بين وقتٍ وآخر تلفتنا الصحافة والإعلام المسموع والمشاهد بآخر الصيحات التي يقوم بها بعض العلماء «المهتمين» بالبحث والتنقيب عن المعادن في الفضاء، وفي الكويكبات القريبة للأرض، كما تأتينا أخبار أكثر غرابة عن مجموعة من الأثرياء ويقال أن بعضهم «من الخليج العربي الثري» يقومون بحجز قطع أرض على سطح القمر، أملاً في الوصول إليها يوماً ما ومن ثم بيعها بأسعار مضاعفة، هذه الأخبار تبدو من نسيج الخيال الإنساني، ولكن في حقيقة الأمر واقع معاش وفي الوقت ذاته يثير الدهشة والاستغراب.
فالغرابة والعجب في هذا الموضوع، كما لو أن هناك عالماً آخر في المجرات سمعت عن تقدمنا وتبادر لذهنها أن الإنسان على الأرض قد توصل إلى حل كل قضاياه ومشاكله الصحية والاقتصادية والاجتماعية والعرقية وبات يبحث عن العالم الموجود والبعيد عنه بمسافات تزيد عن ملايين الكيلومترات.
إن من يسخرون الإمكانيات المالية الضخمة عن وجود أحياء في الفضاء الخارجي والبحث عن المعادن النفيسة وإلى آخره من الصراعات التي لا نهاية لها يتوجب عليهم أن يجدوا أولاً حلولاً لأزمة السكن التي تلف الكون والبطالة المتفشية بين الشباب حديثي التخرج والأمراض المستعصية ومعرفة أصل العديد من الفيروسات الخطيرة المسببة لأمراض من الحصبة والنكاف وغيرها من الأمراض التي تنتقل للإنسان من الخفافيش والحيوانات الأخرى.
يقال إن الإنسان وحتى هذا العام لم يستطع أن يجد علاجاً لأكثر من 65 في المئة من الأمراض المستعصية في العالم، وهناك أمراض عديدة جميعنا نعرفها مستعصية والعلاج المتاح لها مكلف وله أعراض جانبية عديدة، هذا في قطاع الطب والتشخيص والصيدلة.
إن من الأجدر بالمنظمات العالمية التي تصرف المليارات لاكتشاف الفضاء الخارجي، عليها الكف عن البحث والالتفات إلى المشاكل التي تهم الإنسان على الأرض من بطالة وأزمة ماء وغذاء وإيجاد العلاج للكثير من الأمراض، وإذا كانوا يعتقدون بأن هناك عوالم أخرى تعيش في الفضاء ليتركونهم وحالهم وينتبهوا لإدارة أمورهم في الأرض والبحث عن الحلول للأزمات التي تزداد يوماً بعد آخر من صراعات بين الأمم على الموارد المائية والنفطية.
بلا أدنى شك هناك الملايين من البشر يتمنون أن يروا اليوم الذي يشاهدون فيه ما يطلق عليه بالـ «ألينز» وأنا واحد منهم ولكن ما أعتقده لو كان هناك عالم آخر مشابه لعالمنا في الأرض لماذا تأخروا كل هذه السنين للقدوم والنزول على الأرض والالتقاء بالإنسان، إن عمر الأرض ملايين السنين إذا لم تكن مليارات من السنين فلماذا هذا التأخير؟!
فالغرابة في الإنسان الحاضر اهتمامه بالعالم الخارجي كما لو أن في مدنيته وحضارته وتطوره وتقدمه توفر كل وسائل الراحة والرفاهية ولا يوجد ما يُقلق بتاتاً.
هذا هو الإنسان... غريب في كل طباعه... ومحير في كل تصرفاته... ويترك الأرض بمشاكلها وخيراتها ويطير في الفضاء الخارجي يبحث عن المناجم والكنوز وكأن الأرض لا تسعه ولا تكفيه، فلا يكف عن الجشع. غريب طبع الإنسان.
إقرأ أيضا لـ "عمران الموسوي"العدد 3541 - الخميس 17 مايو 2012م الموافق 26 جمادى الآخرة 1433هـ
deep meaning
Thank you Mr Omran , nice write up with deep meaning