العدد 3555 - الخميس 31 مايو 2012م الموافق 10 رجب 1433هـ

اغتصاب الصورة... الحيلة المفضلة لسرّاق الأفكار

جعفر حمزة comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أتَاني وفي عينيه بريق اكتشاف طالما أترقبّه من صاحبي «علي»، ففي كل مرة يصدحُ لي بمعلومة أو بخبرٍ تقني. ولم أُدرك أنَّ بريقَ عينيه هذه المرة يخفي وراءه خبر سرقة تخصنّي!

لقد تمتْ سرقة فكرتك يا صاحبي!

فعندما كنت أتسوّق في مجمّع بالسعودية لحظتُ إعلاناً لمستحضر تجميل، وعندما مررت بقربه استوقفني؛ لأني استرجعت ذاكرتي، واكتشفت أن ما أراه هي فكرتك نفسها تماماً، في الفكرة العامة وفي الصورة وفي الرسالة، وبالمختصر رأيت فكرتك «مسروقة» بالكامل.

انتهى كلام صاحبي، وكنتُ أنتظر منه أن يُريني ما كان بين يديه من منشور لذلك المنتج الحاوي للفكرة المسروقة من فكرة إعلاني، وتريّثتُ لبضع ثوانٍ حتى رأيتُ ما يقطع الشك باليقين بأن الإعلان ليس مصادفة تشابهه مع إعلاني، بل هو هو طبق الأصل في الفكرة والصورة والرسالة

Concept, Visual and Message، وأعطوه سعةً من مساحة التطبيق المختلف على أكثر من مثال لا غير.

وللعلم فالإعلان الذي أخرجته وبمساعدة من زميلي عمل هنديين في شركة «ماركوم الخليج» التي كنت أعمل فيها، كانت فكرتي والذي ألهمتنيه زوجتي، هو الفائز بالجائزة الفضية في مسابقة Creativity Award في الولايات المتحدة الأميركية من بين 22 ولاية و36 دولة حول العالم.

وقد فاز بهذه الجائزة تحت صنف أفضل إعلان مطبوع لمجلة في العام 2010 وتقدّم فكرة إعلاني عن مستحضر تجميل «كريم» ضد التجاعيد، وذلك عبر صورة امرأة في عينيها التحدي وتحتهما خطين مرسومين كالذي يضعه المحاربون القدامى لإرهاب العدو ودلالة على الإقدام والشجاعة، ومازال الأمر مستخدماً للاعبي كرة القدم الأميركية، وكذلك لفرق الكوماندوز أيضاً، والفكرة هنا هو في استخدام مستحضر التجميل في رسم هذين الخطين، مع عنوان «حارب تقادم العمر» (Fight Aging)، تلك هي فكرتي في الإعلان ببساطة.

وما نراه من الإعلان المُقلِّد للفكرة الأم هي الفكرة نفسها حذو الشعرة بالشعرة كما يُقال، فالشكل العام لم يختلف، ووضع الكريم تحت العينين لإيصال فكرة المحارب لم تختلف، بل وحتى الرسالة لم تختلف «دافعي عن بشرتك»، وزادوها بُهاراً بتطبيق الفكرة على أمثلةٍ عدّة، فأتوا بالمرأة في المدينة مع «درع»، والرجل في الساحل بـ «سكين» والطفل في مدرسته بـ «قفاز ملاكمة»! ولم يبقوا من الفكرة ولم يذروا شيئاً حتى «حلبوها دماً» كما يُقال.

هي بالفعل حالة «اغتصاب» بصرية عياناً جهاراً، ولا عزاء للمغتصب حقه سوى رفع الصوت وإعلانها مدوية بأن هذا «الاستخفاف» بالعقول و «الاستهبال» الذي «يُتقنه» ُسُرّاق أفكار الإعلانات»، لابد أن يُكشف للناس الذين أصبحوا أكثر اطلاعاً على العالم من بين إصبعين عبر النت.

وهذا النوع من الاغتصاب البصري للأفكار، يستنفر المغصوب حقه، ويجعل كلام الناس عن هذا الفعل لمن يكتشفه مداراً للحديث، وبالتالي يدخل في دائرة هذا الصنع المقرصن أطرافاً عديدة، هي: صاحب العلامة التجارية للمنتج، وكالة الإعلان، المستهلك، الجهة المسروق فكرتها وجهدها، فضلاً عن المتلقين للأمر بصورة عامة والمطلعين عليه.

ومن يصنع هذه الدائرة هي وكالة الإعلان أولاً وأخيراً، والتي يكون لها سعةً من الوقت والجهد في تقديم أفكار «إبداعية» مفترضة لزبونها «صاحب العلامة التجارية»، وقد تظن - ويا لسوء ظنها - أن تقليد أفكار لإعلانات زبونها سيكون «سهلاً» و «لن يلتفت إليها أحد»!

وذلك هو قمة «الاستهبال» لصاحب العلامة التجارية وللفئة المستهدفة من الإعلان.

وفي عالم يتنفّس كثيرون فيه «السرقة الفكرية» مثل «الهواء» لسهولتها، وذلك لأسباب عدة لا مجال لذكرها هنا، يكون حرياً بالمُدركين للأمر، سواء من مختصين أو متابعين أو مكتشفين لأي نوع من ذلك «الاغتصاب البصري والفكري»، يكون حرياً بكل أولئك أن يرفعوا الصوت عالياً ليتوقف هذا «الإسفاف» في التعامل مع الآخرين والمنطلق من «دكاكين السرقات» ذات الأسماء البراقة والمكاتب المنمّقة، والمُسماة وكالات إعلان، والتي تظن أنها «تستذكي» على زبونها والناس بـ «اغتصابها» المقرصن دون إحداث ضجة في بيت المسروق.

وعوداً إلى صاحبي «علي» بعد تقديمه الإعلان السارق لي، سألني: وماذا ستفعل الآن؟

وأنا أُدرك أن سرقة والأفكار كاصطياد الغزلان في البراري، ولا قانون للصيد ولا حظر عليه، فقلت سأضع لافتة في منطقة الصيد، لعلّ وعسى أن يقرأها البعض ويعي إسفاف ما يقوم به. وهذا المقال هي «اللافتة»!

ملاحظة: يمكن البحث في «غوغل» عن كلمة البحث التالية لتجد عدداً من المواقع العربية والأجنبية قد نشرت الإعلان الفائز: (Fight Aging+jaafar Hamza) أو (Fight Aging+Gulf marcom).

إقرأ أيضا لـ "جعفر حمزة"

العدد 3555 - الخميس 31 مايو 2012م الموافق 10 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 12:28 م

      عزيزي الفاضل جعفر المحترم
      ارسل للشركة التي سرقت اعلانك وتواصل معها واعرف حقوقك التي يكفلها لك القانون.
      ثم انشر مقال اخر فيه رد الشركة
      واجعل لك سلسلة من العبارات ارسلها بالتوتير والفيس بوك كل اسبوع تفضح فيه السرقة في حال عدم الاعتذار والتعويض

    • زائر 2 | 1:13 ص

      الله يعينك

      للأسف اشتهرت هذه المنطقة من العالم بالسرقات الفكرية وعلى أيدي أناس كنا نحسبهم من المفكرين. هناك الكثير من المواقع التي تفضح سراق الفكر وعلى وجه الخصوص في الكتابة والخطابة. فبإمكانك المشاركة في تلك المواقع لفضح السراق لأنه لا مجال آخر للدفاع عن نفسك وذلك لغياب التشريعات والقوانين والتي إن وجدت فهي محفوظة في الأدراج.

    • زائر 1 | 12:49 ص

      تكبر و تنسى

      لا تغضب يا صاحبى من سرقة فكرتك الإعلانية. الفكر ليس له قيمة عندنا. كم سرقوا تصاميمى و بنوها و لم أتمكن من فعل شيء. . تعود. تكبر. تنسى. حالك حالنا.

اقرأ ايضاً