العدد 3545 - الإثنين 21 مايو 2012م الموافق 30 جمادى الآخرة 1433هـ

يومٌ ساخنٌ في جنيف

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في منتصف العام 2008، وفي أحد الفنادق الكبرى بالمنامة، بشّر وزير الدولة للشئون الخارجية آنذاك نزار البحارنة، بفتح صفحة جديدة بيضاء للبحرين في مجال حقوق الإنسان.

كانت البحرين يومها قد خرجت من امتحانٍ صعبٍ، حيث وضعتها الصدفة على قائمة أول الدول التي يجري مراجعة سجلها الحقوقي في جنيف، على أن تعاد هذه المراجعة بعد أربع سنوات. وتم يومها تشكيل فريقٍ لمواجهة الاستحقاق الكبير المقبل.

يومها كانت الآمال كبيرة بأن تنجح البحرين في أن تخطو خطواتٍ جريئةً نحو تحقيق قفزةٍ إلى الأمام في مجال احترام حقوق الإنسان. وقبل ذلك شهدت الساحة البحرينية، ومنذ العام 2005، تنظيم ندوات ومحاضرات وأطلقت مبادرات من قبل مؤسسات المجتمع المدني من أجل إيجاد نوع من العدالة الانتقالية، أسوةً بالدول التي سبقتنا في دروب المظالم والآلام. وكان كثيراً ما يتم الاستشهاد بتجارب المغرب وجنوب إفريقيا، في تعويض الضحايا وجبر الضرر ومعالجة آثار الحقب السوداء.

رغم كل تلك الآمال، لم يكن الوضع الحقوقي مشجّعاً، ولم تكن الخطوات الحكومية كافيةً لالتئام الجراح، وخصوصاً مع وجود أعدادٍ كبيرةٍ من الضحايا والمتضرّرين بفعل السياسة، على امتداد ثلاثة عقود.

كل تجارب الشعوب الأخرى التي تعافت، من آسيا وإفريقيا حتى أميركا اللاتينية كتشيلي والأرجنتين، اهتمت بتسهيل «الفترة الانتقالية»، وكانت تتوافر لدى البحرين فرصةٌ للاستفادة من ذلك، إلا أن ما حدث هو وضع خطةٍ بديلة، بانت ملامحها من خلال تشكيل وتكثير المجموعات الحقوقية التي يطلق عليها «الغونغو». ويتمثل دورها في المشاغبة على عمل الجمعيات الحقوقية المستقلة، وتقديم تقارير مناقضة، لا يكون لها تأثيرٌ يُذكر على موقف المنظمات الحقوقية الدولية. اللجوء إلى هذه السياسة المكلِفة، لا يغيّر من الواقع شيئاً ولا يجمّل صورة؛ فالمنظمات الحقوقية تبحث عن التقارير المستقلة والمعلومات الدقيقة الموثقة، وهو ما كانت تقوم به الجمعيات الحقوقية المستقلة بمهارة.

البحرين اليوم غيرها العام 2008. فقد مرّت العام الماضي بأشهُرٍ عصيبة، شهدت انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، ذكر الكثير منها تقرير بسيوني الشهير بالتفصيل. كما رصدتها كبرى المنظمات الدولية العاملة في مجال الرقابة على حقوق الإنسان، كـ «هيومن رايتس ووتش» و «منظمة العفو الدولية»، وأصدرت بيانات كثيرة ومتتابعة بهذا الخصوص. فالواقع الجديد شهد تراجعاً كبيراً إلى الوراء، ولم يعد الأمل المطروح سابقاً بشأن تبييض سجل حقوق الإنسان، لتنتقل إلى خطة الدفاع رقم ب، على طريقة الرد على السؤال الجوهري: لماذا تم هدم المساجد؟ بالقول: يوجد 2000 مسجد، وتوجد أربع كنائس ومعبدان يهودي وهندوسي، وآخر بوذي!

العالم لا ينتظر وعوداً بإصدار مزيد من القوانين الورقية، ولا أرقاماً مموّهةً، وإنما يبحث عن الصور والوقائع والحقائق التي توثّق ما يجري على الأرض. ولذلك لم يكن مفاجئاً أن تتخذ أغلب دول العالم الديمقراطي الحر، والدول الديمقراطية في شرق آسيا وأميركا اللاتينية، مواقف ناقدةً جداً لأوضاع حقوق الإنسان في البحرين في جلسة أمس، بينما لم تتعاطف مع الطرح الرسمي غير تلك الدول التي تشكو من هشاشةٍ في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان.

يوم ساخن في جنيف، حيث سيحتل يوم أمس، الإثنين الحادي والعشرين من مايو/ أيار 2012، أحد فصول تاريخ البحرين.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3545 - الإثنين 21 مايو 2012م الموافق 30 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 5:10 ص

      الحرارة والتسخين

      من المعلوم أن التسخين يسرع من التفاعل الكيميائي.
      فقد يتمكن وزير بحقيبة دبلوماسية أن يقوم بإصلاح بعض الأخطاء خلال أربع سنوات ، لكن من الصعب أن يعيد بناء ما أفسده مجرى النهر!!
      فالحق ظاهر وما بيان الباطل إلا السبيل لإظهار الحق.
      فما الذي كشفه اليوم الساخن؟

    • زائر 13 | 3:51 ص

      مواقف غريبه!

      المسلمون و العرب يساندون الباطل و يقلبون الحقائق و غير المسلمين يتكلمون بالحق و ينكرون الباطل !!! أيهم أحق بأن يسمى مسلماً؟؟؟

    • زائر 12 | 3:27 ص

      شهد شاهدان بسيوني والمنظمات فمن بعد مطلوب ان يشهد

      جاء بسيوني ورغم نقص تقريره من ان يشمل كامل الحقائق لكنه اكد على ما يقوله الشعب وقد جاء تقرير المنظمات مصدقا لما جاء به بسيوني، إذا فما هو المطلوب هل نأتي بطرف آخر أم نعترف بالأخطاء ونصلح الوضع ام نصرّ على بقاء مثل هذا الوضع المزري والذي سوف تترتب عليه مخالفات اخرى بل سوف تتفاقم المشاكل الى درجة ربما لا تجد لها حلا وسيدخل البلد في انفاق مظلمة.

    • زائر 11 | 3:20 ص

      الزائر 9

      هذه "غلطة",,,,
      و للشعب اغلاط كثيرة,,,,
      و لكن بحمد الله الشعب في عام 2011 وعى و سيصحح اغلاطه,,,,,

    • زائر 10 | 3:01 ص

      زغرطي يا صفية

      يوجد 2000 مسجد، وتوجد أربع كنائس ومعبدان يهودي وهندوسي، وآخر بوذي!\r\nأشق هدومي يا ناس

    • زائر 9 | 2:19 ص

      غلطة

      تلك كانت غلطة الشاطر، نعم اكبر خطاء ارتكب في تاريخ البحرين هى الثقة التى اعطيت للمعارضة على امل ترشيدها وكل ما فعلته هو الاستيلاء على مؤسسات المجتمع المدنى

    • زائر 8 | 2:15 ص

      لن يصلح العطار ما افسد الدهر,,,,,

      "ومنذ العام 2005، تنظيم ندوات ومحاضرات وأطلقت مبادرات من قبل مؤسسات المجتمع المدني من أجل إيجاد نوع من العدالة الانتقالية"
      لو نفذت العدالة الانتقالية في 2005لما شهدنا احداث 2011 المأساوية,,,,,
      و الآن نقولها بالفم المليان اذا لم تنفذ توصيات بسيوني فالقادم لا يمكن تخيله,,,,

    • زائر 6 | 2:08 ص

      لا بحّ صوت قرع أجراسك ياسيد الكلمة النظيفةالواعية المسئولة

      " لم تتعاطف مع الطرح الرسمي غير تلك الدول التي تشكو من هشاشةٍ في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان...يوم ساخن في جنيف، حيث سيحتل يوم الحادي والعشرين من مايو/ أيار 2012أحد فصول تاريخ البحرين."
      هذا أحد أصداء أجراس وطنيتك الفياضة التي تداولت معك روعة حضورها ذات أمسية ثقافية بامتياز في فضاء مركز عبد الرحمن كانو .. واثق أن جمالية أصداء أجراسك الأثيرة لدى ابناء شعبك لن تضيع في براري التيه...

    • زائر 5 | 2:02 ص

      من يقدر على الاجابة ؟؟؟ في مملكة البحرين

      السؤال لماذا هدمت المساجد ؟؟؟؟؟

      السؤال لماذا تم هدم المساجد ؟؟؟؟؟

      السؤال لماذا هدمت ولم تبنا بعد المساجد ؟؟؟؟؟

      السؤال لماذا هدمت المساجد والطرف الاخر لم يستنكر ؟؟؟؟؟

      السؤال لماذا هدمت المساجد والبعض في العالم راضي ؟؟؟؟؟

    • زائر 4 | 1:28 ص

      انهيار صعب

      شبعنا من الكلام المعسول ومن اللعب على الاذقان نحن في عصر لايكون فيه العبودية للاسياد وليس لاحد فضل على الاخر فالفضل من الله كفاكم ظلماً لنا

    • زائر 2 | 12:53 ص

      فلاش

      السلُطة البحرينية تتعامل بإنفعال مُفرط مع مُعارضيها, و تتصادم مع جميع من يتعاطف معهم, و هذا في غير صالحها.

    • زائر 1 | 12:51 ص

      الشمس لا تغطى بغربال

      سيدنا العزيز،،

      لو أنكروا ما أنكروا ستبقى أراضي المساجد المهدمة تشهد بالهدم وأجساد الشهداء والمعذيبن تشهد بالتعذيب ...

اقرأ ايضاً