العدد 36 - الجمعة 11 أكتوبر 2002م الموافق 04 شعبان 1423هـ

خاتمي يضغط بالصلاحيات ويـحــرج المحـافـظـــين

مستندا إلى التأييد الشعبي

حسن فحص comments [at] alwasatnews.com

.

اذا ما كانت خطوة رئيس الجمهورية الايرانية محمد خاتمي في الآونة الاخيرة التي تتلخص في تقديم لائحتين تبيين صلاحيات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في الدستور، وتعديل قانون الانتخابات إلى مجلس الشورى (البرلمان)، تعد «خيانة» للنظام والثورة الاسلامية، كما هي قراءة التيار المحافظ للامر، فإن الاصلاحيين من جهة أخرى، يرون أن هذه الخطوة قد تأخرت كثيرا، إذ كان من المفترض بخاتمي أن يقدم عليها قبيل الانتخابات الرئاسية الأخيرة قبل سنة وثلاثة اشهر (الثامن من يونيو/ حزيران العام 2001)، خصوصا أن تلك المرحلة كانت مؤاتية لاستعمال ورقة صلاحيات الرئيس وتعديلها وليس تبيينها كورقة ضغط على التيار المحافظ والنظام لتحقيق بعض الانتصارات الدستورية، مستفيدا من أزمة هذا التيار وحاجته لمشاركة خاتمي كمخرج يمثل أقل الأضرار للمأزق الذي قد يواجهه هذا التيار في حال عدم مشاركة خاتمي.

وإذا ما كانت شكلت الدموع التي ذرفها خاتمي ساعة اعلان ترشحه لانتخابات الرئاسة «صك براءة» له ومنحته تأييدا شعبيا واسعا وكاسحا من ثلث الشعب الإيراني و78 من المقترعين. فإنها تحولت إلى نادرة تتناقلها وتكتبها الأوساط والصحافة المحافظة، كتعبير عن انتصار موهوم أحرزته على اعتبار أن عودته - أي خاتمي - وضمن الأطر والصلاحيات الموجودة قد تسهم في تراجع التيار والأحزاب الاصلاحية.

وخاتمي الذي سعى بشتى الوسائل إلى ايصال رسائل إلى المحافظين عن مدى خطورة ما تقوم به السلطات ومراكز القوى الخاضعة لسيطرتهم، ووقوفها بوجه أي تحرك قانوني وحتى دستوري له كرئيس للجمهورية وللسلطتين التنفيذية والتشريعية، حاول من خلال لائحة «تبيين» صلاحيات الرئيس الدستورية أن يلتف على العوائق والسدود التي توضع أمامه. والدفع بالتيار المقابل لمواجهة الاتهامات السياسية بتعطيل وعرقلة مشروعات الدولة وأعمالها، وبالتالي ابعاد كرة العجز عن تحقيق مشروعه ورميها في ملعبهم (المحافظين).

لا شك، وكما يؤكد المقربون من خاتمي، في أن لائحة ترسيم الصلاحيات، ستواجه بالرفض من قبل مجلس صيانة الدستور بعد اقرارها باجماع اصلاحي في البرلمان، وهو أمر سيؤدي إلى احالة النقاش على مجمع تشخيص مصلحة النظام برئاسة هاشمي رفسنجاني، وهذا المجمع سيخرج بحل توافقي، مؤداه الموافقة على (20) منه على ألا يكون ضمنها الاقرار لرئيس الجمهورية بصلاحية توجيه انذارات دستورية للسلطات الأخرى كالبرلمان والقضاء انطلاقا من كونه الشخص الحارس للدستور، كحد أقصى مما ورد في اللائحة، ورفض ما تبقى.

وعلى رغم اطمئنان التيار المحافظ ومراكز القوى التي يسيطر عليها من هذا الأمر وهذه النتيجة المسبقة، فانه عمد إلى شن هجوم قاس وغير مألوف في الخطاب السياسي العلني بين التيارات، وتوجيه الاتهام له بالخيانة إذا ما راودته فكرة الاستقالة من منصبه كاعتراض على رفض اقرار اللائحة.

وموقع رئاسة الجمهورية يعتبر الأول في الدستور والحارس له بعد قائد الثورة وولي الفقيه.

لكن هذه الثنائية بينه وبين القائد خلقت توازيا في السلطات التنفيذية ساهمت في شل عملية التنمية وأدخلت إيران في حال من التوتر، ليس أقلها ما ترافق مع القرارات القضائية باقفال أكثر من ثمانين صحيفة ومجلة، غير أن اصرار خاتمي على المضي في مشروعه الاصلاحي، على رغم العراقيل التي واجهها وكذلك معارضة بعض المقربين له إلى استمراره وعودته للرئاسة لدورة جديدة، يبدو أن هدفه ليس تحقيق انتصارات حاسمة، مع علمه بعدم امكان ذلك، بل محاولة القول انه سعى من أجل التغيير والتحديث والاصلاح، لكن الآخرين منعوه من فعل ذلك، وبتعبير آخر، ترجمة الحديث الشعبي عن معارضة المحافظين للتغيير، وأيضا القول، وبلسان المحافظين، إن الثنائية في قيادة السلطة التنفيذية تمنع أو تعرقل انطلاقة قطار الاصلاحات الذي وضعه على سكة البداية تاركا للآخرين أن يأتوا للسير به إلى الهدف المطلوب بما يحقق استمرار وبقاء النظام والثورة من جهة، ويرفع الدولة إلى مزيد من الانسجام مع تطلعات الشعب والديمقراطية والحرية واحترام الآخر

العدد 36 - الجمعة 11 أكتوبر 2002م الموافق 04 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً