العدد 3563 - الجمعة 08 يونيو 2012م الموافق 18 رجب 1433هـ

جمود فكرة أم ضمير؟

مالك عبدالله malik.abdulla [at] alwasatnews.com

.

جمود الإنسان على فكرة معينة لا يعني بالضرورة تخلف الفكرة أو لجمود عقلي لديه، فالفكرة قد تبقى صالحة لتطبق في أزمنة مختلفة، وهناك العديد من الأفكار التي يتم تطبيقها مع تطويرها، أو حتى دون تغيير بعد سنوات من تطبيقها في مكان آخر أو في المكان نفسه، ومن هذه الأفكار مثلاً مجلس النواب الذي عاد للعمل في البحرين بعد أن كان فكرة موجودة في السبعينات وتم تجميدها.

وليس العيب أن يصرّ الإنسان على تطبيق فكرة ما، طبّقها أو طبّقت من قبل مادام يرى أنها فكرة صحيحة، ويرى في تطبيقها حلاً لمشكلة ما، ولكن العيب كل العيب أن أقاوم هذه الفكرة وأروّج لمقاومتها وإسقاطها وأنا على يقين أنها لصالح الناس الذين أحاول إيهامهم أنها ضدهم.

والجمود هنا ليس جمود فكرة، بل جمود ضمير امتلأ بالمال والمغانم على حساب الناس، لذلك تجمد إلى الدرجة التي لا يمكنه أن يذوب أبداً ليتحدث عن الحقيقة التي يحاول إخفاءها عن الناس، لأن ضميره والذي يسمى في علم النفس «الأنا الأعلى» أضحى أسيراً لـ «الأنا» التي أخذت تسبح به في جمود الضمير للدرجة التي أضحى فيها يبيع الكذب على الناس مع علمه أنه كاذب وأن ما يقوله ليس في صالح الناس.

البعض من أصحاب الجمود، تقتلهم الغيرة من النجاح والجوائز، وبدلاً من السعي والعمل والمثابرة للوصول إلى ما وصل إليه الآخرون، فإنهم يلجأون للكذب والهراء الدال على الفشل الذريع، فهم لا يستطيعون رؤية إنسان مخلص ناجح، وهم أصلاً لم يصلوا إلى ما هم فيه إلا بالتملق والنفاق والفساد، والكذب والافتراء وإبعاد الناجحين عن أماكنهم بطرق ملتوية.

ولأن الجمود هو جمود الضمير، تراهم لا يهتمون لاعتقال طفل في الحادية عشرة من العمر في وقت يقرّ فيه قانون للطفل، ولا يأبهون لامرأة مسنة كادت أن تفقد حياتها بسبب مسيلات الدموع، أو شباب يخسرون شبابهم بسبب تعبيرهم عن رأيهم.

الجمود هنا هو جمود ضمير، وجمود حقيقة، والجمود هنا تخلف عن ركب الإنسانية، والجمود هنا هو تخلف عن القيم الإسلامية والإنسانية والأخلاقية، جمود مقالة مفادها «فليحترق البلد بمن فيه، فالمهم أن يمتلئ الجيب من المال الحرام».

والجمود هنا، جمود عقل وقلب وإنسانية، ولو تعددت الأفكار فهي لا تعدو كونها أفكاراً شيطانية، أو أفكار هي لـ «دسّ السم في العسل»، لأن المقصود بها الحصول على المزيد من امتيازات المحسوبية والفساد.

والغريب أن هذا الجمود، يرى بأن العالم كله أعمى وهو فقط من يقول ويرى الحقيقة، فجميع الدول التي أعطت توصيات للبحرين بشأن الوضع الحقوقي هي عمياء ولا ترى، وجميع المنظمات الحقوقية هي كذلك، وهو فقط من يرى.

وهذا صحيح لكنه يرى وفق ريموت يعمل بالمال الذي جمّد ضميره.

إقرأ أيضا لـ "مالك عبدالله"

العدد 3563 - الجمعة 08 يونيو 2012م الموافق 18 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 10:49 ص

      الفكرة و تهيئة المناخ للطرح

      الفكرة هي بمثابة نواة تحتاج لظروف بيئية معينة لتكون مهيئة للغرس لتؤتي أكلها في ما بعد ، هنالك مرحتان مرحلة تكوين الفكرة و من ثم المرحة التالية تهيئة المناخ المناسب لطرح الفكرة و بعدها الثبات عليها و حتى إن واجهت المرء معوقات ليس ذالك يعتبر بفشل و لكن موقف و ليس وقوف فيقول جل و على "ان الله لا يضيع أجر المحسنين" إن العمل الصالح و إن لم يتحقق فالله يجزي و يثيب .

    • زائر 2 | 3:52 ص

      لن يؤمنوا ابدا

      سيقولون لك : أرنا الله جهرة ..........مهما كانت الحقائق ثابتة وحقيقية وواضحة وضوح الشمس والغرض لهم

    • زائر 1 | 1:30 ص

      الحقيقة

      إلى الأمام .....توصيف دقيق
      شكرا لك

اقرأ ايضاً