إنه لمن دواعي سرورنا البالغ استضافة قادة بعض أكبر الاقتصادات في العالم هنا في كامب ديفيد. أعتقد أن البيئة المحيطة قد وفرت لنا الفرصة لإجراء بعض المناقشات العميقة وإحراز تقدم حقيقي.
لقد عملت دولنا طيلة السنوات الثلاث الماضية، سوية ومع آخرين، أولاً لإنقاذ الاقتصاد العالمي من الانهيار، ومن ثم وضعه من جديد على مسار التعافي والنمو. وقد واجهت جهودنا في بعض الأحيان صدمات مثل الكارثة في اليابان. واليوم، فإن الاقتصاد العالمي مُهدد من جديد بسبب الوضع الخطير في منطقة اليورو.
فكما وافق على ذلك جميع القادة هنا اليوم، يجب أن يكون النمو وفرص العمل على رأس أولوياتنا. فقيام اقتصاد أوروبي مستقر ومتنامٍ يصب في مصلحة الجميع، بما ذلك مصلحة أميركا. فأوروبا هي أكبر شريك اقتصادي لنا. ولنوضح ذلك ببساطة، ففي حال اضطرت شركة ما إلى خفض أعمالها في باريس أو مدريد، فإن ذلك قد يعني خفض الأعمال التي يحصل عليها المصنعون في بيتسبورغ أو ميلووكي. وقد يعني هذا مواجهة أوقات شاقة بالنسبة للعائلات والمجتمعات الأهلية التي تعتمد على هذه الأعمال.
ولهذا السبب، وحتى في الوقت الذي كنا نواجه فيه تحدياتنا الاقتصادية الخاصة خلال السنوات القليلة الماضية، فقد كنا نتعاون بصورة وثيقة مع حلفائنا وشركائنا الأوروبيين وهم يواجهون تحدياتهم. واليوم، ناقشنا الطرق التي يستطيعون من خلالها تعزيز النمو وخلق الوظائف الآن بالذات، بينما يُنفذون الإصلاحات الضرورية التي تساهم في استقرار اقتصاداتهم وتقويتها للمستقبل.
إننا نعرف أن ذلك ممكن، وجزئياً، بسبب تجربتنا الخاصة هنا. ففي أيامي الأولى في سدة الرئاسة، اتخذنا خطوات حاسمة لمواجهة أزمتنا المالية الخاصة – ابتداءً من إخضاع المصارف لاختبارات الضغوط وقوة التحمل وصولاً إلى إعادة بناء رساميلها – واعتمدنا بعض أقوى الإصلاحات المالية منذ حقبة الكساد الكبير.
وفي الوقت نفسه، عملنا على إعادة ترتيب بيتنا المالي بطريقة مسئولة. وخلال كل ذلك، وحتى عندما كنا نعمل على تأمين استقرار القطاع المالي وخفض العجز والدين العام لدينا على المدى الطويل، عكفنا على تركيز اهتمامنا على تنمية الاقتصاد وإيجاد فرص العمل على المدى المتوسط.
وبالطبع، لايزال أمامنا الكثير من العمل الذي يتعين القيام به. فهناك عدد كبير من الناس في بلادنا مازالوا يبحثون عن وظائف يعتاشون منها. وعجزنا لايزال مرتفعاً أكثر مما يجب. لكن الاقتصاد الأميركي بعد أن كان قد انكمش بنسبة 9 في المئة تقريباً خلال ربع السنة الذي سبق تسلمي لمنصبي، قد أخذ ينمو على ثلاث سنوات متتالية. وبعد فقدان مئات الآلاف من الوظائف شهرياً، تمكنت شركات الأعمال من خلق أكثر من أربعة ملايين فرصة عمل خلال الأشهر الـ 26 الماضية. كما قفزت الصادرات وأصبح المصنعون يستثمرون في أميركا من جديد.
ويوفر لنا هذا النمو الاقتصادي مزيداً من الهامش لاعتماد نهج متوازن من أجل خفض عجزنا ودَيننا العام، بينما نحافظ على استثماراتنا في المحركات الدافعة للنمو وتوفير الوظائف على المدى الطويل، في التعليم، والابتكار، والبنية التحتية للقرن الحادي والعشرين.
أما وضع أوروبا، فهو بالطبع أكثر تعقيداً. فلديهم أزمة سياسية واقتصادية تواجه اليونان، ونمو بطيء ومعدل بطالة مرتفع جداً في عدة بلدان. والأكثر من ذلك أنهم، عندما يريدون اتخاذ قرار بشأن طريقة للتحرك قدماً، هناك 17 بلداً في منطقة اليورو بحاجة للتوصل إلى اتفاق. إننا ندرك ونحترم ذلك.
لكن الاتجاه الذي اتخذته المناقشات أخيراً يجب أن يعطينا الثقة. لقد اتخذت أوروبا خطوات مهمة لإدارة الأزمة. انخرطت البلدان الفردية والاتحاد الأوروبي ككل في إصلاحات مهمة ستوسع آفاق النمو على المدى الطويل، وهناك الآن إجماع ينطلق من حقيقة أنه يتعين فعل المزيد لتعزيز النمو وخلق الوظائف الآن تماماً في سياق هذه الإصلاحات المالية والهيكلية. وقد تَّم تعزيز هذا الإجماع هنا في كامب ديفيد.
لقد اتفقنا اليوم على اتخاذ خطوات لتعزيز الثقة والنمو والطلب الاقتصادي في الوقت نفسه الذي نعمد فيه إلى ترتيب بيوتنا المالية. واتفقنا على أهمية وجود منطقة لليورو قوية ومتماسكة، وشددنا على مصلحتنا في بقاء اليونان في منطقة اليورو بينما تحترم التزاماتها. إننا ندري ونقدر التضحيات المؤلمة التي يقدمها الشعب اليوناني في هذه الأوقات العصيبة، وأنا أعرف أن أصدقائي الأوروبيين سيواصلون هذه المناقشات وهم يستعدون لاجتماعات الأسبوع المقبل.
والقادة هنا يدركون الرهانات. إنهم يعرفون جسامة الخيارات التي عليهم اتخاذها والتكاليف السياسية والاقتصادية والاجتماعية الهائلة إن لم يفعلوا. فبالإضافة إلى اجتماعاتنا في مجموعة الدول الثمانية، تمكنت من التحدث معهم كل على حدة خلال اليومين الماضيين وأعدت التأكيد أن أوروبا تملك القدرة على مواجهة هذه التحديات، وأن أميركا ليست واثقة من قدرتهم على مواجهة تحدياتهم، بل إنها تدعم جهودهم.
أعطيتكم هذا الصباح معلومات حديثة حول التقدم الذي حققناه الليلة الماضية خلال مناقشتنا للقضايا الأمنية. واليوم، وبعد مناقشتنا لموضوع الاقتصاد، فقد حققنا تقدماً أيضاً حول نطاق واسع من التحديات المهمة الأخرى. لقد ناقشنا أهمية اتباع استراتيجية تستند إلى كل ما ورد أعلاه حول أمن الطاقة بطريقة آمنة ومستدامة. ووافق القادة على المشاركة في تحالف جديد بقيادة أميركية لمعالجة تغير المناخ، جزئياً من خلال خفض الملوثات قصيرة الأمد. وفي مواجهة الانقطاع المتزايد في إمدادات النفط، اتفقنا على رصد أسواق الطاقة العالمية عن كثب. وسوية، نقف على أتم الاستعداد لدعوة وكالة الطاقة الدولية لاتخاذ الخطوات لضمان أن تبقى إمدادات الأسواق مؤمنة بالكامل وفي الوقت المناسب.
وأعلنا أيضاً تحالفاً جديداً حول الأمن الغذائي مع القادة الأفارقة ومع القطاع الخاص كجزء من جهد لانتشال 50 مليون إنسان من هوة الفقر خلال العقد المقبل. وناقشنا دعمنا لقيام الاقتصاد أفغاني مستدام بالترافق مع انسحابنا التدريجي من الحرب، وأعدنا التأكيد على دعمنا لعمليات الانتقال الديمقراطي الجارية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
لذلك يسرني جداً أن نتمكن من تحقيق بعض التقدم المهم هنا في كامب ديفيد. وسنثابر للقيام بذلك.
إقرأ أيضا لـ "باراك أوباما"العدد 3553 - الثلثاء 29 مايو 2012م الموافق 08 رجب 1433هـ