العدد 3559 - الإثنين 04 يونيو 2012م الموافق 14 رجب 1433هـ

الغازات الخانقة لم تعد خانقة!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

الحمد لله رب العالمين على ما حكمت به محكمة الأمور المستعجلة أمس من عدم اختصاصها بنظر القضية المتعلقة بإثبات إن كان الغاز المسيل للدموع تسبب في أمراض من عدمه.

ربما هذه أغرب قضيةٍ ينظرها القضاء في أيٍّ من بلدان جامعة الدول العربية، فرغم متابعتنا اليومية لأخبار (الرواديو) من قبل، والفضائيات من بعد، لم نسمع أن حزباً سياسياً أو جمعيةً اجتماعيةً أو نقابةً عماليةً عربية، رفعت شكوى ضد وزارة داخليتها، بسبب الاستخدام المفرط لقنابل الغازات المسيلة لدموع مواطنيها. فجمعية الوفاق الوطني الإسلامية، التي كان لديها 18 نائباً في البرلمان البحريني، طالبت بوقف نفاذ قرار وزارة الداخلية بالسماح لمجنّديها باستخدام قنابل الغاز في المناطق المكتظة بالسكان.

«الوفاق» طالبت القضاء بإلزام الداخلية بالامتناع عن استخدام القنابل الغازية والأسلحة الأشد فتكاً منها (وربما المقصود - والله أعلم - الرصاص المطاطي والانشطاري المعروف بحرينياً بالشوزن، اللذين يسبّبان إصابات قاتلة أحياناً، وعاهاتٍ دائمةً أحياناً أخرى). وكانت «الوفاق» تأمل أن تتوقف قوات الشرطة عن هذا الاستخدام حتى يرى القضاء رأيه ويأمر بأمره، الذي فضّل كما يبدو عدم الدخول فيما لا يعنيه.

في حديثه الصحافي أمس لـ «الوسط»، قال أمين سر جمعية العمل الاسلامي رضوان الموسوي، مستنداً إلى تقرير أعده فريق بحثي، إن مسيلات الدموع تصنف ضمن الأسلحة الكيماوية التي تخضع لمعاهدة حظر استخدام الأسلحة الكيماوية (بروتوكول جنيف لعام 1935)، التي تلزم الدول بعدم استخدام مثل هذه الغازات، والاستخدام المفرط لها في البحرين أدى إلى وقوع حالات اختناق عديدة أفضت إلى الموت بين مواطنين من فئات عمرية مختلفة. وأشار إلى استهداف مناطق بعينها وبشكل مفرط وغير مبرر في الكثير من الأحيان، ما يعني أن القمع أمر متعمد ومقصود، رغم ما ينتج عنه من آثار صحية واقتصادية ونفسية واجتماعية، قد تدفع ضريبتها الأجيال المقبلة.

هذه الحقيقة الفاقعة، أكدتها أيضاً لجنة بسيوني، حين أثبتت أن قوات الأمن كانت تستخدم «كميات من الغاز المسيل للدموع لا تتناسب مع هدف تفريق المحتجين» (وهو التبرير الأول لكل هذا الاستخدام المفرط للغازات الخانقة ضد مناطق آهلة بالسكان). كما شاهد بعض محققي اللجنة بأعينهم إطلاق مسيلات الدموع من مسافة قريبة داخل أحد المنازل قبل عامٍ، أما اليوم فتنتشر مئات من الصور ومقاطع الفيديو في فضاء الانترنت، تثبت هذه الوقائع بالصوت والصورة. هذه الاجراءات يعتبرها سكان هذه المناطق عقاباً جماعياً بسبب تصنيفها كمناطق تتبنى طروحات المعارضة ومواقفها السياسية، ومطالبتها ببرلمان حقيقي ودوائر انتخابية عادلة وغيرها من إصلاحات سياسية واقتصادية ملحة.

هذه المواقف المستمرة تسير في خط موازٍ مع استخدام هذه الأسلحة التي تهدد صحة وحياة البشر. وهو واقعٌ صعبٌ أصبح مفروضاً على عشرات المناطق والقرى، تنتشر في أغلب المحافظات، وتضم عشرات الآلاف، نساءً ورجالاً، وشيوخاً وأطفالاً، مواطنين ومن يقيم بين ظهرانيهم من وافدين.

آخر الوقائع اليومية، كنت عائداً مساء السبت الماضي من العمل، ولم أكن أعلم بخروج مسيرة تطالب بإطلاق السجناء تم تفريقها بالقوة قبل نصف ساعة. كان الشارع خالياً إلا من بضع نساء وقت أذان المغرب، وفجأةً أطلق أحدهم قنبلةً غازيةً باتجاهنا فأخذت تتدحرج بين أقدام النساء، دون وجود مبررٍ أمني أو أخلاقي على الإطلاق.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3559 - الإثنين 04 يونيو 2012م الموافق 14 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 31 | 2:20 م

      على الشرطة ردع المخربين

      ولماذا لا تطالب الشارع بوقف حرق الإطارات واستخدام المولوتوف وغيرها من أدوات العنف الممنهج والذي هو عامل أساسي في الأزمة ؟ لماذا لا نتحدث بإنصاف ؟ الوطن البحريني بحاجة لصوت متزن ؟ من حق الشرطة بل من واجبها أن تحمي الناس وتردع الشغب ،الله المستعان

    • زائر 30 | 12:37 م

      الى السنابسي

      لماذا تستغرب ما نطقت به المحكمة صحيح من وجة النظر الحقوقية.
      ان ما جرى الحكم بشانه يدخل ضمن اختصاصات محكمة الجنايات الدولية.

    • زائر 29 | 12:32 م

      القانون الدولي.؟؟؟

      كل ما اشرت اليه يدخل ضمن دائرة المحرمات بموجب قواعد القانون الدولي الانساني.
      وفي الحقية كل ما يجري استخدامه في دول مختلفة في العالم من ادوات تدمير وابادة للجنس البشري سواء كان في ظروف النزاعات المسلحة بين الدول او النزاعات العرقية او القلاقل الداخلية جميعها محرمة بموجب قواعد القانون الدولي الانساني والبيئي.
      الدول الاوصياء على صناعة القرار الدولي هم اكثر من يبادر في سحق وطمر هذه القيم والمبادئ فماذا يمكنك ان تقول.؟ ومن ، من تطلب احقاق الحق واقامة العادلة.؟
      لم يبقى سواء انتظار عدالة السماء.

    • زائر 26 | 7:45 ص

      الاستئناف ثم التمييز

      برأي يجب مواصلة الدعوى حتى الاستئناف والتمييز وان لا تقف عند حد محكمة الامور المستعجلة ، بعدها يمكننا ان نحكم على القضاء بانه ......

    • زائر 25 | 7:33 ص

      يعني ويش؟؟؟؟

      يعني ألحين خلاص مسيلات الدموع ما تسيل الدموع ولا تحرق العيون؟

    • زائر 22 | 5:14 ص

      العيب المعيوب والظاهر من أحوال الناس

      ليس سرا أننا قد نعيب زماننا والعيب فينا.. أو أن تجد من الناس من يعيب على الناس ولكنه لا يرى عيبه..
      فجزء من الواقع يقول أن هناك مطالب ومن يطالب، لكن هناك من الناس من لا يرى في هذه المطالب نيصب يصيبه.
      فما العيب في ذلك؟ أف في الزمان أم مكان الحادث؟

    • زائر 20 | 4:18 ص

      وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون

      الحساب قادم ولو بعد حين

    • زائر 19 | 3:58 ص

      إلى من يرون أنفسهم في منأى

      من يعتقد أنه لن يطاله الضرر ، لا تفرح لأنه لن يكون أحد في منأى من النتائج الكارثية التي ستحل على البلد من الإفراط في استخدامها ( أمراض تنفسية -تشوهات في الأجنة - سرطانات....وما خفي أعظم )
      أنا واحدة أعيش في منطقة تعتبر من المناطق التي لا يطلق فيها هذا الغاز إلا قليلاً ورغم اني رزقت بأولاد سابقًا إلا أنني عانيت لأول مرة من حالة إجهاض تشبه في تفاصيلها حالات أخرى حدثت في مناطق تعاني من كثافة الإطلاق والسبب هو انه يترسب على الأطعمة ويذوب في الماء ... لذلك التأثير قادم ... قادم

    • زائر 18 | 2:53 ص

      حالات الاجهاض المتزايدة أيضا

      تأثير هذه الغازات بدى واضحا حتى بتسببها بحالات الاجهاض المتزايدة منذ العام الماضي و لغاية الآن، و بالامكان عمل احصائية بسيطة عن حالات الجهاض للنساء الحوامل في المناطق الاكثر عرضة لهذه الغازات
      .
      .
      .
      المشتكى لله

    • زائر 17 | 2:32 ص

      بعض الغازات هو نفس الغاز الذي رأيناه في فيلم عمر المختار

      أحد الغازات التي نراها هذه الايام هي شبيهة في منظرها لتلك الغازات التي رأيناها في فيلم عمر المختار والتي استخدمها الايطاليون في الحرب على ليبيا.
      لا ندري هو اختصاص من والى من نبث شكوانا
      يا عالم انقذونا

    • زائر 16 | 2:24 ص

      ترمى لتفريق المنازل

      قوات الشغب عندما ترمي المسيلات على المنازل تقصد تفريق المنازل عن بعضها البعض لا لتفريق الناس والاضرار بهم، محشومين يا سيد !

    • زائر 14 | 2:01 ص

      المسيل المستخدم

      الادوات - بصل مطحون - دارسين - فلفل - بزار اسود - فحم حجير - وما دخل المحكمة بهذه المواد

    • زائر 13 | 1:37 ص

      الله كريم

      يمهل ولا يهمل

    • زائر 10 | 1:16 ص

      المصلي

      تصريحات الداخلية فلفل مطحون

    • زائر 9 | 1:16 ص

      الفقرة الاخيرة

      الجملة الاخيرة تبين للجميع ما هي اخلاق الذين يطلقون هذه الغازات.
      شكرًا لك على هذا المقال.

    • زائر 8 | 1:10 ص

      بعد الشكوى زادوا في رميها عشوائيا

      والأفلام شاهدة والناس شاهدة والعالم كله رأي بأم العين ،، الا عندنا من يسمون برلمانيين الذين أدانوا واستنكروا كل أفعال الدول التي يرون انها تسيء الى شعوبها ، ولكنهم لا يرون مسيلات الدموع هنا ولم يسمعوا بأن هناك من مات اختناقا بها ، بل زاد بعضهم وقال ( زين يسوون فيهم ) حسابهم عسير لو بعد حين ، .

    • زائر 6 | 1:07 ص

      انا تعبان

      عيش رجب اتشوف العجب - التماطل الي النسيان كل يوم عدر شكل

    • زائر 1 | 8:11 م

      سنابسيون

      ياسيد لقد استغربت عندما قالت المحكمه ان هذه القضية ليست من اختصاصها وبودي لو اعرف من اختصاص من ؟؟!!صدق من قال اذا كان خصمك القاضي فمن تقاضي؟!

اقرأ ايضاً