مصطلح الحرب الباردة عبارة عن وصف حالة الصراع والتشنج السياسي والتنافس العسكري والذي كان بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي آنذاك، وامتد لأكثر من نصف قرن (من أربعينات القرن الماضي الى التسعينات من القرن نفسه). وعادة هذه الحروب لا تكون معلنة، وإنما مخفية لحين وقت الانقضاض، بينما يُستدلُ عليها من خلال تطوير القوات العسكرية والتسابق الفضائي والتكنولوجي لكل منهما.
كذلك لو جاز لنا التعبير، ان كثيرا من الشعوب العربية والاسلامية تعيش حربا باردة مع أنظمتها، واستنتجنا ذلك من خلال ما يسمى بالربيع العربي، الذي ظهر فجأة وليس مفاجأة العام الماضي جراء تراكمات سياسية خانقة من القهر والغبن والفساد وتكميم الافواه - حرب غير معلنة. كل ذلك ينم عن أن هناك حالة من التوتر، وأنهم ليسوا على وئام واستقرار جراء التهميش والإقصاء للشعوب في ادارة البلدان.
بعضهم عاش حالة من الخنق السياسي امتد لقرون، فمنهم من كان يطالب بتغيير أنظمته العتيدة منذ أكثر من قرن، وثانِ باصلاح النظام منذ عقود وآخر بالإصلاحات السياسية المتمثل في الديمقراطية وحرية الرأي والقضاء المستقل لفترة امتدت عشرات السنين.
أيضا نتوقع كمحللين سياسيين أو كتاب، أن هناك بلدانا عربية ستصلها موجة التغيير ولو بعد حين، ما جعل بعض هذه البلدان يستعد لأي ثورة قادمة، أما بعمل اصلاحات شكلية مثل الجزائر والأردن او جوهرية كما حصل بالمغرب.
بعض البلدان لم تقم بأي اصلاحات تذكر، أما بسبب ثباتها سياسيا نتيجة تحالفاتها الاقليمية كما تعتقد أنظمتها، أو لتعويلها على الاتفاقيات العسكرية الغربية التي تحميها من هذه الثورات والمنزلقات القادمة، باعتبارها قوة عظمى في المنطقة والغرب له مصالح باستمرارها في الحكم.
نستنتج مما سبق ان المنطقة مقبلة على تغيير سياسي شامل شئنا ذلك أم أبينا، فالحكيم من يتصدى لها سياسيا لا أمنيا، وذلك بالتجاوب مع شعبه وتوفير العيش الكريم له، وإعطائه حقوقه السياسية من برلمان وصحافة حرة وقضاء مستقل وحرية التعبير وتوفير الخدمات العامة اللازمة لشعبه.
ختام القول في تقديري، ان هذا الربيع السياسي لن يتوقف وسيصل لبلدان أخرى يعيش شعوبها حالة الحرمان من ثرواتها، حتى وإن كانت غير عربية، وسيظهر ربيع عربي آخر، وآسيوي وافريقي ولاتيني – منسوب لأميركا اللاتينية – وغيرها، حتى يتحقق العدل والمساواة بين خلق الله في هذه الدنيا الفانية.
إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"العدد 3532 - الثلثاء 08 مايو 2012م الموافق 17 جمادى الآخرة 1433هـ