العدد 3509 - الأحد 15 أبريل 2012م الموافق 24 جمادى الأولى 1433هـ

المعاقة زينب

عباس المغني abbas.almughanni [at] alwasatnews.com

رفضت زينب تسلم 100 دينار كمساعدة، وابتسمت وقالت: «شكراً، أنا لست فقيرة، فأنا أملك كنزاً في داخلي... إنها الموهبة».

قصة زينب، أنها معاقة منذ ولادتها، إذ إن قدمها اليمنى فيها إعاقة، وتمشي بصعوبة كالأعرج، وعينها اليسرى بها حول حاد لا تستطيع النظر منها. وتعيش في أسرة أعدمها الفقر وتتجرع مرارة الحرمان.

لم تتمكن من دخول الجامعة، لعدم قدرة الأسرة على توفير رسوم الدراسة. وكلما تقدمت بطلبها للشركات فأنها ترفض طلبها بالتوظيف، إذ يعتقد المديرون أنها معاق وغير قادر على الإنتاج. ويرفض الرجال التقدم لخطبة فتاة معاقة وفقيرة، لتعيش في هذه الدنيا وحيدة.

فكرت زينب كيف تكسب لقمة العيش، ولم تجد فكرة جيدة. وفي أحد الأيام رسمت جارتها مع طفلتها، وأعطتها الصورة. وعندما شاهد زوج جارتها الصورة، انبهر من رسمها المبدع، وقال: «أنا سوف أساعدها في لقمة العيش».

زوج الجارة لديه مكتب إعلانات، فيطلب من زينب أن ترسم لوحات إعلانية جميلة، مقابل دينارين على كل لوحة، فوافقت على ذلك.

وبعد مدة من الزمن، أصابت الجار غيبوبة، فتوقف عمل زينب وما عادت تحصل على الدينارين.

أحد الشباب عرف عن موهبة زينب، فاتفق معها على أن تصمم له شعارات (لوكو) بحسب الطلب، مقابل دينار ونصف الدينار عن كل شعار. وبعد مدة من الزمن، أدخل هذا الشاب السجن بتهمة احتيال.

اشترت زينب فخارة وقامت بزخرفتها بشكل مبدع، وقدمتها إلى صديقتها بمناسبة عيد ميلادها. إحدى الحاضرات عيد الميلاد تعمل مدرسة، تعجبت عندما رأت الفخارة، فطلبت من زينب أن تصنع لها واحدة بدينار.

هذه المدرسة أخذت الفخارة، واشتركت بها في مسابقة إقليمية لمدارس الثانوية باسم إحدى طالباتها، ففازت بالجائزة الأولى ومكافأة تبلغ 50 ألف دولار. وبما أن الجائزة عالمية، كسبت البلد شهرة وتقديراً كبيراً، فتمت ترقية المدرسة إلى مديرة.

وأقامت المدرسة، احتفالاً كبيراً بالجائرة، وفي الليلة نفسها التي وضع فيها ما لذ وطاب، كانت زينب جالسة في منزلها، تأكل خبزاً يابساً مضى عليه 4 أيام.

ذهبت زينب للتنفيس عن نفسها، أمام البحر وممارسة هوايتها، فرسمت طفلاً يلعب في الرمال على الشاطئ، وعندما انتهت من الرسم، قدمتها هدية للطفل.

رجع الطفل إلى والديه (سواح أجانب)، اللذين انبهرا من الرسم التي بين يديه، وسألاه عنها، فأشار بيديه إلى زينب. فتوجه الأب إلى زينب، وتحدث معها عن موهبتها وحياتها، وطلب منها أن ترسم له لوحات مقابل 3 دنانير عن كل لوحة.

بعد زمن، أقيمت فعالية أسبوع الثقافة والفن العالمي، حضره رسام فرنسي، هذا الرسام أخذ جولة ترفيهية مع زوجته على الساحل، ومصادفة كانت زينب هناك ترسم.

وتعجب الرسام الفرنسي من موهبة زينب، وقال لها: «إن رسمك كأنه رسم فنان يعرض لوحاته في فرنسا».

وطلب منها أن تأتي معه فعالية أسبوع الثقافة والفن العالمي، وهناك أراها لوحة، فقالت زينب: «هذه اللوحة أنا من رسمها».

فانكشفت الحقيقة، أن ذلك الأجنبي يشتري اللوحة من زينب بسعر 3 دنانير، ويعرضها كفنان في مزادات بفرنسا بقيمة لا تقل عن 100 ألف دولار، وتحول إلى مليونير من خلال بيع اللوحات التي ترسمها زينب المسكينة.

كما اكتشفت زينب، أن جارها الذي ترسم له اللوحات الإعلانية، كان يبيعها على الشركات بسعر 1000 دينار، بينما يعطيها دينارين، كما أن الشاب الذي يطلب منها تصميم الشعارات، كان يتفق مع الشركات على تصميم الشعار بسعر 2000 دينار، بينما يعطي زينب ديناراً ونصف الدينار. لكن كلاً منهم أصابه ما أصابه بسبب استغلال فقيرة معاقة.

وبدأت الانطلاقة، عندما أبدى الفرنسي مساعدة زينب في عرض لوحاتها في المزادات في الدول الأوروبية ولاسيما فرنسا.

رسمت زينب أول لوحة فنية جميلة وكلها إبداع. وحتى ترسلها فهي بحاجة إلى 900 دينار، كلفة الشحن الجوي والتأمين ومصاريف أخرى. فذهبت إلى البنك لاقتراض 1200 دينار، فرفض البنك إقراض فتاة معاقة لا تعمل ولا تملك ضمانات.

فعملت زينب ليل نهار جاهدة، حتى تمكنت من توفير المبلغ. ونجحت في إرسالها، وبيعت بسعر 120 ألف دولار، وعندها بدأت ترسل اللوحات مبدعة ذات ذوق رفيع المستوى. وحققت نجاحات متوالية بعرض لوحاتها في المزادات العالمية، وأصبحت غنية بسبب موهبتها الفنية.

تقدم لزينب عشرات الشباب لخطبتها. فقالت صديقتها: «أنت جذابة الكل يتمنى خطبتك»، فردت عليها: «الأموال هي الجذابة، عندما كنت فقيرة كانوا يرفضونني».

زينب من خلال خبرتها، آمنت بأن كل إنسان معاق، يعطيه الله موهبة، فإذا اكتشف هذه الموهبة واستثمرها بالشكل الصحيح، فإنه سيحقق النجاح ويصبح مليونيراً ولن يحتاج لمن يتصدق عليه.

فأسست زينب شركة متخصصة لاستثمار مواهب المعاقين، وحققت هذه الشركة نجاحات باهرة، إذ إن كل موهبة لمعاق تنتج ملايين الدنانير.

وتحول المعاقين الذين ينظر إليهم المجتمع على أنهم غير منتجين، إلى أغنياء بمواهبهم ومنتجين ومبدعين يضيفون قيمة عالية للاقتصاد.

إقرأ أيضا لـ "عباس المغني"

العدد 3509 - الأحد 15 أبريل 2012م الموافق 24 جمادى الأولى 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 6:23 ص

      لاتستحي من اخذ حقوقك ايها المواطن المعاق

      مسكينة زينب هذه عندما رفضت المساعدة
      فالمروض ان يتسغل الانسان الفرصة المتاحة له
      ومثلما ان الاعاقة مهما كان شكلها هي ابتلاء من جهة فهي نعمة ايضا من جهة اخرى

      لذلك يجب على كل من لدية اي نوع من انوع الاعاقة ان لايتستحي ولاينكسر من اخذ المعونة المتسحقة نظاما لاعانته.. وعليه ان يستثمر المبلغ في التجارة او غيرها اذا كان فائضا عن حاجته ، اما اذا كان محتاجا فعليه ان يستغله في حاجته

    • زائر 11 | 4:52 ص

      الاعاقه لا تعتبر حاجز

      شكرا لهذا الموضوع الرائع الذي بين معاناة العديد من المعاقين بطريقه غير مباشره . ولكن أتمنى أن تكتب في المرة القادمه عن معاناة حقيقيه فهناك الكثير من هذه الفئه يعانون وخصوصا في البحرين .

    • زائر 9 | 10:33 ص

      لماذا يا مراقب او مشرف؟؟؟؟

      إنتقاد بسيط يسهم في توجيه الكاتب للموضوعيه بدل الخيال غير المنتج والذي تكرر منه مثلا:( اليتيم ابراهيم /الخياطة مريم/ المعاقة زينب ) وكتابات أخرى وكان يفترض ان ينشر تعليقي لكن تدرون بتنشرونه نشروه مانتو ناشرينه لا تنشرونه يعني بيكتب خلوه يكتب ماهو كاتب لايكتب قصدي اذا بيقول قصص خله يقول ما هو قايل قصص لايقول واحنا نبي نقراه بنقراه مانبي نقراه ماحنا قارينه.

    • زائر 8 | 10:22 ص

      عالة على المجتمع .. أستغفر الله

      البعض ينظر للمرضى ....... كبار السن ........ المعاقين انهم ثقل على المجتمع !

      هذه الفئات التى لا يوحي ظاهرها الا بالأسى والهم ... ولو كشف لنا شئ بسيط من أسرار الحياة لكانت النظرة ايجابية الى كل ما خلق الله عز وجل ... فلا شئ بدون فائدة ...

      لكنها المادية وما تفعل بعقل الانسان !

    • زائر 7 | 9:59 ص

      إستفسار

      شكرا جزيلا لك ...
      هل هذه القصة واقعية وهل زينب موجودة فعلا؟؟

    • زائر 5 | 6:59 ص

      خبرة المعاقين

      ان المعاقين لهم موهبة لأن الله سبحانه وتعالى خلق انسان موعاق لاكن الله جعل له موهبة في الحياة وعلينا ان نهتم بي المعاقين

    • زائر 3 | 3:38 ص

      لكل مجتهد نصيب

      طرح رائع وعبره جميله

    • زائر 2 | 1:17 ص

      لكل معاق موهبة لكن بحاجة إلى اكتشاف ورعاية واهتمام

      بيتهوفن الذي يعتبر من أبرز عباقرة الموسيقى في جميع العصور، ألف أعظم وأشهر المقطوعات الموسيقية عندما فقد سمعه أي عندما كان أصم.


      للاسف في بلادنا هناك عدم اهتمام واستغلال للمعاقين.

      لو كان هناك اهتمام بالمعاقين، لرأينا الأبداع والعبرقية في أجمل صورها. فهؤلاء الله خلقهم وأعطاهم موهبة تفوق مواهب البشر العاديين، رحمة منه. ولكن هذه الموهبة بحاجة إلى رأكتشاف ورعاية واهتمام.

    • زائر 1 | 11:37 م

      الحوافز جميله

      شكرا على هذا الطرح . وشكرا على هذا الموضوع الحساس والذي ابكاني .
      عندنا الكثير من المعاقات في العائلة ... في المنطقة ... في البحرين .. ولكم نسبة الاعتناء بهم قليلة مع الجهود المشكورة لوزارة الشئون .
      واللله إن البعض يقول كيف أتخلص من هذه المعاقة .
      المعاق إنسان ينظر ويسمع ويتمنى القيام بكل ما نقوم به .

اقرأ ايضاً