي المجتمع، وبروز الأفكار الجديدة والابتكارات المختلفة».
وقال: «لولا المنافسة الإيجابية لما تحقق أي تقدم في أي مجال من مجالات الحياة على اختلافها، ولساد الحياة البشرية حالة من الركود والسكون والخمول، ولما ظهرت الإبداعات والاختراعات، ولما تقدم الإنسان في المجالات المختلفة. والمهم في روح المنافسة هو التنافس الإيجابي الذي يدفع إلى البناء والتعاون وتنمية الطاقات ويخدم المجتمعات ويطورها».
وشدد أن «التنافس أمر مطلوب ومحبب، وقد حثت الآيات والروايات على التسابق في فعل الخير، والمبادرة والمسارعة إلى العمل الصالح، ولما فيه نفع الناس وصلاحهم، كما حث الدين على التنافس في تحسين العمل، وجودة العمل وإتقانه وإخراجه بالصورة الأفضل والأكمل، وعلى المستوى الفردي والاجتماعي، والتنافس في مجالات العمل الخيري، وفي تقديم الخدمات الإنسانية في العمل الاجتماعي والتطوعي، وهو أمر حيوي وضروري».
وأضاف «وكذلك التنافس بين الدول والأمم والحضارات في كل المشروعات ومجالات التنمية والصناعة وسائر الأمور، في المجال العلمي والتقني والاختراع والاكتشاف وما يخدم الإنسانية وتقدمها».
وأشار إلى أن «التنافس في العمل للآخرة لا ينفصل عن الدنيا وإعمارها، فإن الدنيا مزرعة الآخرة ولا يمكن إدراك الآخرة بمعزل عن الدنيا، ولكن إذا كان التنافس على الدنيا بالطريقة التي تقود إلى خراب الآخرة، وتدمير إيمان الإنسان، فلا خير فيها، وليست منافسة وإنما هي سقوط وانحدار».
وبيّن العصفور أن «التنافس السلبي هو التنافس إلى الأسفل والى السقوط والانحدار، في الشر والظلم والتخريب بدل التعمير والإفساد بدل الإصلاح، والبعض يتنافس ويتسابق في مجالات الشرور والإضرار بالآخرين والانتقام منهم وربما يعتقد إنه لا يمكن أن يحقق له وجوداً وكياناً إلا إذا عزل الآخر وأقصاه وهمشه».
وأكد أن «مجال الحياة مفتوح وفضاءها واسع وكبير، وهي تتسع لكل الطاقات والإمكانات ولكننا نضيّق فسحة الحياة ونصغر من المساحات، بضيق أفقنا ومحدودية تفكيرنا، ونتصور أنه لا يمكن تحقيق إنجاز إلا على تدمير الآخرين وتحطيمهم». وأفاد «المسلمون كأمة كانوا سباقين في كافة المجالات العلمية والعملية، وحققوا إنجازات ضخمة خدمت الإنسانية والحضارة، ولكنهم تخلفوا عن ركب الحضارة المعاصرة بأشواط طويلة وبعد أن كانوا هم الرواد، ولكننا في هذا العصر أصبحنا خارج المنافسة بمسافات شاسعة وفي أسفل السلم وفي ذيل قائمة الأمم».
العدد 3619 - الجمعة 03 أغسطس 2012م الموافق 15 رمضان 1433هـ