في لقاءات كثيرة جمعتنا مع فئات تعرضت إلى الأذى المباشر وغير المباشر في أرزاقهم وفي مكانتهم الوظيفية والمهنية وفي مشاعرهم الإنسانية، من معلمين ومعلمات وأطباء وطبيبات وممرضين وممرضات ومسعفين ومسعفات ومهندسين ومهندسات ومحامين ومحاميات وموظفين وموظفات وعمال وعاملات وتقنيين وتقنيات وفنيين وفنيات وفنانين وإعلاميين وإعلاميات وكتاب وصحافيين وصحافيات ورياضيين وطلبة وطالبات وإداريين وإداريات وبلديين منتخبين أقيلوا عن مناصبهم، لن نبالغ إذا ما قلنا إننا بعد كل لقاء معهم نخرج بدروس بليغة في الصبر والاحتساب إلى الله والتوكل عليه والإخلاص للوطن والود إلى كل مكوناته المحترمة.
وجدناهم ثابتين على مبادئهم الأخلاقية والوطنية التي تشربوها من الآباء والأمهات والتي جبلوا عليها منذ نعومة أظفارهم، وجدناهم يعرجون بنفوسهم نحو السماء، لتزداد نقاء وصفاء، لقد أثبتوا بالفعل أنهم المعدن الأصيل في الإنسانية والوطنية الذي لا يتبدل ولا يتغير بتغير الظروف والأحوال، وجدناهم أوفياء لوطنهم ولمكوناته الفاضلة، رأيناهم المثل الأعلى في الحب والود وصفاء القلب ورقي النفس، رأيناهم ملتزمين بوطنيتهم بشدة وثبات لا تزلزلهم الأباطيل والاتهامات والأراجيف والخزعبلات التي نسجت حولهم.
لم يستسلموا للضغوطات النفسية والاقتصادية القاسية التي مورست ضدهم من البعض القليل، الذين مازالوا يحبون لهم الخير والسعادة ويحرصون على مشاعرهم الإنسانية، ويتذكرون الأيام الجميلة التي جمعتهم وإياهم، ويتذكرون أنهم أكلوا وشربوا معهم سنوات طويلة، ولم يتخيلوا في يوم من الأيام أنهم سينسون أو يتجاهلون العشرة الإنسانية والوطنية التي كانت بينهم، ويتمنون أن ترجع تلك الأيام الحلوة ليثبتوا لهم أن قلوبهم التي عمروها بذكر الله تعالى هي عامرة بالحب والود دائما، وتستوعب كل الناس بلا تمييز طائفي أو عرقي، وأن نفوسهم وأرواحهم سامية راقية، ومعنوياتهم قوية جدا تفوق كل التصورات الإنسانية وهي أكبر بكثير من الأزمة السياسية، لأنها مرتبطة ارتباطا وثيقا وراسخا بالخالق المتعال، فلهذا كان همهم الأكبر مصلحة الوطن بكل شرائحه وفئاته، وألا تخدش سمعته في المحافل الدولية وأمام المنظمات الحقوقية الدولية وفي المحافل الاقتصادية والإعلامية، وألا تمس علاقات مكوناته الوطنية بسوء.
لأنهم يؤمنون إيمانا راسخا أن التعبير عن الرأي بأساليبه وآلياته المتنوعة الذي كفله ميثاق العمل الوطني والدستور والعهدين الدوليين لحقوق الإنسان، وأن الاختلاف في الرأي ظاهرة صحية في المجتمعات التي تريد لنفسها التطور والنماء السياسي والوطني والاقتصادي والاجتماعي والعلمي، إذا ما أخذ بموضوعية وواقعية، وخضع للمعايير الإلهية بمساحاتها الحقوقية والإنسانية والوطنية، رأيناهم متمسكين بقوة بأخوتهم الوطنية وبعلاقاتهم الاجتماعية، ويحرصون على ترسيخها في الحاضر والمستقبل، لإيمانهم الراسخ بوطنيتهم وإنسانيتهم في كل الأحوال والظروف، لم نندهش ولم نتعجب من هذه الروح الإنسانية والوطنية الراقية التي تحلوا بها طوال الأزمة وفي مختلف المراحل، لأننا عرفنا إنسان هذا البلد في مختلف مكوناته المذهبية والعرقية ومنذ وجوده على هذه الأرض الطيبة كان النبراس والدليل لكل من يريد العلم الواعي والثقافة النظيفة والفكر الواضح والوعي الرزين والحب والود الصادق والصبر والتفاني والإخلاص الذي لا ينضب والسجايا المحمودة التي لا تبدلها وتغيرها الخطوب والبلايا، بارك الله في وطننا العزيز، برجاله وشيوخه ونسائه وشبابه وشاباته وأطفاله الذين عاهدوا الله جلت عظمته منذ وجودهم في هذه الدنيا، أنهم لن ولن يقبلوا أن يسكن في قلوبهم إلا الحب للوطن ولكل فئاته وأطيافه.
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 3607 - الأحد 22 يوليو 2012م الموافق 03 رمضان 1433هـ
افراد طيبون ولكن!.
مقال جميل فيه من الطوباوية الكثير, ما ذكرتهم من افراد هم مفخرة الوطن, اما من اساء لهم لا يمكن ان يغفر له, رغم ما عرف عنا من طيبة و تسامح.