قبل أشهر تأسست باجتهادات شخصية من أناس محبين لهذا الوطن وحريصين على وحدته الاجتماعية، لجان وملتقيات أهلية ضمت في تشكيلها مختلف ألوان المجتمع البحريني من محامين وأكاديميين وفنانين وأدباء ومفكرين ومثقفين، بغية تقريب وجهات النظر، وإعادة اللحمة الوطنية، والتأسيس لمستقبل أكثر استقراراً قائم على التعايش والتسامح والألفة والمودة.
وعلى رغم اختلاف مذاهب المنتمين لهذه اللجان، إلا أن لوثة الطائفية لم تصيبهم بدائها، فوضعوا كل ما يتعلق بانتمائهم العقائدي وتوجهاتهم الفكرية خارج المكان الذي اتفقوا على الاجتماع فيه، وجلسوا معاً على طاولة واحدة من أجل البحث عن حلول، متناسين كل ما يتعلق بالأحداث التي مرت بها البحرين العام الماضي واستمرت تداعياتها حتى هذا الوقت.
لم يتطرق نقاشهم المطول إلى المتسبب فيما جرى ولا ضحايا الأحداث، فمثل هذا الحديث قد يدخلهم في خلاف مباشر على أساس اختلاف قراءة كل منهم لمجريات الأمور، وتباين المعلومات التي حصل عليها كل منهم والقناعات التي ترسخت لديه بناءً عليها، فراحوا ينظرون إلى البحرين الوطن الذي يستنهضهم لإنقاذ أبنائه من صراع طائفي، ووضعوا خطة وبرنامج لزيارات المجالس الأهلية المعروفة في قرى ومدن البحرين، للتواصل مع مختلف الشرائح والأعمار وامتصاص حالة الاحتقان والبحث عن مخرج يعيد العقد الاجتماعي الوثيق الذي عرفت به البحرين إلى سابق عهده.
الطريق الذي اختطه المؤسسون والداعمون للنشاط الاجتماعي المهيئ لأجواء المصالحة، لم يكن معبداً محفوفاً بالورود، ولكنهم على رغم ذلك أصروا على المضي فيه حتى النهاية.
وفي تلك الأثناء حاول أفراد إجهاض هذه اللجان، لأنها تتعارض مع تحركاتهم المشبوهة في الخفاء، وتجلى ذلك في موسم عاشوراء، مطلع العام الجاري، حين تحولت المحرق التي عاش أهلها باختلاف ألوانهم معاً على مدى عقود طويلة، إلى ساحة متوترة يُرفض فيها مرور مواكب العزاء، سبق ذلك حملة تم الإعلان عنها بشتى الطرق لتدشين عريضة أهلية رافضة لخروج المواكب، في تصرف يتعارض مع الدستور الذي يكفل حرية الشعائر الدينية حتى لليهود والمسيحيين، فكيف الحال بمكون رئيسي في هذا المجتمع؟
يبدو للمراقب أن حركة هذه اللجان والملتقيات أصابها خلل أو عارض غير متوقع، فالتطورات في الساحة المحلية تتصاعد بشكل كبير، يصاحبها اتساع في هوة القطيعة الاجتماعية إلى حد موجع، وهو الوقت الذي يمكنهم أن يحدثوا فيه تغييراً ويتصدوا لدعاة الطائفية بخطابهم العقلاني الموزون الذي يدحض الحجة بالحجة، ويلجم الألسنة المنفلتة التي لا تعرف حداً تقف عنده.
هذه اللجان وإن تلاشى دورها وتراجع في مواجهة الخطاب المتطرف، الذي يستمد قوته من مصطلحات الكراهية وإلغاء الآخرين وتهميش وجودهم، إلا أنها استطاعت أن تحرك الماء الراكد وتعيد شيئاً من العلاقات التي تقطعت، وتمد جسوراً تهدمت، وتؤلف بين قلوب تفرقت، ووجودها في هذه الفترة لا يقل أهمية عن فترة الحماس والاندفاع التي برزت فيها، كحلقة مكملة للمساعي الرامية إلى توحيد الجسد الوطني وحماية النسيج الاجتماعي الداخلي.
صناعة الوعي ليست بالقضية السهلة، وخصوصاً في ظل سيطرة فكر غريب يتلاعب بعاطفة الناس، ويشعل محفزات الخوف لديهم، ويشحذ هممهم للمواجهة، فهي أشبه ما تكون بحرب ضد مفاهيم مفخخة، تحتاج إلى نفس طويل وصبر وتعب حتى ينتقل العقل من مرحلة الانفعال إلى مرحلة التقبل.
الساحة المحلية لاتزال مهيأة لتدخل الحكماء الذين يقيسون الأمور بمعيار وطني صرف، وإن سعى من سعى ليظهر المجتمع على أنه يعيش تشرذماً وانقساماً حاداً يصعب تداركه، فمثل هذه الأفكار يراد من ورائها تثبيط عزم العقلاء وإحباطهم وإفشال أي نوايا للخير في داخلهم، كما حصل في اللجان الأهلية التي استهدف أشخاص فيها، تم التشهير بهم والطعن في صدقية مبادراتهم، من أجل تأليب الناس عليهم ورفض محاولاتهم للم الشمل وتوفير الأجواء المناسبة للمصالحة.
إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"العدد 3581 - الثلثاء 26 يونيو 2012م الموافق 06 شعبان 1433هـ
اصطياد الجاه والمال في الماء العكر
العمران يحتاج إلى أيد كثيرة ، وإلى جهد مضاعف ، وزمن طويل
بينما الخراب لا يحتاج إلى أفراد كثيرين ولا إلى تعب ، وسنوات
لذا عمل دعاة الخراب في هذا الوطن ، ودمروا النسيج الاجتماعي ، ولا يهمهم أن يهدم الوطن على أهله ، في قبال جنيهم المال والثروة والجاه .
ولذا نحن بأمس الحاجة إلى وعي جماهيري يحجم دور ذوي المصالح الشخصية على حساب مصلحة الوطن الكبرى ، وذلك بعدم الاستجابة لدعواتهم وتحجيم دورهم بترك منابرهم ، لأنها مفعمة بالفتنة والطائفية ، إلا سوف يتخمون من الأموال ، والخاسر هو الوطن والمواطن
هذه المواكب محمية حتى في الدستور
"... سبق ذلك حملة تم الإعلان عنها بشتى الطرق لتدشين عريضة أهلية رافضة لخروج المواكب، في تصرف يتعارض مع الدستور الذي يكفل حرية الشعائر الدينية حتى لليهود والمسيحيين، فكيف الحال بمكون رئيسي في هذا المجتمع؟".
ستبقى هذه المواكب ما بقي أهل البحرين وستسير في مسارها المستمر منذ عشرات بل مئات السنين شاء من شاء وأبى من ابى.
صناعة الفتن ليس كصناعة السلام
صناعة الفتن هي اسهل ما يكون بكلمات بسيطة يمكنك ان تشعل حربا دامية وبكلمات يمكن ان تحرق دولا بها ملايين البشر، ولم يحذرنا لله من الفتنة اعتباطا
والتشديد على أن الفتنة تفوق القتل في جرمها وجريرتها لأنها اي الفتنة اذا استعر اوارها فإن ارواح تزهق ونفوسا تدمر ومقدسات تهدم ولا قيم تراعى
ولا نفوسا تحترم
إنها الفتن يا اخي وهذا ما حذرنا منه مرار وتكرار
لكن اجاب البعض الغاية تبرر الوسيلة اي ان البعض
لكي يقضي على مطالب الناس فيجوز له استخدام اي وسيلة شرع واجاز لنفسه ذلك