لكل منّا أناه التي شكّلها له عبر سلسلة من التجارب وشكّلها عنه الآخرون عبر تعاملهم معه.
لكي تكون «أناك» التي تريد لابد وأن تتخلص من كل تلك الصور الذهنية التي رسمتها لنفسك ومازلت تواصل في إيصالها للآخرين.
لابد أن تتخلص من كل صورة تحمل معانيَ سلبيةً عن نفسك، كأنا عصبي، وأنا مزاجي، وأنا فاشل، وأنا محطم، وأنا لا أؤمن بالحب، إن كنت تريد البقاء على قيد الحياة الآمنة وعلى قيد الأمل، ولابد أن تستبدلها بأنا إيجابي وناجح وطموح. يقول دبليو داير: «إن كل الـ (أنا كذا) التي تعبر عن إحباط الذات هي نتيجة لاستخدام هذه الجمل الأربع التي تنطوي على الاضطراب العصبي: «هذا ما أنا عليه. لقد دأبت على هذه الطريقة. لا يمكنني أن أمنع نفسي، هذه طبيعتي». وهذه الجمل الأربع كلها حزمة واحدة، وهي بمثابة الأغلال التي تمنعك من التحسن والتغيير وتجديد حياتك وجعلها أكثر إثارة إيجابية لك، وكذلك تحد من استمتاعك بكل لحظة من لحظات حاضرك».
ولكي تبدأ برسم الصورة النمطية الجديدة لنفسك يجب أن تغير صورتك الذهنية عنها، وذلك من خلال مواجهة مخاوفك التي دائماً ما تكون عائقاً أمام النجاح، وعائقاً أمام الرغبة في تحدي المصاعب ومواجهة الماضي بعين الحاضر الأكثر بريقاً.
لكي تنجح لابد أن تقرأ قصص النجاحات التي سطّرها غيرك ممن عانوا حياةً أسوأ من حياتك، وتحاول أن تكون قصتك أروع منها وأكثر تأثيراً على غيرك ليبدأ بتغيير حياته.
في واقعنا البحريني هناك الكثير من المصاعب التي عاشها أبناء الشعب، بدءاً من الفصل وصولاً إلى الاعتقال والتعذيب والتهجير لتصل إلى الإصابة بإعاقات جسدية دائمة، ولكل من هذه الحكايا حكايات تناغيها من خلال أشخاص مارسوا حياتهم الجديدة لتكون دافعاً للنجاح.
لاري ويلز صاحب برنامج «إكسبجيشن أوتريتش»، الذي قضى 15 عاماً في السجن، خرج منها بعد قراءة كتاب جيمس إيلين «كما يفكر الرجل»، الذي أقنعه بأن الإنسان هو ما يعتقده عن نفسه، فتخلّص من فكره الفاسد وبدأ يمارس التفكير الإيجابي إلى أن أصبح مديراً لبرنامج يهدف إلى ترسيخ الصورة الإيجابية عن الذات في عقول الشباب.
آرت لنكليتر مذيعٌ شابٌ فُصِل فجأة، لكنه ذهب لزوجته مباشرةً بعد خروجه من مكان عمله ليخبرها متحمساً أن الفرصة واتته كي يبدأ العمل لحسابه الخاص. لم يستكن أو ييأس بل نظر للفصل من الجانب الآخر الإيجابي. وبالفعل عمل لحسابه الخاص وقدّم برنامجاً إلى أن أصبح الشخصية الإذاعية الأولى لسنوات عديدة في فترة الخمسينات والستينات، وألّف كتاباً جديداً بعنوان «نعم تستطيع»، ذكر فيه أكبر الإحباطات التي واجهته في حياته إلى أن حقق النجاح.
أما شين فيرمورت، فهو شاب تعرض لحادث سيارة قبل عشرة أيام من تخرجه من الثانوية، فأصيب بشلل رباعي، وهو الذي كان يتمنى أن يصبح طبيباً، فقضى عاماً في جلسات إعادة التأهيل والتحق بالجامعة ليحصل على شهادة البكالوريوس في التأهيل الفسيولوجي، وكان هدفه الالتحاق بكلية الطب، غير أنه رُفِض مراراً وتكراراً في كليات الطب في كل أنحاء أميركا، إلى أن حصل على القبول في كلية «ميديكال كولدج» في جورجيا، ونظراً إلى تفوقه حصل على جائزة «كلينكال نيوروساينس أوورد»، وانتخب رئيساً لجميعة «ميديكال أونر»
وأصبح أول طبيب يتخرج من جامعته وهو على كرسي المقعدين. كان يقول دائماً:
«الناس يميلون إلى التفكير فيما لا يملكونه، ولو أنهم نظروا إلى المرآة وركّزوا على الأشياء الإيجابية لتغيّر حالهم إلى الأفضل بكثير». نماذج كثيرة ناجحة في هذا المجال تزخر بها الحياة، وفي عالمنا العربي نماذج أخرى كثيرة، سأسوقها يوماً في مقالات قادمة، ولكني على ثقة بأنني سأكتب يوماً مقالاً يحتوي على نماذج بحرينية أثبتت نجاحاتها المتميزة واستطاعت أن تنتشل نفسها من تأثيرات الأزمة السياسية والحقوقية التي عشناها طوال عقود من الزمن، لتحقّق إنجازات ستتحدث عنها الأجيال القادمة، وخصوصاً في الفترة الأخيرة التي أفرزت الكثير من الإحباطات والآلام والتي سنتجاوزها جميعاً إلى النجاح بفضل الإصرار والأمل.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 3486 - الجمعة 23 مارس 2012م الموافق 30 ربيع الثاني 1433هـ
سوسنة الأمل
شكراً لكم استاذة. سوسن مقال رائع جدا يبعث الامل في النفوس