في دولنا العربية فقط، حين تتمادى الأنظمة في انتهاكاتها لحقوق الإنسان، لا تصمت عن الموثَّق والمرصود والشهادات المباشرة بشأن تفاصيل تلك الانتهاكات؛ بل تثور حميّة المندوبين الدائمين، والمؤقتين، والسفراء، والقائمين بالأعمال، وبعض النواب، وبعض كتّاب الصحف، وبعض التجّار، وبعض العاطلين، وبعض شركات العلاقات العامة التي تعاني من ركود في أعمالها، وبعض النقابيين، وبعض المعارضين الاصطناعيين، وبعض جمعيات الديكور الحقوقي والسياسي، وبعض «النشطاء»، وبعض «المفرفشين» كلما احتدّت الأوضاع، كل أولئك يجمعون على أن مؤامرة تحاك وتدبّر ضدها، وأنها مستهدفة من الدول المتقدمة، وكأنها سبقت تلك الدول بعقود في تقدمها، وحداثتها، واحترامها، وتبجيلها، وتعظيمها للإنسان وكفالة حقوقه!
وفي دولنا العربية فقط، تكون الممارسات الخارجة على كل شرائع وقوانين السماء والأرض، مادة دسمة مرئية ومقروءة للعالم في ما يتعرض له الإنسان من احتقار، وامتهان، وسفك لآدميته بشكل شبه لحظي، ومع ذلك، يجب تكذيب كل ما تمت رؤيته، وقراءته، والعودة إلى الضمير بحسب مواصفات وملامح وتوقيت محدد!
دول تسوق شعوبها كما تساق الخراف إلى الذبح، وتمعن في إذلالها، وكأنها في وبمعزل عن كل إمكانات الرصد والمتابعة والإدانة. كأنها في أحد مجاهل إفريقيان أو غابات الأمازون، أو كهوف جنوب شرق آسيا، ويراد لكل تلك الوسائط الاجتماعية والمعرفية أن تتعطل، وترتد على أعقابها كي لا تجرح مشاعر ونوايا الذين ينتهكون تلك الحقوق، وإذا استطاعت تلك الدول أن تعطل حواسها ففي ذلك أجران، أجر تعطيل حواسها كي لا تتورط في مساحة الظن؛ لأن بعض الظن إثم، وأجر ترك تلك الممارسة، فتأخذ طريقها من دون تدخل أو إزعاج أو «شوشرة» أو إساءة لمشاعر الذين يضطلعون بمسئوليات تلك الشعوب، والإشراف على مصيرها، وقدرها وقضائها، والدليل الصارخ والجاهز والممل في الوقت نفسه: «أهل مكة أدرى بشعابها»؛ على رغم أن الأمور لا علاقة لها بالشعاب أو التلال أو السكك والمتاهات!
صمت الشعوب العربية على امتداد عقود عما تعرضت له من انتهاكات، وسلب لإرادتها، والتعامل معها في صور أقل بمراحل ودرجات من التعامل مع الحيوانات والبهائم، لا يعني شرعية تلك الممارسات أو دخولها واستقرارها في منطقة «العرْف»، وبالتالي أي تغير، أو انتفاضة، أو ثورة، أو احتجاج هو محاولة لزعزعة تلك الشرعية والنيل منها!
لا أدري، كيف لمن يتعامل من دون وازع ديني أو رادع أخلاقي مع انتهاكات حقوق الإنسان وكأنها أسلوب إدارة لشئون الناس، ويحتج على أخلاقية العالم حين يرصد تلك الانتهاكات، وهي موثقة ولا تقبل الجدل أو التشكيك في أبسط وأعقد تفاصيلها؟
على الدول المتقدمة التي تدين وتشجب وتستنكر أداء دولنا العربية في ملف حقوق الإنسان أن تتعلم الأدب، وأن تتقي الله بالنسبة إلينا، والمسيح بالنسبة إليهم، وبوذا بالنسبة إلى آخرين، والصدفة بالنسبة إلى فريق رابع، فيما يصدر عنها من استفزازات، واتهامات، وتجنٍ بحق دول مذ جاءت إلى السلطة - ليس مهما الطريقة التي جاءت بها - وهي تتعامل مع هذا المخلوق إما بتفويض إلهي مزعوم؛ وإما باجتهاد هي مأجورة عليه في جميع الأحوال!
فلا يأخذن بك الاستغراب مأخذه حين تصل الأمور بتلك الدول (دولنا العربية) إلى مرحلة تخاطب فيها العالم، وتملي عليه استلهام تجاربها في مراعاة وصون حقوق الإنسان، واتخاذها نموذجاً لا يجب التفكير بالخروج عليه إذا ما أراد العالم استقراره، وحكم شعوب لا تشكو من شيء سوى أنها لا تشعر بوجودها أساساً!
ثم إنه عليكم أن تطمئنوا أيها الحانقون على أداء دولنا في مجال حقوق الإنسان، فما ترونه أو ما تتوهمون رؤيته من ربيع عربي استلهمته بعض شعوبكم من «وول ستريت» إلى مدريد؛ بعد أن كنتم مركز الإلهام في الحريات، ما هو إلا فقاعة؛ تماما كما هي الفقاعات التي انتابتكم في سوق العقار والاقتصاد الذي بلغ حد الانهيار؛ ثم تعافيتم منها، وكذلك نحن في الطريق إلى ذلك، وسنعود أدراجنا في ما نمارس، وستعود الشعوب إلى الرضا بالنعم التي هي فيها على أيدينا!
أيتها الدول الحاقدة والحانقة والحاسدة إنجازاً لنا لم تبلغوه - ولن تبلغوه - يقيننا الذي لا نمل من ترديد وجه من وجوه نصوصه: ألا بالشكر تدوم النعم، فاشكروا ما أنتم فيه من تخلف، واعملوا على تغييره كي تبلغوا مبلغنا، باستلهام ما نمارس وتطويره، سعياً وراء ازدهار ورفاهية الذين يديرون شئون شعوبهم، وليس مهماً بعد ذلك إن امتد ذلك الازدهار والرفاهية إلى الشعوب نفسها، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، حيث يكفي أننا ساهرون عليها، ولا تهم طريقة السهر أو محصلاته.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 3586 - الأحد 01 يوليو 2012م الموافق 11 شعبان 1433هـ
انجازات تتوالى
الانجازات التي حققتها بحريننا في مجال حقوق الانسان لا يمكن نكرانها خصوصا بعد 14 فبراير. قتل, تعذيب, هتك للحرمات, هدم للمساجد, عقاب جماعي, إستهداف طاأفي بغيض والقاإمة تطول. اللهم لا حسد.
انجاز
هذا الانجاز الذي لم يبلغوه تدعمه امريكا وبريطانيا وهما لايريدونه لشعونهم لكنهم يريدونه لغيرهم لاجل مصالجهم لهذا ادعو لرفع شعار ليرحل اسطولكم من بحريننا
دخل صحيح خرج
اعور اعمى معاق اخرس فاقد الحواس مجنون معتوه فقير بلاعمل وهناك من لم يخرج وهناك من قتل بعد العذاب هذا الذي بلغته الدول العربية ولم تبلغ له دولهم