استكمالاً للمقال السابق الذي تطرقنا فيه للأسباب التي حالت دون انتشار القيم الإسلامية في دولنا، وكما وعدنا قراء «الوسط» الأعزاء، بأننا سنسلط الضوء في هذه الحلقة على الطرق المثلى لانتشار هذه القيم، ومن ثم سنختم المقال بالتعريج على دور كل من وزارتي الثقافة وحقوق الإنسان في نشر قيمنا الإسلامية.
من الملاحظ أننا نتسابق في تعلم اللغة الغربية، كما تحث كثير من الأسر في العالم العربي والإسلامي أبناءها على اكتساب وإتقان اللغة الإنجليزية، وهذا مهم جداً وليس عليه جدال بحكم أننا نحتاج هذه اللغة لمواكبة العصر والعلوم والتكنولوجيا والمعرفة، كما أنها أساسية للحصول على وظيفة مرموقة، فضلاً عن، «من تعلم لغة قوم أمن شرهم».
لا اعتراض على كل ذلك، ولكن أليس من الأجدى أن نتعلم أيضاً ثقافة الآخرين وخاصة إذا كانت هي أصل القيم والأخلاق الدينية (تطرقنا إليها في مقال سابق)، والتي تصب في خدمة مجتمعاتنا المتفتتة الموبوءة بالأمراض العنصرية والفيروسات الطائفية... ونستبدلها بثقافة احترام حقوق الإنسان والحق في الاعتقاد ووقف التعدي أو السطو على الآخرين كالسرقات التي انتشرت في الآونة الأخيرة.
من منظوري المتواضع عدم السباق في تعلم لغتهم على حساب الثقافة الإسلامية، بل الأولى والأهم أن نكتسب ثقافة حقوق الإنسان والحريات العامة وثقافة الاعتقاد المنتشرة عندهم، ونغرسها في نفوسنا المريضة لعلاجها، وعقول أبنائنا قبل أن يستفحل هذا الداء إلى الأجيال القادمة، ونورثها مرضاً عضالاً يستصعب علاجه.
فهل لدينا الاستعداد لعلاج هذا الداء؟ للتخلص من هذا المرض ببساطة الرجوع إلى تعاليم ديننا الحنيف والقيم الإسلامية التي تطرقنا إليها آنفاً، وأيضاً بالتوقف عن القذف والسب والتنابز بالألقاب وزرع الحقد والكراهية بالمنابر الدينية والإعلامية، مصداقاً لقوله تعالى: «ولا تنازعوا فتفشلوا، وتذهب ريحكم» (الأنفال: 46)، واكتساب الخبرات الحقوقية وثقافة حقوق الإنسان وتكريم النفس البشرية كما قال تعالى في الآية الكريمة: «ولقد كرمنا بني آدم» (الإسراء: 70).
ما يحز في النفس بعد كل هذا الجهد العظيم الذي قام به نبي الرحمة محمد (ص)، بالدعوة إلى ترابط المسلمين، إلا أنهم من أكثر الأمم فرقة مع أن النبي، قد حثهم على التآلف والمحبة والإيخاء والترابط، كما أمر به رب الرحمة في الآية الكريمة «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا» (آل عمران: 103).
من وجهة نظري أن السبب الحقيقي في هذه التفرقة والمشاكل التي تعيشها الأمة الإسلامية تتمثل بانتشار أهل النفاق والكتبة الفاسقين وبعض من علماء الدين المارقين الذين يتشدقون بالدين وهم بعيدون عنه وليست لهم صلة به، وأصحاب الايديولوجيات الطائفية والتكفيريون الذين يلصقون التهم الجزاف لخلق الله.
لذا في النهاية - تأدية لِدَيننِا -، نختم بالقول إن دور وزارة الثقافة، العمل على نشر مفاهيم الدين والأخلاق والثقافة الإسلامية وزرع الإيجابيات الحميدة في نفوس المجتمع بالإعلام الحكومي المتنوع، وعقد ورش عمل ثقافية مؤصلة لتعاليم الدين الحنيف. باختصار تطبيق رسالة النبي محمد (ص) للمسلمين على أرض الواقع.
أما بالنسبة لدور وزارة حقوق الإنسان ينحصر في زرع ثقافة حقوق الغير في العيش بسلام واحترام الرأي الآخر بالاعتقاد، وبسط المفاهيم والمصطلحات، ولاسيما العدل والمساواة وحرية الرأي والبعد الثقافي الايديولوجي، التي تعمق ثقافة حقوق الإنسان بشتى الوسائل وفي كل الأمكنة. الحديث عن هذا الدور قد يطول ويحتاج إلى أعمدة، ولكن للمزيد من هذه المفاهيم الرجوع إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"العدد 3536 - السبت 12 مايو 2012م الموافق 21 جمادى الآخرة 1433هـ
تقريركم شامل للتوصيات
تابعت مقالكم بجزئيه ورأيتكم تتسلسلون وتحللون ولم تتركوا أن تضعوا التوصايت في آخره
فهل هذه خارطة طريق لوزارتين يشعر المواطن أنهما بعيدتان عنه كل البعد فهو يسير في طريق وهما في طريق مغاير جداً
إذا أرى في حكمتكم وتوصياتكم أنها ستلقى في سلة المهملات كالعادة
فلك يا دكتور كل التعازي
وجزاك الله خير الجزاء
تحليل في الصميم
أصبت كبد الحقيقة دكتور ،في تحليلك لوضع المسلمين
موضوع شيق وتسلمون يا كتاب الوسط الكرام
كلام كبير ومهم يا دكتور
أنت شمعة سترة الأبية، فشكرا لكم على طرح المواضيع التنوعة والشيقة.
ستراوي
سئوال للك يا دكتور
هل فى اعتقادك الشخصى ان الله و الرسول على علم بان هاده الأمه يئتى عليها زمن بعد ان كانت خير امه اخرجت الى الناس تصبح اقبح واشد تعصبأ وظلما ونفاقأ والكدب على الهواه والأنحطاط الأخلأقى والخلقى لمادا قال الله كنتم خير امه ما المفصود من دللك هل هيه كانت فى فتره زمنيه محدده وشكرأ
احسنت وبارك الله فيك
هاهيه انت قلتها يا عزيزى لدالك شدد الله سبحانه وتعالى عداب المنافقين وجعلهم فى الذرك الأسفل من النار وجعلهم وقودها ولكن السؤال الدى يطرح نفسه الى متى سيستمرون فى خداع الناس وخداع انفسهم لقد فضحهم الله فى اعمالهم اصبحنا فى عالم اصبح المعرف منكر والمنكر معرف صار الكدب صفه جميله يتسابق بها المتسابقون
الخلل في من يحمل مسمى الدين!!!
صباح الخير يا دكتور ... ودي أقول شيئا حكيما في مقالك ولكن أخشى ان يحجب هذا التعليق فآثرت أن أعلق بما يسمح به المقص، نعم القيم الإسلامية والثقافة الدينية هي سلوكيات وليس عنجهيات تختزن في العقل ويتبجح بها فوق المنابر والأعواد إنما هي سلوك وعمل، والدين الذي لا تترجم مفاهيمه إلى برنامج عمل وسلوك هو دين كاذب.
لذلك نقول: أين القيم والأخلاق من تسقيط الاخرين لمجرد انتمائهم المذهبي؟ كيف نجمع بين اللحية الغليظة وبين الكلام الفاحش القذر في حق الغير؟ إذا كانت اللحية شعار للدين!!
إذا فسد الرأس فسد الجسد!!