العدد 3517 - الإثنين 23 أبريل 2012م الموافق 02 جمادى الآخرة 1433هـ

ما أنتم علينا بأعزاء!

محمد عباس علي comments [at] alwasatnews.com

عضو سابق في مجلس بلدي المحرق

لقد مر عام على إسقاط عضوية الأعضاء البلديين المنتخبين الخمسة، أربعة من مجلس بلدي الوسطى، وواحد من مجلس المحرق البلدي. وبصفتي أحد الأعضاء الخمسة المسقطة عضويتهم، فقد ترددت كثيراً في الخوض في هذا الموضوع، وذلك من منطلق الحيادية وعدم شخصنة الأمر. ولكني وتحت الضغط الشديد من أهالي الدائرة السادسة بمحافظة المحرق (قريتي الدير وسماهيج)، أجد نفسى مضطراً للخوض في هذا الأمر المهم الذي يمس ممثلي الشعب في هذا المرفق المهم ذي الاتصال المباشر بحياة المواطنين، الذين بلاشك قد تضررت مصالحهم، بل وتم تهميشهم جراء إسقاط العضوية.

من المسلم به أن المجالس البلدية تضطلع بمهام كبرى وأساسية تمس حياة المواطنين اليومية، من متابعة لتنفيذ المشروعات الخاصة بالبنية التحتية المختلفة، فضلاً عن المهام الرقابية والتشريعية المتعلقة بالجوانب الخدمية والبلدية. ومن هنا تبرز أهمية أن يكون لكل دائرة ممثل بلدي ذو اطلاع واسع على احتياجات دائرته، ومتابعتها إما بشكل مباشر أوغير مباشر مع المعنيين في مختلف وزارات ومؤسسات الدولة ذات العلاقة. وعليه فإن للعضو البلدي دوراً كبيراً في تحسين ورقي دائرته التي تشكل جزءًا مهماً من وطننا الغالي. وإذا ما تضافرت الجهود بين الأعضاء البلديين والجهات المعنية، فسوف تتكلل جهودهم في إنجاز المشاريع لصالح المواطنين، وهذا بلاشك يكون له انعكاساته الطيبة على مستوى رضا المواطنين عن الخدمات المختلفة المقدمة لهم.

ولضمان سير عمل المجالس البلدية على أسس قانونية واضحة تنظم عمل هذه المجالس فقد صدر قانون البلديات رقم (35) لسنة 2001. ولم يغفل هذا القانون أمر إسقاط عضوية الأعضاء، فقد وضحته المادة رقم 15 من قانون البلديات، التي تنص: «إذا تغيب عضو المجلس عن حضور جلسات المجلس أو لجانه أكثر من ثلاث جلسات متتالية أو ست جلسات متفرقة في دور الانعقاد الواحد دون عذر مقبول، جاز للمجلس أن يصدر قراراً بموافقة الأغلبية المطلقة لأعضائه باعتبار هذا العضو مستقيلاً». فقد تم تحديد أسباب إسقاط العضوية، وليس من ضمنها شيء يخص التعبير عن الرأي أوالتجمع... الخ، والتي استند اليها مسقطو العضوية.

إن ما ذهب إليه مجلسا المحرق والوسطى البلديان من إسقاط العضوية هو أمر مخالف لقانون المجالس البلدية، وليس من حقهم، مطلقاً الدخول في أمور خارج اختصاصاتهم. كما يعد سابقة خطيرة ومخالفة صريحة للأعراف المتعلقة بالمجالس البلدية المنتخبة، فضلاً عن أنه مخالفة صريحة لدستور مملكة البحرين للعام 2002، الذي ينص على أن الشعب مصدر السلطات. وعليه فإن هذا الأمر يعد استهدافاً مباشراً للأعضاء المنتخبين انتخاباً مباشراً من قبل المواطنين، ومن المؤسف أنه يتم بناءً على الهوية والانتماء السياسي والرأي الخاص الذي لا علاقة له بالعمل البلدي لا من قريب ولا بعيد.

ولو تعمقنا في المادة رقم (16) من قانون البلديات التي تنص «وتسقط العضوية أيضاً عن عضو المجلس بقرار من المجلس البلدي بأغلبية ثلثي أعضائه وذلك في حالة إخلاله بواجبات العضوية»، بما يعني أن إسقاط العضوية لا يكون إلا نتيجة إخلال العضو بواجبات العضوية، أي أنه لابد من أن يكون ثمة واجب على العضو بصفته عضواً بلدياً، ويقوم هذا العضو بالإخلال بهذا الواجب.

وبمفهوم المخالفة، لا يجوز مؤاخذة العضو البلدي بموجب المادة (16) من قانون البلديات مثلاً على تجاوز الإشارة الحمراء أو عدم استخدام حزام الأمان أثناء قيادته في الشارع، لأنه ليس من واجبات العضو البلدي بمناسبة عضويته أن يلتزم بأحكام المرور السابقة، وإن كان احترام القانون واجباً على جميع من في البحرين سواءً أكان عضواً بلدياً أم مواطناً أم مقيماً، إلا أن هذا الواجب لا يرتبط بكونه عضواً في المجلس البلدي، حتى وإن حصلت تلك المخالفات أثناء ذهابه لمقر المجلس أو رجوعه منه.

وكذلك الأمر بالنسبة إلى الواجبات الأخرى أياً كان مصدرها، فمثلاً لا يمكن مؤاخذة العضو بموجب النص المذكور على إخلاله بالتزاماته التعاقدية مع أي طرف كان، وإن كانت جهة عامة، طالما لم يكن لتلك الالتزامات أو الواجبات علاقة بالعضوية.

وانه بياناً لما سبق، فإن القانون حين قرر النص المذكور افترض أن ثمة واجبات على العضو البلدي أن يلتزم بها، وهذه الواجبات لا تقرر بالاجتهاد أو التأويل، وإنما بنص القانون، فلا محل للقول بأن المجلس يعتقد بأن على العضو كذا وكذا، على سبيل المثال أن يعامل ناخبيه باحترام بأن يرد على مراسلاتهم خلال عشرة أيام من تاريخ وصولها إليه، وأن مخالفة ذلك تعتبر عدم احترام للناخبين بما يعني أنها إخلال بواجبات العضوية، فواجبات العضوية ليست مسألة ذوقية أو شخصية.

والذي يستغرب منه أن وزير البلديات قد صادق على ما ذهب له مجلسا المحرق والوسطى من خلال موافقته على قرارات إسقاط عضوية الأعضاء المنتخبين، وبصورة سريعة، لم تعهدها المجالس البلدية، حيث التأخير هو القاعدة، وليس الاستثناء. وهذا ما تشتكي منه المجالس البلدية دائماً ويصرح به على صفحات الصحف!

وإنه من منطلق واجبنا تجاه ناخبينا الذين وثقوا بنا، فقد قررنا اتباع الخطوات القانونية المنصوص عليها في قانون البلديات، وذلك بتقديم الطعن في قرارات إسقاط العضوية، حيث نصت المادة (17) من قانون البلديات «يكون لمن أسقطت عضويته أو اعتبر مستقيلاً حق الطعن أمام محكمة الاستئناف العليا في موعد لا يتجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانه، وتفصل المحكمة في الطعن على وجه الاستعجال، ويكون الحكم نهائياً وغير قابل للطعن».

ومن الواضح أن صفة الاستعجال في الفصل في إسقاط العضوية لم توضع اعتباطاً، بل بناء على الأهمية الكبيرة التي يترتب عليها عدم وجود العضو البلدي في المجلس لمباشرة المهام المناطة به، ولكن للأسف فقد تم تأجيل القضية من شهر لآخر، حتى شارف الأمر على إكمال عام كامل، دون البت في القضية. وعليه يحق لنا التساؤل: أين صفة الاستعجال التي نص عليها قانون البلديات؟

ومن الواضح للقاصي قبل الداني، تهميش دوائرنا طيلة هذه السنة التي أبعدنا فيها قسراً عن ممارسة مهامنا كأعضاء بلديين منتخبين، وهذا لعمري في حد ذاته إساءة عظيمة لمملكتنا الحبيبة، وهو استخدام جائر لأدوات المجالس البلدية وصلاحياتها، في تعطيل إرادة الشعب من أبناء دوائرنا، حيث فزنا في الانتخابات البلدية بنسب عالية، لم يصل لها من سعى لإسقاط عضويتنا، وهذا في حد ذاته يحمل مؤشرات كبيرة، على مدى القبول الاجتماعي والشعبي الذي نحظى به في دوائرنا وثقة المواطنين بأننا الأصلح للقيام بخدمتهم. ومن المؤسف أنه سيسجلها التاريخ كوصمة عار ونقطة سوداء في مسيرة الحياة الديمقراطية في بلدنا الحبيب، ضد من ذهب في اتجاه إسقاط العضوية، وأمعن في التهميش ومازال بحق شريحة كبيرة من المواطنين.

ويذكر بأن أبرز توصيات لجنة تقصي الحقائق، عدم قانونية القضايا المرتبطة بإبداء الرأي، حيث جاء نصها: «اتخاذ ما يلزم نحو ضمان ألا يكون من بين الموظفين المفصولين حالياً من صدر قرار فصله بسبب ممارسة حقه في حرية التعبير وحق إبداء الرأي والتجمع وتكوين جمعيات». فمن حقنا التساؤل لماذا قضيتنا كبلديين منتخبين، وليس «موظفين» معينين، يتم تجاهلها؟ ولصالح من؟

فكأن لسان حال كل من ذهب وساند إسقاط عضوية البلديين المنتخبين وأمعن في تهميش دوائرهم، يريد أن يوصل رسالة جلية لا لبس فيها للمواطنين في هذه الدوائر والذين يربو عددهم على مئة ألف مواطن، من أبناء وبنات هذا الوطن العزيز، «أنتم لا تعنون لنا شيئاً وسوف نسعى لتهميشكم وإقصائكم والتنكيل بكم، وما أنتم علينا بأعزاء»!.

إقرأ أيضا لـ "محمد عباس علي"

العدد 3517 - الإثنين 23 أبريل 2012م الموافق 02 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 5:50 ص

      يعني ويش

      يعني ويش المطلوب

    • زائر 3 | 3:12 ص

      مقال محكم وكلام جليل

      أعني هذا المقال وأعرف كاتبه منذ الطفولة. فلو كتبت المقال نفسه لم أكن لأكتب أحسن منه. لهذا ؤءيده بكل جوارحي لا أزيد عليه ولا أنقص منه شيئا وأختم فقط بالتذكير بأن البهاريج لم تنطل علينا قط، والحمد لله أن كشف زيفها للكافة أيضا، بمن فيهم الفاعل والمفعول به والشاهد والغائب. وللتاريخ أيضا، كما جاء في المقال.

اقرأ ايضاً