في كتاب «مهزلة العقل البشري» يروي علي الوردي حكاية طريفة هذا نصها:
يقول الشهرستاني صاحب كتاب «الملل والنحل» والعهدة عليه: إن إبليس احتج على ربه، ووجه إليه سبعة أسئلة، قال إبليس:
أولاً: إذا كان الله قد علم قبل خلقي أي شيء يصدر عني ويحصل مني، فلماذا خلقني أولاً، وما الحكمة من خلقه إياي؟
ثانياً: وهو قد خلقني على مقتضى إرادته ومشيئته، فلماذا كلفني بمعرفته وطاعته، وما الحكمة في هذا التكليف؟ مع العلم أنه لا ينتفع بطاعة أحد، ولا يتضرر بمعصيته؟
ثالثاً: وهو حين خلقني وكلفني، فالتزمت تكليفه بالمعرفة والطاعة...، فلماذا كلفني بطاعة آدم والسجود له؟ وما الحكمة من هذا التكليف على الخصوص؟
رابعاً: وإني لم أرتكب قبيحاً سوى قولي: «لا أسجد إلا لك وحدك»، فلماذا لعنتني وأخرجتني من الجنة؟ وما الحكمة من ذلك؟
خامساً: وهو بعدما لعنني وطردني من الجنة، فتح لي طريقاً إلى آدم، حتى دخلت الجنة، ووسوست له، فأكل من الشجرة المنهي عنها، وهو لو منعني من دخول الجنة لاستراح آدم وبقي خالداً فيها...، فما الحكمة من ذلك؟
سادساً: وهو بعد أن فتح لي طريقاً إلى آدم وجعل الخصومة بيني وبينه، لماذا سلطني على أولاده؟ حتى صرت أراهم من حيث لا يروني... وتؤثر فيهم وسوستي؟ فهو لو خلقهم على الفطرة دون أن يحولهم عنها، فعاشوا طاهرين سامعين مطيعين، لكان ذلك أحرى بهم، وأليق بالحكمة.
سابعاً: وهو بعد ذلك، أمهلني، وأخر أجلي إلى يوم القيامة، فلو أهلكني في الحال، لاستراح آدم وأولاده مني، ولما بقي عند ذلك شر في العالم، أليس بقاء العالم على نظام الخير خيراً من امتزاجه بالشر؟
وفي رأينا المتواضع أن هذا الشيطان لم ولن يعرف له قبر حتى الآن. وهناك مفارقة عجيبة ومقلقة لكل ذي عقل وكل ذي روية، محجوب سرها عن العقول والقلوب...، تقول تلك المفارقة: «حين خلق الله آدم... سلط عليه إبليس قصداً وعمداً...، فما السر في ذلك؟» هل الشيء لا يعرف إلا بنقيضه؟ هل الضياء لا يدرك إلا بالظلام؟ هل الوجود لا يعرف إلا بالعدم؟
أسئلة طرقت رأسي وأنا أسمع أن ندوة ثقافية وفكرية قد أوقفت ومنعت قبل سويعات من موعد إقامتها في نادي العروبة!
لكنني أدركت حالاً... أن النور لا يفهم إلا إذا كان وراءه ظلام، وحين ابتعدت بتفكيري، ونظرت إلى الأمور جليّاً، وبعقل واضح، اكتشفت أن العدالة تطأطئ هامتها في هذا الزمن الرديء... وسأكتفي بتوجيه نصحي للمثقفين.
اعلموا أيها المثقفون «التعساء»، أن ثقافتكم هي آثامكم الخطيرة، ولن تتطهروا منها إلا إذا خسفتموها خسفاً، ومسختموها مسخاً، وعصفتم بها عصفاً، ثم رقصتم على أشلائها رقصاً...، أما إذا خشيتم أن تصاب ثقافتكم بسوء، فالأرض والسماء مغلقة في وجه آثامكم الخطيرة.
وأما الراقصون والراقصات، وأولئك الذين لا يخجلون من سمعتهم...، فالأرض والسماء والبحار متاحة لهم، والقلوب تتسع لفجورهم، أما أنتم أيها التعساء...، فالقلوب والعقول والنفوس تضيق بثقافتكم الآثمة، ولكم في نادي العروبة وما حصل له عبرة يا أولي الألباب.
أما أنا فسأبقى أردد السؤال الذي ظل يردده قابيل... «لماذا قتلت...؟ لماذا قتلت...؟».
إقرأ أيضا لـ "محمد حسن كمال الدين"العدد 3488 - الأحد 25 مارس 2012م الموافق 03 جمادى الأولى 1433هـ
راي الوردي في ....
لو عرضت على الوردي قائمة المثقفين والمفكرين والادباء والاكاديميين والشعراء في بلدي البحرين لالقى بتلك القوائم بسبب انزوائهم عن قضايا الوطن
أو انحيازهم الى الجانب مالك الثروة
الشعراء الشعراء
الشعراء يتبعهم .......
أيهما أقدر على تحريك مشاعر الشاعر منع اقامة ندوة أم اراقة دم برئ ؟
وكلاهما حق لكن الثاني أحق بأن تنتصر له