انتشرت في بلادنا العربية مؤخراً أسوأ وأحقر وأرذل القضايا، ففي بداية انتشار التلفزيون ودخوله البيوت من دون استئذان لم يخطر ببال أحدٍ منا أن يأتي يوم يكون له هذا الضيف الجميل والمراقب والمتابع من دون انقطاع أن يكون جهازاً خطيراً مدمراً لكل القيم والمبادئ والأخلاق، فبتقليب سريع بجهاز الريموت كونترول تستطيع أن تلمح الحالة الرديئة التي وصلت إليها القنوات حتى باتت نوادي ليلية أكثر من أنها قنوات طربية أو قنوات تحريضية أكثر منها تربوية.

إنها حقاً مهازل لا عد لها ولا حصر فالمتابع لهذه القنوات يعلم بأن هناك ما يقارب من 550 قناة عربية تبث على مدار الساعة كل أنواع البرامج منها الشعوذة والعري والتحريض والإسفاف.

بلا شك كل هذه القنوات لها تأثيرات جانبية على المشاهد العربي سواء كان طفلاً أم شاباً، فمن هذا العدد الهائل من القنوات يصعب على المرء تصديق ما تبثه، فمن الكوارث التي نراها على هذه القنوات بأن ثمة بشراً يصدقون ويدفعون الأموال لفضيلة الشيخ لفك عقدة العنوسة أو لعلاج الأمراض المزمنة والجلطات المفاجئة.

لكم أن تتخيلوا أن رجلاً حليق اللحية والشارب يدعي نفسه مالكاً للعصا السحرية في كل القضايا، وإن هناك الآلاف ممن يصدقون ويؤمنون بخرافاته وخزعبلاته.

إن قنوات الشعوذة والطب الشعبي لم تؤسس وتستمر لولا وجود من يصدقها ويتابعها ويحرص على التفاعل معها والاتصال بها بين الفينة والأخرى.

نحن معشر العرب لدينا الكثير من القضايا بحاجة إلى مراجعة حقيقية والوقوف على جوهر المشكلة. فحتى نواكب التطور والتحرر من هذه الخزعبلات والخرافات، فمن المفروض على القائمين بتوفير التسهيلات لكل هذه النوعية من القنوات إيقافها فوراً ومعاقبة الدجالين والمحتالين الذين يتاجرون ويبيعون الأوهام للأبرياء والسذج.

ولا أستبعد أن نرى يوماً قناة فضائية جديدة تعلن لمن يريد أن يصبح مليونيراً فكل ما هو مطلوب منه أن يتصل بالقناة وينتظر على الخط لمدة 3 دقائق حتى يدع الحسابة تحسب ومن ثم تفتح له أبواب الجنة والثراء.

إننا حقاً أمام كوارث وأخطرها قنوات الحسابة بتحسب التي أسست للسذج والأغبياء وأنهم للأسف الشديد كثيرون.