هل بات التفيؤ بظلال القيم الإنسانية المشتركة والجامعة بين شعوب الأرض كافة قناعة راسخة لدى المثقفين والكتَّاب والعاملين بالحقل الإعلامي في الوطن العربي؟ وما الدور الذي يمكن أن تقوم به المرأة البحرينية بشكل خاص في سبيل تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية والتي اعتمدها المجتمع الدولي في أبعادها الثلاثة: التمكين السياسي، والتمكين الاقتصادي للمرأة وإدماج احتياجات المرأة في العملية التنموية.
في الأسبوع الماضي تزامن إطلاق العدد الأول من المجلة الإلكترونية «ريحانة»مع بزوغ اليوم العالمي للأسرة وعيد الأم في 21 مارس/ آذار 2012، حيث أُقيم حفل تدشين الموقع الإلكتروني للمجلة الشهرية البحرينية المرخصة من قِبل هيئة شئون الإعلام، والتي تحمل ذائقة جديدة لا تقتصر على الفضاء الإلكتروني (المجلة)فحسب، وإنما في إعداد وتنظيم حزمة من الفعاليات الثقافية والاجتماعية التي سيعلن عنها قريباً.
اختطت المجلة لنفسها نهجاً وسطياً متوازناً تجمع بين الفكر والثقافة والأدب من جهة، والعديد من الاهتمامات الخاصة بالمرأة كالأسرة والطفل والصحة وتنمية الذات والديكور والجمال والأزياء وريادة الأعمال من جهة أخرى.
كما حددت رؤيتها في اتجاهين، أحدهما الالتفات للتطور والتقدم الطارئ على الحياة الاجتماعية والاقتصادية للمرأة وما تبعه من تحوُّل في جميع الشئون والقضايا المادية والثقافية، والآخر المحافظة على القيم الإنسانية المشتركة بين جميع الثقافات والأديان والمذاهب.
يشرف على «ريحانة» طاقم نسائي يعتبر نفسه أمام تحد كبير مع وجود هذا الكم الهائل من المواد والخيارات الإعلامية المتنوعة بالنسبة للقارئ والمتلقي، إلا أن تصريح المدير العام للمجلة انتصار رضي ببث «ريحانة» على دول الجوار في شهورها الأولى والدول العربية ومنها إلى العالم وبأكثر من لغة يجعل هذا المشروع على المحك في المستقبل المنظور، وذلك في قدرته على التنافسية والاستمرارية والتوسع والانتشار خليجياً وعربياً ودولياً.
ربما لم تشأ «ريحانة» أن تعمل برؤية معزولة عن غيرها من المجلات ولا أن تقوم بدور نشاز كما فهمنا من خلال تصريحات القائمين عليها، فتسمية المجلة ـ كما يبدو للوهلة الأولى بالنسبة للقارئ ـ مستوحاة من الحديث القائل «المرأة ريحانة وليسب بقهرمانة»، وحتى تصميم الشعار كلاسيكي نوعاً ما، على رغم أنه مكتوب باللغتين العربية والإنجليزية وفيه إشارة واضحة إلى الموقع الإلكتروني الخاص بالمجلة.
في خضم الأحداث والتحولات التي يموج بها محيطنا العربي في هذه المرحلة المهمة أدرك البعض وتصالح مع الفكرة القائلة إن الاشتغال بمهنية عالية في الحقلين الثقافي والاجتماعي يمكن أن يكون طريقاً سالكاً للحد من الخلافات والنزاعات البشرية والتخفيف من حالات الحروب والصراعات هنا وهناك، وأن العمل السياسي لم يكن يوماً ما محركاً فاعلاً في ردم الهوة بين شعوب العالم قاطبة.
ثمة أسئلة كثيراً ما تُطرح: ما القيم الإنسانية التي يمكن أن تمثّل إطاراً عاماً ومرجعية مشتركة للشعوب في عالمنا اليوم؟ وما علاقة هذه القيم بقيم السماء؟ وكيف نفسّر ما قد يعتبره البعض قيماً أخلاقية لا تُمس، أو قيماً تبدو متعارضة في مضامينها ودلالتها، أو أن قيمَنا مطلقة وثابتة وهي جزء لا يتجرأ من ماضينا وتراثنا الأصيل.
لسنا في مقام الدعوة إلى تبني منظومة قيمية إنسانية مشتركة جديدة، بقدر ما نريد أن نعيد النظر في فهمنا وقراءتنا للقيم من منظور الفصل بين «العادة والعبادة»؛ لأن الجنوح نحو الأممية والحداثة يستلزم فكراً نقدياً قد لا ينسجم مع الثقافة المجتمعية السائدة، فعلى سبيل المثال عندما نقرأ سيرة الكاتبة عائشة عبدالرحمن الملقبة بـ «بنت الشاطئ» وهي أول امرأة حاضرت في جامع الأزهر الشريف، وكانت تكتب مقالاتها التي تنشرها في صحيفة «الأهرام» المصرية باسم مستعار «بنت الشاطئ» كإشارة إلى شواطئ دمياط حيث مسقط رأسها، فقد كانت حريصة على عدم إثارة حفيظة والدها الذي كان عالم دين معروفاً ومحافظاً، إلا أن عشقها للكتابة جعلها تواجه ـ وبكل إصرار ـ ذاك «التابو» المجتمعي الذي كان يوماً ما جزءاً لا يتجزأ من منظومة القيم الأخلاقية في مجتمعها.
التأثير الإعلامي على القيم الإنسانية للمجتمع المستهدف (المرأة) يحتاج إلى فهم صحيح للقيم وللرسالة الإعلامية، فلقد كان مرتضى مطهري (وهو مفكر إسلامي) ينشر بعض مقالاته الخاصة بالأسرة وحقوق المرأة في الإسلام في مجلة «زَنَ رُوزْ» أي «المرأة العصرية» وهو يدرك تماماً عدم التزامها ـ من وجهة نظره ـ بالقواعد الأخلاقية في ذاك الوقت، إلا أنه كان يتعامل مع منظومة القيم بمسئولية، حتى وُجِّه له ناقد لاذع من قِبل البعض عندما قالوا له: كيف يليق بكَ كعالِم أن توضع صورتك بالعمامة في هذه المجلة، ذلك أمر لا يليق بك؟!
يمكن قراءة الحضور الشخصي لمدير مركز الأمم المتحدة للإعلام لبلدان الخليج نجيب فريجي حفل تدشين الموقع الإلكتروني لـمجلة «ريحانة» في سياق وجود رغبة مشتركة بين الطرفين لتنمية الوعي بثقافة القيم الأممية المشتركة، والوقوف على مستوى وعي وانفتاح المرأة البحرينية وإمكانية تطوير قدراتها وطاقاتها الكامنة وتمكينها على الصعيد الإعلامي.
إجمالاً، فإن إنجازات المرأة البحرينية تستحق منا كل الدعم، وكم كنا سعداء عندما تم تعيين خولة محمد مطر في العام 2009 رئيساً للمركز الإعلامي التابع للأمم المتحدة بالقاهرة وهو منصب نفتخر به نحن كبحرينيين ونتطلع من المرأة البحرينية أن تكون دائماً على خارطة التميُّز عالمياً، وفي رفع اسم البحرين عالياً بالمحافل الدولية.
إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"العدد 3487 - السبت 24 مارس 2012م الموافق 02 جمادى الأولى 1433هـ
اسءلة و اجابات ممكننننننننننننننننننننننننننننننننن
اسءلة و اجابات ممكن
ريحانه
ما تراه انت مشتركاً وعادياً ' يراه غيرك مختلفاً وغير مألوف