أخذ سمير أوراق أخته الجميلة وألقاها في سلة القمامة، وعاد لها وقال: «يا أختي العزيزة قدمت أوراقك في كل وزارات الدولة والشركات العريقة، وأتمنى أن تحصلي على وظيفة مرموقة».

المسكينة زهراء لا تعلم ما يجري حولها، فأخوها يريدها أن تعتني بأبنائه أثناء ذهاب زوجته مدرّسة الرياضيات إلى العمل. زهراء لديها صديقة اسمها صفية توفي زوجها، تاركاً لها مسئولية طفلة عمرها سنة ونصف. صفية تواجه مشكلة، إذ إنها لا تستطيع أن تترك وظيفتها كمدرّسة لغة عربية لأنها العائل الوحيد للأسرة، ولا تستطيع ترك طفلتها وتذهب للعمل.

قالت زهراء إلى صديقتها صفية: «أنا سأعتني بابنتك أثناء غيابك، ولا تتركي وظيفتك لأنها مصدر رزق أسرتك».

عندما استلمت صفية راتبها، اقتطعت 70 ديناراً وقدمتها إلى زهراء كهدية وليس كأجر.

انتشرت أحاديث في القرية، فجاءت سيدة تعمل في إحدى الوزارات، تواجه المشكلة نفسها، وتقدمت بطلبها إلى زهراء بأن تعتني بطفلها البالغ سنتين مقابل 70 ديناراً في الشهر. فابتسمت زهراء وقالت إنها لا تعتني بالأطفال، وإنما صديقتها كانت محتاجة فاعتنت بطفلتها. فدار نقاش بينهما، وتمخض عن فكرة مشروع حضانة أطفال، إذ إن كل النساء العاملات تواجهن مشكلة الاعتناء بالأبناء أثناء الذهاب للعمل.

واجتمعت زهراء مع الفتيات العاطلات، وأسّسوا لهن حضانة، وكل النساء العاملات في القرية والقرى المجاورة جاءوا بأبنائهن إلى الحضانة، وحقق المشروع نجاحاً باهراً.

بعد أن كانت الفتيات عاطلات، تحوّلن إلى صاحبات مشروع ناجح يوفر لهن الحياة الكريمة بالاعتماد على أنفسهن. وأدركت زهراء أن حل مشاكل الناس في حد ذاتها فرصة لإنشاء مشروع ناجح. وهي حكمة من الله، ومكافأة لمن يسعى في حل مشاكل عباده.

إذا كانت الناس تعاني من مشكلة الاعتناء بأطفالها، فسيكون مشروع الحضانة ناجحاً، وإذا كان الناس يعانون من انتشار الفئران، فإن تأسيس شركة للقضاء على الفئران ستكون ناجحة، إذا كان الناس يعانون من ملوحة مياه الشرب، فإن مشروع تحلية المياه سيكون ناجحاً... وهكذا، في كل مشاكل الناس فرص تجارية.