عام كامل ولم ينجح النظام السوري في القضاء على فكرة حان وقتها وثورة تزداد انتشاراً. لقد اقتنع النظام منذ البداية أنه قادر على إنهاء الاحتجاج الذي تحول إلى ثورة. حاول بقوة في أكثر من منعطف أن يحسم. فتك بحمص مرات عدة وفتك بمدن أخرى على مدى عام لكن الثورة عادت بقوة أكبر. هكذا تستمر الأوضاع من جولة إلى أخرى، فعندما يقمع النظام الشعب في حمص تبدأ الثورة في دير الزور وإدلب، وعندما تتوقف في درعا نجدها تخرج في الريف الدمشقي أو تنتشر في مدن جديدة. إن العنصر الأهم في الثورة السورية هو استمرارها بقوة بعد القمع المرعب الذي وقع في حمص وفي بابا عمرو بالتحديد منذ اكثر من أسبوع. ففي الجمعة الماضية جددت الثورة نفسها وهذه الجمعة ستعيد إنتاج قوتها بعد معارك إدلب في بقية سورية. ويتضح أن القوة الكثيفة لا تنهي ثورة يقوم بها شعب تجمع غالبيته على أهداف التغيير. في ظروف كهذه إن قوة الجيش السوري معرضة للإنهاك ولمزيد من الانشقاقات.
لقد أدخل النظام السوري القوى الدولية في حرب باردة موقتة حول وضعه. فروسيا تكتشف أن الربيع العربي شكل خسارة لها ما جعلها تصمم على إيقاف الخسائر في سورية، أما الصين الخاسر الآخر من الربيع العربي فخائفة من تغيرات قد تصل لشعوبها وللأقليات في أراضيها.ولقد شكل الجهد العربي الأخير للتعامل مع وزير الخارجية الروسي والذي نتجت منه النقاط الخمس التي تدعو إلى وقف العنف في سورية وآلية رقابة وإطلاق حوار سياسي محاولة في اتجاه حل لا تشجع عليه الوقائع على الأرض. وبينما ترفع هذه المساومات والاتفاقات الثمن الذي يدفعه الشعب السوري، ستكون الأحداث على أرض الواقع متسارعة، فالنظام السوري أوصل شعبه إلى مرحلة اللاعودة.
الشعب السوري ماض في طريق تغيير النظام، كما يتضح من سياق الأحداث أنه في لحظة محددة ستتعمق الانهيارات في النظام كما تتعمق في الجيش. وما الاتفاق بين «المجلس الوطني» و»الجيش الحر» إلا بداية جديدة لإحداث مزيد من التغيير في ميزان القوى على الأرض في الصراع بين الشعب السوري والنظام الرافض للرحيل. إن عدم مواكبة الوضع الدولي للثورة لن يوقفها، بل نرجح أن الوضع الدولي سيجد نفسه مضطراً لمواكبة قوتها وانتشارها واشتعالها.
إن «الجيش الحر» الذي ينشأ على خلفية الدفاع عن المتظاهرين السلميين قوة صاعدة مؤهلة للعب دور كبير في الثورة السورية. فالاستمرار في القمع والحل الأمني يرهقان النظام السياسي وأجهزته ويعمقان من حالة الانشقاق في الجيش. وهذا بطبيعة الحال سيصب في استمرار تطور «الجيش الحر» وتعميق تجربته. إن اتفاق هذا الجيش مع «المجلس الوطني» مرشح لانتزاع فائدة الدعم والمساعدات العربية والدولية ما سيجعل منه مؤهلاً للقتال باسم الثورة.
ولو عدنا قليلاً إلى الوراء لوجدنا أن «الجيش السوري الحر» لم يكن موجوداً، لكنه نتج من آلة القمع التي قام بها النظام ضد المتظاهرين السلميين. «الجيش الحر» ليس ظاهرة يمكن القضاء عليها، فبإمكانه أن يكون متحركاً وتعداده تجاوز عشرات الألوف. لقد فشل الخيار الأمني للنظام السوري في إيقاف الثورة وفي الوقت نفسه ساهم في نشر الثورة وعمّق من وسائلها وقدراتها وأنتج «الجيش الحر».
ويعاني النظام القمعي من تناقضات إضافية. فعلى سبيل المثال إن «الشبيحة» الذين أتى بهم النظام لقمع الثورة يزدادون تمرداً على النظام وأصبحوا أكثر اهتماماً بالاستفادة الشخصية قبل وقوع انهيارات أو مساومات أو الاثنين معاً. النظام ساهم في الفوضى وفي تقويض وضعه من خلال إدخال قوى مناصرة له من الميليشيا الأمنية. هذه القوى الأمنية تحاول تحقيق مكاسب من شاكلة السرقة والنهب والمغالاة في مواجهة الناس.
أما الاقتصاد السوري، فهو بحد ذاته مقتل آخر للنظام السوري ويلعب دوره في إضعافه وتفككه. فقد توقفت الصناعة والزراعة وأحرقت المحاصيل وساهم قتل ألوف الناس بتوقف العمل في كل مرفق. لو وقع ربع ما وقع في سورية في بلد آخر بخاصة مع وجود عقوبات دولية لاستقال الرئيس وسقط النظام في أيام. في هذه الحالة يستمر النظام في رفض الاعتراف بالواقع، فهو لو انتصر على كل مدينة وقرية ثائرة ووضع في كل مكان دبابة لن يُخرج نفسه من الكارثة الإنسانية والاقتصادية التي سببها لنفسه ولن يستطيع مواجهة شعبه أو ممارسة الحكم في اليوم التالي. سيبقى هذا النظام ملاحقاً حتى زواله. هذه إشكاليته الكبرى الآن.
الوضع الدولي يتجه للضغط على النظام السوري، كما أن قدرة روسيا على حماية النظام من نفسه هي الأخرى بدأت تسقط أمام صمود الشعب السوري واستمرار الانتفاضة. لهذا نقترب الآن من موقف أشد صعوبة تتخلله قرارات دولية وعقوبات أقوى وقرارات قد تؤدي إلى محاكمات دولية على جرائم حرب. هذا سيعيد الجميع إلى المربع الأول وإلى فكرة الممرات الآمنة، والدعم العربي والإنساني ومناطق الحماية للشعب السوري عند حدود سورية مع تركيا. لهذا فإن استمرار القمع سيفتح الباب لمزيد من الضغط الدولي ما سيضعف الموقف الروسي.
التحول إلى السياسة يتطلب توقف القصف والمدافع والعنف والاعتقال وإخراج المساجين والسماح بالتظاهر السلمي. هذا هو الحل الوحيد مرحلياً الذي يستطيع أن يهدئ من روع الشعب السوري. لكن السؤال: هل يعرف النظام السوري معنى السماح بالتظاهر السلمي بعد كل ما وقع في الشهور الماضية من منع لأدنى تعبير معارض؟ وهل يقبل الشعب السوري الآن بعد كل ما وقع بأقل من تغيير النظام ورحيل الأسد؟ ما نراه الآن جولة ستأتي بعدها جولات أخرى. الواقع يقول إن النظام السوري فقد كل شرعية، فمع كل قتل وموت وتدمير وقصف لمدن سورية يقترب النظام من لحظة سقوطه الأخير. الواضح وضوح الشمس أن الشعب السوري لن يعود إلى المنازل ولن يقبل بإيقاف ثورته المستمرة منذ أكثر من عام.
إقرأ أيضا لـ "شفيق الغبرا"العدد 3485 - الخميس 22 مارس 2012م الموافق 29 ربيع الثاني 1433هـ
الامة في حاجة لامثالكم
الأمة بخير مادام فيها رجال مثلكم لاخوف ولاطمع يمنعهم من قول الحق
اسألهم يا دكتور
الشعوب وحقوقها واحدة وحرمة الدم واحدة مهما اختلف الزمان والمكان
فلماذا يستنصر المطالب بحقوقه هنا ولا يستنصر في مكان اخر (البحرين مثلا )
الستم عربا الستم بمسلمين الستم جامعكم البعد الانساني اذن لماذا تستنصروا هنا وتصدون هناك
انها الاهواء انها الاوامر المملاة من الأم الكبرى
احترموا ارادتكم وحرروا قراركم فما هو قادم سيطالكم والمسألة مسألة وقت فاصلحوا مابينكم وبين شعوبكم فهي قوتكم وضعفكم
لو ترك الامر بين المعارضة والنظام
تدخل أطراف خارجية غير مؤهلة ولا تحمل شهادة حسن سير وسلوك وبراءة من شعوبها اساء للمعارضة أيما اساءة وكم تميت وتمنى معي الاخرون لم لم تتبنى تلك الانظمة هذا التدخل وتدعمه بكل طاقاتها
رفقا بسوريا وشعبها ودماء ابنائها يامحبي سوريا وأهلها فلا تصدعوا جدارا للمقاومة ولا تبخسوا الشعب حقه
الثورة في سوريا كانت ستنجح 100% لولا تدخل الايدي الخارجية
نعم من يريد الحقيقة هذه هي الحقيقة تدخل الايدي الخارجية جعلت من الكثير من معارضي النظام الكف
عن الخروج عليه لعلمهم بهدف هذه الايدي التي لا تريد خير السوريين وإنما لها اجندات اخرى معروفة.
ولو تركت المعارضة السورية المخلصة لوحدها لربما
زاد رصيدها في الشارع وبذلك سوف يضطر النظام للخضوع لها ولكن للاسف هناك ايد تحاول العبث وقد لاحظنا المعارضة الشريفة امثال هيثم مناع مانعت الدخول مع ما تسمى المعارضة السورية رغم انه من اقدم معارضي النظام
استاذ الشفيق وهل النظام السوري على راسه ريشه
استاذي منذ ان كتب التاريخ للان هل سمعت او قرائت بأن الشعب ثار على حاكم وبقى الحاكم وراح الشعب ماصارت استاذي ربما تختلف الثورات هنا وهناك يطول امدها في دوله ويقصر في اخرى ولاكن النهايه واحده نفس الشعوب طويل الظلم والاستبداد يبدء رفضه من قبل الشعوب باعداد قليله بدايتا وتاخذ طريقها في التوسع و الانتشار الى ان تنخر بدن السلطه وتهترى صبر المعارضين الليبيين فاق 40 عام وكان الامل يراودهم في كل ثانيه من الاربعين عام الثوره السوريه اسائت لها الدول العضمى لتقاطع مصالحها في سوريا وهذا ما اجل المخاض.ديهي حر