العدد 3519 - الأربعاء 25 أبريل 2012م الموافق 04 جمادى الآخرة 1433هـ

الكادر الطبي من جديد...

حسن المدحوب hasan.madhoob [at] alwasatnews.com

.

خرجت من المؤتمر الصحافي الذي عقده محامو الكادر الطبي أمس الأول 24 ابريل/ نيسان 2012 وأنا أسأل نفسي هل يعقل أن ما جرى لهؤلاء الاستشاريين والأطباء والممرضين والمسعفين حدث في البحرين، بلد الشيم العربية والقيم الإسلامية، البلد المتحضر المتعلم المثقف المتسامح، فعقلي لم يستوعب الشهادات التي تقدم بها الأطباء عن طريقة اعتقالهم من مجمع السلمانية الطبي، وكيف تم سحلهم على البلاط أمام زملائهم، واقتيادهم من غرف العمليات، فيما تم اقتحام بيوت الكثير منهم في منتصف الليل وضربهم أمام زوجاتهم وأبنائهم قبل اقتيادهم إلى معتقلاتٍ حيث لم يعرف أحد مصيرهم إلا بعد أسابيع طويلة.

ورغم أن ما جرى على الكادر الطبي كان غريباً عن الشيم العربية ومبادئ الإسلام والانسانية، فإن المستغرب كان الإصرار على إكمال مشوار القضايا المرفوعة عليهم والمتمثلة بشكلٍ رئيسي باحتلال مجمع السلمانية الطبي واتهامهم بتوريد وحيازة أسلحة، وهي تهم لا نعلم حقيقة عما إذا كانت قد كتبت على عجل من قبل البعض، لأن كل شعب البحرين خلال أشهر الاحتجاجات العارمة في شهري فبراير/ شباط ومارس/ اذار العام الماضي كان يرى كيف كان الأطباء وبقية الكادر الطبي منهمكين في معالجة جرحى تلك الأحداث الذين كانوا يتوافدون بالعشرات يوميا ويبدو أن هذا الأمر هو السبب الحقيقي الذي عوقبوا من أجله وليس بسبب «الآر بي جي» و«مضادات الدروع» المزعومة.

البحرين التي تنفق الملايين على شركات العلاقات العامة من أجل تحسين صورتها أمام العالم، لاتزال تسير في الاتجاه الخاطئ من التاريخ بإصرار البعض فيها على معاقبة الكادر الطبي رغم أن العالم بأسره شهد على براءتهم وعلى إنسانيتهم ومهنيتهم، فهل كان أحد في العالم يتوقع منهم أن يشيحوا بوجوههم عن المصابين بالرصاص الحي أو عشرات الشظايا من الشوزن وهم يتقاطرون إليهم بالعشرات، بل إن الوزارة نفسها التي تمثل الجهة الرسمية لم تطلب منهم أن يمتنعوا عن مداواة هؤلاء المرضى حتى يعاقبوا على ذلك.

أعضاء الكادر الطبي وجدوا أنفسهم فجأة ملاحقين أمنياً، وأصبح الواحد منهم ينتظر دوره في الاعتقال المخيف الذي تلته وجبات لا إنسانية من التعذيب والانتهاكات، حملات التشهير باتت تنقل مباشرة على الفضائية الرسمية التي يفترض بها أن تكون بعيدة عن التسييس وممارسة ادوار لا إنسانية ولا أخلاقية.

اليوم ومع اقتراب مرحلة الحسم للقضايا المرفوعة على الكادر الطبي، يبدو أن هناك من لا يريد لسمعة البحرين الطيبة أن تعاود ألقها، العالم كله يشهد ببراءة الكادر الطبي الذين يجب أن يعاد لهم اعتبارهم ويتم تعويضهم تعويضاً أدبياً قبل التعويض المادي، بل إننا نطالب بتكريمهم رسمياً وعلى أعلى المستويات الرسمية نظير جهودهم الوطنية التي قاموا بها خلال الأزمة التي مرت بها البلاد.

ستظل البحرين تنظر بعين الإكبار والتقدير إلى أعضاء الكادر الطبي فرداً فرداً، ومهما تكن نتيجة محاكماتهم ومآلها، فإنهم سجلوا أسماءهم في ذاكرة الوطن الذي يحلم أبناؤه بالحرية والكرامة والديمقراطية، سيتذكر تاريخنا الوطني كيف عوقب العشرات منهم لأنهم لم يقبلوا بأن يتجردوا من إنسانيتهم ومهنيتهم.

نتمنى أن تنتهي القضايا المرفوعة ضد الكادر الطبي بنحو يحقق العدالة الإنسانية، ولا نعتقد بأن إعادتهم إلى المعتقلات سيخدم سمعة البحرين، لأنه ما من بلد يحتفظ باستشارييه وأطبائه وممرضيه ومسعفيه وصيادلته في السجون.

إقرأ أيضا لـ "حسن المدحوب"

العدد 3519 - الأربعاء 25 أبريل 2012م الموافق 04 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 4:08 ص

      بلد التسامح والوحدة

      مشلخين الناس في الجرائد أن البلد من زمان مشهود لها بالمحبة والتسامح ولكن ما تقوم به أجهزتها خلاف ذلك تماما

    • زائر 5 | 1:57 ص

      ...

      تعظيييييييم سلام للكادر الطبي واحداً واحداً .. وليخسأ الخاسئون

    • زائر 4 | 1:36 ص

      كلنا فداهم

      كلنا فداهم هذا اقل ما يمكن ان نقدمه لوطننا الجريح

    • زائر 3 | 12:45 ص

      ملائكة الرحمه

      لقد أبدعت يا اخي في وصفك ودفاعك عن الأطباء. لأنهم يستحقون هذا الوصف والدفاع. ولو بمقدور كل مواطن بحريني ان يقف في المحكمة للدفاع عنهم لذهبنا

    • زائر 2 | 11:36 م

      ألــكـــل يـــعـــلــم و لكن ؟؟؟

      القاصي والداني يعلمون أن ألكادر الطبي بجميع منتسبيه سطر موقفا شريفا ناصعا ابيض من الحليب وأحلى من العسل . وحتى من يحاكمهم يعلم ذلك قبل غيره . أطباء ذو شهادات عالية وخدمة طويلة وقلوب صافية نقية أقسمت أن تقوم بدورها على أكمل وجه من غير تمييز ، ولكن حسبنا ااااه ونعم الوكيل .
      نتمنى لهم الفرج لخدمة مملكتنا الغالية علينا .

اقرأ ايضاً