العدد 3525 - الثلثاء 01 مايو 2012م الموافق 10 جمادى الآخرة 1433هـ

بنات أم عباس

عباس المغني abbas.almughanni [at] alwasatnews.com

عاشت أم عباس حياة قاسية يصعب وصفها، لكن الله عوضها بثماني بنات رائعات، يحسدونها على بناتها اللاتي يحرصن على إقامة احتفالٍ سنوياً لتكريمها في عيد الأم ليزدنها عزاً وفخراً بعد حياة الظلم والفقر.

بنات أم عباس لم يحصلن على وظائف، رغم أن بعضهن يحمل شهادة جامعية بدرجة امتياز. إحداهن حصلت على عمل في القطاع الخاص بأجر زهيد، وبفترة عمل طويلة من الصباح حتى المساء، وبعد سنوات تركت العمل الشاق الذي يؤثر على الحياة الاجتماعية.

هل يبقين عاطلات إلى الأبد؟ هل يقضين عمرهن في حياة الفقر؟ ما هو الحل لتحسين الوضع المعيشي والانتقال إلى حياة الرفاهية؟

فكرن باستثمار مواهبهن، فلكل واحدة منهنّ موهبة وحرفة، في الرسم والتجميل والمكياج والتصميم والمجسمات وغيرها. لكن واجهن مشكلة التسويق، فهن ينتجن ولا يعرفن كيف يسوقن منتجاتهن، وليست لديهن معرفة بالسوق، إذ إن منتجات كالتصميم والمجسمات واللوحات غير مطلوبة في قرى نائية أغلب سكانها فقراء، بينما هذه المنتجات تلقى رواجاً بأسعار أعلى في المجمعات التجارية بالمدن.

ومشكلة بنات أم عباس أنهن لا يستطعن تسويق منتجاتهن في المجمعات التجارية لأن الإيجار مرتفع جداً، وفتح المحل مكلف بحاجة إلى رأس مال والبنوك لا تقدم قروضاً للأسر الفقيرة التي لا تمتلك ضمانات، وبالتالي لم يلقَ مشروعهن النجاح.

في أحد الأيام كانت إحدى الأخوات في السوق، مرت على محل جديد، يعرض عطوراً، أعجبها نوع من العطر مكتوب عليه بسعر 11 ديناراً، فقالت للبائع: «تعطيني بعشرة».

وإذا بالبائع يطير من الفرح كالمجنون، ورحب بها ترحيباً حاراً، وقال لها: «أنا سأعطيك أسعاراً لن تجديها في أي مكان في البلد، وسأقدم لك تسهيلات لا يقدمها لك أي تاجر».

واستمر البائع في قوله: «غداً ستجهز الكمية، ولا مشكلة في دفع المبلغ، يمكنك الدفع بعد أن تبيعي الكمية... وهذه العلبة هدية لك؟».

البنت لم تعرف سبب تصرفات وأقوال البائع لها.

واتضح أن البائع هو تاجر جملة يبيع بالكميات، وهو أجنبي وجديد على السوق، والبنت هي أول من دخلت محله، وعندما قالت: «تعطيني بعشرة»، وهي تقصد عشرة دنانير، فهمها البائع عشرة درازن (الدرزن 12 قطعة)، واعتقد البائع نتيجة فهمه الخاطئ أن البنت تتاجر في العطور ولديها دكان، وبما أنه تاجر جديد يريد أن يكسب معارف وزبائن لترويج بضاعته، قدم هذا الترحيب والتسهيلات.

ذهبت البنت إلى أخواتها وأخبرتهن، فرأينها فرصة، خصوصاً أن البائع سيعطيهن أسعاراً خاصة، والدفع بعد البيع، وإرجاع الكميات التي لم يتم بيعها، وبذلك لن يتحملن أية خسائر.

في اليوم التالي، تسلمت بنات أم عباس كميات العطور، وبدأن بتسويقها في القرية، وأمام الأماكن العامة كالحدائق، بأسعار تنافسية مقتنعاتٍ بالربح القليل، وكان هناك إقبال كبير إذ يجد الناس أن العطر الذي يبعنه «رخيص وقوي».

واستمرين في بيع العطور، وحققن نجاحاً كبيراً، وبمرور الوقت اكتسبن خبرة في فن التسويق بممارستهن عملية البيع والشراء في العطور، وهو ما ساعدهن على فتح مشاريع أخرى وتسويقها.

بعد سنوات، ادخرن مبلغاً، استثمرنه في بناء دور ثانٍ وثالث فوق منزل أُمهن. الدور الثاني للسكن، والثالث لمشروع صالون تجميل، لأنهن يمتلكن موهبة وفن التجميل، فاستثمرن هذه الموهبة في إنشاء صالون تجميل. كما فتحن محلاً في مجمع تجاري، لإعادة إحياء مشروعهن السابق في الرسم واللوحات والمجسمات وغيرها، الذي يعتمد على استثمار مواهبهن.

وبمرور الوقت، بنين لهن مباني سكنية، ومحلات تجارية للتأجير، وأصبحت لديهن أملاك، يأتيهن الخير وهن جالسات في منزلهن، وعشن باقي حياتهن في خير وسعادة.

ورأت بنات أم عباس في تجربتهن، بأن «الغنى كالقصر الجميل، بابه التجارة، ومفتاحه البيع والشراء».

إقرأ أيضا لـ "عباس المغني"

العدد 3525 - الثلثاء 01 مايو 2012م الموافق 10 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 1:11 م

      التجاره شطارة

      ياليت كل النهايات مثل نهاية القصة ...لأنها تعطي الأمل
      أرى جميع كتاباتك تشجع على التجاره
      وفقك الله

    • زائر 9 | 8:37 ص

      واقعية في حياتنا

      من يشكك في مصداقية هذه القصة او واقعيتها فاليبحث بين اوساط ابناء بلده ولينظر الى اصحاب المشاريع هل هم ولدوا فطرة اصحاب مشاريع ورؤوس اموال ابدا لا فلكل شخص في هذا البلد الصغير له قصة مشابهه لهذه القصة وبعيدا عن اي عوامل اخرى

    • زائر 8 | 1:15 م

      التجربة تشبهة تجربتي

      ردي على الي تقول ان المقال مثل سيناريوهات المسلسلات وان لا يوجد شيء من هذا بالواقع . اقول لها هذه تجربتي وانا خير مثال , خريجة بكالريوس وعاطلة من 4 سنوات ووضعي يحتاج ان اعمل , فوجدت بيع العطور مهنة تدر علي ربح بسيط , وعلما بأني لدي معرفة بامور الصالون والرسم والخط ايضا .. اشكر كاتب المقال فقد جسدت صورة حقيقية بالمجتمع ومعاناتنا نحن العاطلاات

    • زائر 7 | 11:29 ص

      الي 5 اقول

      اشفيش محترة ما تدرين ان البلد قايم علي اخلاص وجد ومثابرة وذكا وعمل البحارنه يلحقوده

    • زائر 6 | 9:39 ص

      حزاوي الدار

      حلو الكلام بس بصراحه مو متعودين ان اسلوب الجرايد جدي


      الله يوفقك وشكرا على تشجيع الشباب بس عندي طلب

      نبغي قصه للي طايح حظهم في القطاع الخاص ومن شركه لثانيه اردى

    • زائر 5 | 6:55 ص

      آقول

      آقول لكم كله تكذبون سيناريوهات ليش ماتعرضونها على المنتجين ورمضان وجرب آنه آقول ليش كله الممثلين من البحارنه احين عرفت السبب وبطل العجب

    • زائر 4 | 5:52 ص

      اهم شي الارادة

      ماكو عدنة ارادة وعزيمة وصبر

    • زائر 3 | 5:07 ص

      example and idea

      I found this type of examples we should bring it and introduce it strongly of our society to learn and take a good example and ideal if possible in their life. Keep on focussing on the real women and men who are able to change their current life situation with determination and persistence to a better life as long as its blesses Allah (SW) and his prophets (SA).

    • زائر 2 | 4:42 ص

      ام عباس وبناتها

      ههه .. حلوة الفصه ..عاد هل هي واقعيه لو خيال .. اذا واقعيه حبينا نعرف من هم :)

    • زائر 1 | 1:46 ص

      الف ليلة وليلة

      وخلصت القصة يالله شباب إلى النوم

اقرأ ايضاً