العدد 3585 - السبت 30 يونيو 2012م الموافق 10 شعبان 1433هـ

ثقافة «الإفلات من العقاب» تدمر المجتمعات

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

مع تفاقم قضايا الشارع دون حلول واللجوء إلى أدوات حرب العصابات في المجتمعات العربية وازديادها في ظل موجة الاحتجاجات والثورات التي انطلقت منذ العام 2011 واستمرت حتى هذه اللحظة. فهي بلاشك اليوم تشكل نقطة تحول مع تبني منهجية الإفلات من العقاب بدلاً من تبني آليات جدية تحل القضايا والمشاكل السياسية العالقة في المجتمعات التي تبحث عن حلول جذرية تحسّن من حال أوضاعها المتردية.

إن تفشي ثقافة الإفلات من العقاب تأتي نتيجة غياب التشريعات والقوانين التي تلزم الدول بتفعيلها مع القضايا التي تواجهها سواءً كانت سياسيةً أو اقتصاديةً أو اجتماعيةً، ولهذا يتم استهداف شرائح مختلفة من المجتمع بمن فيهم الصحافيون، وحسب لجنة حماية الصحافيين (CPJ) ومقرها نيويورك، فقد قتل 574 صحافياً وأفلت من قتلهم من العقاب منذ العام 1991.

وحالياً يعمل المجتمع الدولي على توفير وسائل الحماية للصحافيين من اعتماد خطة مشتركة بين الأمم المتحدة واليونسكو للعمل على حماية الصحافيين والنظر في قضية الإفلات من العقاب، ويجري تنسيق المشروع من قبل منظمة اليونسكو، التي دعت جميع الدول إلى دعم الخطة. ومن خلال تقديم تقريرٍ إلى مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في جنيف يوم 19 يونيو/ حزيران 2012، إذ أوضح المقرر الأممي الخاص بحرية الرأي والتعبير فرانك لارو أن «المشكلة في ضمان حماية الصحافيين في جميع أنحاء العالم ليست كونها غير ممكنة في ظل عدم وجود معايير دولية، ولكن بسبب عدم قدرة أو عدم رغبة الحكومات في اتخاذ تدابير فعالة».

وقد أعلن لارو دعمه لليوم العالمي (23 نوفمبر/ تشرين الثاني) لإنهاء الإفلات من العقاب، وباقي المبادرات التي تحارب من أجل حلّ الجرائم ضد الصحافيين.

ورحب لارو بإعلان شبكة آيفكس في العام 2011 ليوم 23 نوفمبر يوماً عالمياً لإنهاء الإفلات من العقاب، وأشار إلى أن الإفلات من العقاب من أهم أسباب العدد الكبير غير المقبول من الصحافيين الذين يتعرضون لهجمات أو للقتل كل عام. وذكر أمثلةً من أميركا اللاتينية مثل مبادرة اللجنة الدولية لمناهضة الإفلات من العقاب في غواتيمالا، وبرامج الحماية التي شكلتها الحكومة للصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في كولومبيا.

لكنه خصّ بالانتقادات مكتب المدعي الخاص المعني بالجرائم المرتكبة ضد حرية التعبير في المكسيك وفي دول المنطقة العربية لعدم تحقيقه نتائج، و»الذي يرجع جزئياً لعدم وجود إرادة سياسية من جانب المسئولين لتناول القضايا وتنفيذ برامج عمل ملائمة، وأيضاً بسبب الافتقار إلى الاستقلالية في الإدارة والموارد، وحقيقة أن أعمال العنف ضد الصحافيين غير مجرمة بموجب القانون الفيدرالي».

وتشير المادة 19 إلى أن المقرر الخاص للأمم المتحدة كريستوف هينز المختص بالإعدام والوحشية والإجراءات خارج نطاق القضاء، بحث في آلياتٍ لتوفير قدرٍ أكبر من الحماية للصحافيين في تقريره. وحثّ كلا المقررين الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية إلى ضمان حقوق الصحافيين من خلال تطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان ومراقبة هذا التنفيذ.

المراقبون لأوضاع الصحافيين في المجتمعات المختلفة بما فيها المنطقة العربية التي تشهد تقلبات سياسية ساخنة في أوضاعها الداخلية، أكّدوا أن غالبية الانتهاكات ضد الصحافيين تحدث خارج حالات النزاع المسلّح، وخصوصاً عندما يقومون بتغطية احتجاجات في الشوارع أو نقل تقارير عن الجريمة المنظمة وقضايا ذات حساسية سياسية. إلى جانب ما يتعرّض إليه الصحافيون على الإنترنت للخطر، فضلاً عن تزايد استخدام القوانين الجنائية لقمع حرية الإعلام عبر أدوات شتى.

إن استمرار هذه الثقافة وتفشيها في مجتمعاتنا العربية يعكس اضطراباً سياسياً على مواجهة المشاكل العالقة، وهي ثقافة تؤدي إلى تدمير المجتمع وتعرض استقراره للهلاك من خلال استهداف الآخرين. بمعنى آخر فإن الأنظمة التي تحتمي بهذه الثقافة من أجل استمرار حالات الفساد في نظامها السياسي هي أنظمة عاجزة تشجّع مزيداً من الفوضى والقتل عبر إرهاب وترويع أمن مجتمعاتها.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 3585 - السبت 30 يونيو 2012م الموافق 10 شعبان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 7:20 ص

      سياسة الافلات من العقاب

      1-هذه السياسية تعني أن هناك فئة لا تقع ضمن القوانين ، فهي مستثناة من تطبيق القانون
      وهذه السياسة أطلقت أيديهم بالبطش دون حساب أو كتاب ، وذلك لأن تطبيق القانون عليهم يجر إلى استجواب شخصيات أكبر
      2- في الوقت الذي نحن بحاجة إلى تجريم هذه السياسة ، بحاجة ماسة أيضا إلى قوانين تجرم التمييز على أسس العرق أو اللون أو الدين أو الطائفة
      3-الحمد لله على السلامة اختنا ريم

    • زائر 8 | 3:41 ص

      الادهى والامر

      ان يخرج لنا وزير ويتبجح بان الاطباء قاموا بتوسيع جروح الجرحى في الاحداث وهو وزير عدل وفي الاخر يخرج الاطباء بحكم البراءه وان ماقيل هو محض افتراء فكيف لنا ان نثق بهذا الوزير

    • زائر 7 | 3:32 ص

      تكرار الانتهاكات دليل على ثقافة الإفلات من العقاب

      احد مصاديق ثقافة الإفلات من العقاب هي تكرار الانتهاكات لمعرفة هؤلاء بأنهم مَحْميون بهذا القانون الغير مكتوب.

    • زائر 6 | 3:03 ص

      هنا المشكلة

      الاجتماعات كثيره والعمل على ارض الواقع صفر

    • زائر 5 | 2:13 ص

      مهما يكن فإن الله موجود

      من نالمستحيل أن يفلت أحد من العقاب دام الله موجود.. والله سبحانه لن يضيع حق أحد بإذن الله.. فإذا لم يُعاقب في الدنيا، فجزاءه في الآخرة اشد و أشد

    • زائر 4 | 2:03 ص

      من امن العقاب اساء الادب

      اذا صلح الحاكم صلح الرعية

      مجتمع لايطبق فيه القانون هكذا يصبح انتهاكات
      لاتحصى

      المشكلة كل شيئ واضح عيني عينك ولارقيب ولا
      حسيب من اعتداء على الشهداء وبردات جواد ووو

      كله موثق ولم يقدم احد للمحاكمة هذا هو مفهوم الافلات
      الحقيقيي

    • زائر 3 | 1:15 ص

      تفشي ظاهرة الإفلات من العقاب

      ليس بخفي أن ظاهرة التفشي وتفشي الظاهرة ترتبط بالمرض، وهذه الحالة تعني أن هناك عدوى، معدية خطيرة، تكشف الطريق أو تبين حالة الانتقال من والى وضع متقدم قد تصل إلى الموت.
      فما عقاب ظاهرة الإفلات من العقاب؟
      والى أين المفر؟

    • زائر 2 | 1:08 ص

      يا مغيث

      الإفلات من العقاب لا يتم إلا بمساندة القوي الذي يفرض كل ما يريد من تخويف و تسلط و قمع وقتل وووووووو وهذا ما يفتك بالمجتمعات نتيجة غياب المحاسبة القانونية ، فماذا تتوقع من نتيجة أن ترفع يد القاتل وينادى أنه المجني عليه ويشار إلى المقتول على أنه الجاني.

    • زائر 1 | 12:30 ص

      نعم هو كذلك قال تعالى (ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب)

      لا تستقيم الحياة الا بالقصاص وخاصة ممن هم من المفروض ان يكونون مسؤلون ومؤمنون على حياة الناس فإذا قام هؤلا بالتعدي على حياة الآخرين
      خلاف مهمتهم فيجب ان يخضعوا لمحاسبة شديدة.
      وفيما يتعلق بحياة الصحفيين، لأن الصحافة هي الكاشف لزيف الانظمة فهي عرضة للتصفية الجسدية احيانا بسبب مواقفهم وبسبب تواجدهم بمواقع الحدث فيسهل استهدافهم ويكون المبرر لاصطيادهم سهلا ايضا

اقرأ ايضاً