«تدريجياً، ومع توافر الدعم ستختفي المشكلة، حيث ستتوقف مناظر القتل المروعة للأمهات التي تتضور جوعاًً، وستتوقف أيضاً الهجمات الوحشية التي نراها في الأوقات المتأخرة من الليل، وباستطاعتنا الآن أن نتعامل معها بطريقة إنسانية». مهلاً، لا يأخذنكم الخيال بعيداً في الحالة البحرينية حالياً، فما هذه إلا فقرة مبتسرة بتصرف بسيط لتصريح عن أمة أخرى من أمم الأرض تعيش بينكم؛ ألا وهي الكلاب «الضالة» أعزكم الله بإنسانيتكم التي يريد البعض حرمانكم منها!
فقد صرحت جمعية البحرين للرفق بالحيوان مؤخراً بأن «فريقاًً من الجمعية سيقوم بإجراء مسح ميداني لحصر الكلاب (الضالة) في مختلف مناطق البحرين بهدف إخصائها لتقليل تكاثرها في الفترة من 1 حتى 8 أغسطس/ آب المقبل». ربما سيكون هذا الخبر له وقع الكارثة لو أُذيع في دولة أوروبية أو في الولايات المتحدة، التي تدافع عن حقوق الحيوانات في العالم وليس البشر تحديداً، لما يتضمنه من مشروع خطير لإخصاء كلاب «ضالة» تعيش في الطرقات والمزارع والأزقة والمدن، بلا إقامة أو تصريح، ليل ونهار في أمان. رغم أن الجمعية ذكرت بأن «قتلها لا يعد حلاً مثيلاً، كونه لا إنسانياً وغير رحيم، باعتبار أن بعضها يبقى جريحاً ويعاني ذلك طوال فترة حياته، معتبراً قيام البلديات أو الشرطة بممارسة الطلق الناري على الحيوانات والكلاب الضالة تحديداً، مجرد مضيعة للوقت والجهد والأموال»!
إلا أن ما يمكن ملاحظته في هذا الموضوع ورود هذه العبارات: (المشروع الوطني، كلاب ضالة، القبض عليها، سنكون قادرين على مقارنة وضمان المعلومات واختيار الأماكن الأكثر تضرراً من مشكلة المجموعات، التعامل معها بأسلوب إنساني آخر). كما ورد وصف «أحداث» وحدث، «جرو»، أو «بالغ» لتلك الكلاب «الضالة». وهنا يختلط الغث بالسمين والواقع بالخيال، في فهم مثل هذه المواضيع لتشابه أوصاف الحيوانات وما يجري عليها مع جميع أوصاف البشر من حولك وما يجري عليهم.
وبيّنت الجمعية أن»الهدف من هذا المشروع يتمثل في التحكم في الأعداد، حيث نحتاج إلى إخصاء أكبر عدد من الكلاب الضالة لوقف تكاثرها وإرجاع الكلاب الطبيعية والمعافاة إلى بيتها ومكانها! (أين والبلد ليس بها مساحات ولا بيوت أو خرائب خالية؟)، إضافة إلى التعامل الإنساني مع الأخرى المتوحشة، والمريضة أو المجروحة التي يصعب إرجاعها»، يا عيني على الحنية.
أما حيثيات المعالجة لهذا الأمر الحيواني المهم حالياً وحصرياً تتمثل في القبض على الكلاب والقطط «الضالة» في المناطق التي تتجول فيها، فإذا كانت الكلاب في صحة جيدة وليست عدوانية، فإنها ستقوم بمعاملتها بيطرياً من خلال العلاج والتطعيم، ثم توضع عليها علامة بإحدى الوسائل لإظهار أنها تلقت اللازم وليست بحاجة إلى القبض عليها مجدداً! (حالها أفضل بكثير من بني البشر)! على أن يُعاد إطلاقها مجدداً مرة أخرى في المناطق التي رُصدت فيها». وهنا يتساءل كثير من البشر على هذه الأرض لماذا لا يتم التعامل معهم «بأسلوب إنساني» كما هو مع الكلاب رغم أنها «ضالة»؟ ثم ما هو تعريف الكلاب «الضالة» في لغة العصر الذي نعيشه؟ وما معنى الضلالة هنا؟ وهل هي كلاب من خارج البلاد أم هي مستوطنة هذه الأرض من حيث السلالة الكلبية؟ وهل «ضلالة» هذه الكلاب جاءت معها أساساً أم هي طارئة عليها، أي هل كانت «ضالة» قبل أن تطأ أرض البلاد أم حدث لها «الضلال» هنا؟
أضف إلى ذلك، توقيت الخبر في خضم شهر رمضان الكريم في بلد مثل بلدكم وبظروفها الحالية، فما هي دواعي العجلة في هذا الأمر؟ والأغرب أنهم لم يقوموا بالمسح الميداني بعد، ومع ذلك فهناك رقم مدون مع الخبر يذكر بأن عددها يقدر بنحو «10 آلاف كلب و22 ألف قط»! ولم نعلم هل هذا الرقم المُقدّر للكلاب والقطط «الضالة» في البحرين يشمل الذكور والإناث منها أم فقط الذكور! ثم كيف تم تقدير الرقم المدون لكلاب هي أساساً «ضالة» وبالتالي كيف يمكن عمل إحصاء لكلاب وقطط «ضالة» أي فلتانة، ليست تربية بيوت، فهي بلا أم وأب معروفين! كما أن الملفت في الخبر هو وجود «مدير لمشروع التحكم بأعداد الكلاب الضالة في البحرين» ضمن هذه الحملة الإنسانية لحماية تلك النطف الحيوانية من القتل المتعمد مع سبق الإصرار والترصد. وقد فتحت الجمعية الباب أمام المتطوعين من بشر البحرين وطلبت دعماً مادياً في شهر رمضان لتفادي قتل الكلاب «الضالة».
والغريب، بأن المجالس البلدية تفتقد بالدرجة الأولى إلى اختصاصي للتعامل مع الحيوانات الضالة من كلاب وقطط وغيرها. وبما أن العالم تطوّر تقنياً فلم يعد الأمر كما كنا نشاهد سابقاً، شرطياً يصوب سلاح الشوزن لوجه وعيون هذه الكلاب ويرديها قتيلةً، بل عليك اليوم إجراء مكالمة بعنوان الكلاب «الضالة» لمن يهمه الأمر، أو أن تترك رسالة، عبر البريد الإلكتروني، لتبلغ عن كلب «ضال» أو قطة «ضالة» لتساعد في شيئين: إما التخلص منها لخطورتها وتأثيرها على المجتمع الآمن، أو إخصائها لسلميتها وتركها تعيش تحت المراقبة الدائمة لحمايتها من أي مكروه.
إلا أن الأمر ليس بتلك السهولة واليسر، فحتى في محاربة الكلاب هناك نقص في الموازنات. فليس بوسع الجمعية مد يد العون للكلاب «الضالة» بسبب نقص الأيدي العاملة والمكان المناسب لتنفيذ برنامج العناية بالكلاب بنجاح، أو التمويل المطلوب للتعامل مع هذه الأعداد التي تتجول في الأماكن السكنية بحرية وتقوم بالاعتداء على الناس بلا سبب سوى أنها كلاب «ضالة» وعديمة التربية.
كما وجهت الجمعية لبعض المجالس البلدية، خطابات طلبت من خلالها دعم البرنامج الذي ستنفذه لإخصاء الكلاب والقطط الضالة منعاً لانتشار أذاها على المارة في البلاد. وطلبت الجمعية مبلغ دعم قدره 6 آلاف دينار من كل مجلس بلدي أو بلدية طوال 3 أعوام، أي 90 ألف دينار في حال وافقت كل المجالس! هذه العناية بالكلاب «الضالة» وإلا فلا. وقد رد البعض على طلب الفلوس بالقول: هذا العمل يجب أن يكون بشراكة المجتمع ككل للحد من ظاهرة الكلاب الفلتانة!
وقد جاء تحذير مسبق قبل نحو عامين من منظمة (AniMedics) لم ننتبه له إلا اليوم مفاده بأن كلاب البحرين «الضالة» في الشوارع ستصل لملايين مستقبلاً ما لم يتم تعقيم ولجم 80 في المئة منها للحد من تفاقم المشكلة بين الناس المسالمين. هذه نصيحة أخوية من جهات أجنبية، ورمضان كريم.
إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"العدد 3615 - الإثنين 30 يوليو 2012م الموافق 11 رمضان 1433هـ
هذا هو الواقع
الكلاب الضالة اغلى ثمنا من البشر في هذا البلد يا دكتور.
اللي ما عنده شغل
مثل قروي يقول (اللي ما عنده شغل يختن السنانير)
وقد جاء تحذير مسبق بأن كلاب البحرين ستصل لملايين - أنا عمري قارب الستين - يعني من قبل ستين سنة وألاحظ ان الكلاب الضالة تتناقص حتى وصل عددها درجة الصفر - خصوصا بعد ان تم استهلاكها للأكل.لا يوجد إلا اثنين تراهم ورى برادات حسن محمود في توبلى - وأربعة في شلرع الميناء - ولكن هذه فرصة للي ما عنده شغل مثلي
يشتغل خصاي - لانه بعد الكلاب سيكون دور السنانير والفئران والعصافير والذباب.إلخ...
وستظهر شركات كثيرة متخصصة.
يا جماعة اتقو الله