بشكل ملحوظ، وملفت، استطاعت المرأة وباقتدار أن تكتسح مجالات عدة وتنخرط في مشروعات متنوعة ما كان لها يوماً أن تتصور نفسها في ذلك الموقع الاجتماعي والسياسي والتربوي والثقافي، بفعل النظرة السلبية المتعمقة في أصول بعض الأفكار التي دائماً ما تحول دون أن تجعلها متبوئة لهذا المكان أو ذاك المنصب.
نبذة تاريخية
وبمناسبة يوم المرأة، وهي ليست نقيصة لمقامها، أن نذكرها إلا في يومها، ففي كل يوم هو ميلاد امرأة، ليس لنا استغناء عن فضائلها. بهذه المناسبة نورد أنه في العام 1857 احتجت آلاف النساء في شوارع نيويورك على الظروف اللاإنسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها، وعلى رغم أن الشرطة تدخلت بطريقة وحشية لتفريق المتظاهرات إلا أن المسيرة نجحت في دفع المسئولين السياسيين إلى طرح مشكلة المرأة العاملة على جداول الأعمال اليومية، كما أنه تم تشكيل أول نقابة نسائية لعاملات النسيج في أميركا بعد سنتين على تلك المسيرة الاحتجاجية. وبعد أكثر من احتجاج، وافقت منظمة الأمم المتحدة سنة 1977 على تبني هذه المناسبة في يوم الثامن من مارس/ آذار، وتحول بالتالي ذلك اليوم إلى رمز لنضال المرأة تخرج فيه النساء عبر العالم في مظاهرات للمطالبة بحقوقهن وتذكير الضمير العالمي بالحيف الذي مازالت تعاني منه ملايين النساء عبر العالم. كما أن الأمم المتحدة أصدرت قراراً دولياً في سنة 1993 ينص على اعتبار حقوق المرأة جزءاً لا يتجزأ من منظومة حقوق الإنسان وهو ما اعتبرته الكثير من المدافعات عن حقوق النساء حول العالم تنقيصاً من قيمة المرأة عبر تصنيفها خارج إطار الإنسانية.
المرأة والمجتمع البحريني
واقعاً، وخصوصاً في المجتمع البحريني، تبدلت النظرة عن سابقتها بشكل شبه كلي، النظرة الداعية إلى محو قيمة المرأة إلا من أمورها المعتادة والتقليدية التي لا تعدو كونها ربة منزل ومربية للأطفال. لسنا نقلل هنا، من شأن الثقافة البحرينية والمرأة البحرينية في الوقت الراهن، بقدر ما هي إضاءة كان لابد لنا تجاوزها والقفز إلى ما هو أكثر إيجابية.
وعلى قدر هذا التجاوز، فالفخر يبقى ويُبقي للمرأة وهجها اللامع في ميادين الوظائف والعمل، فهي المعلمة والطبيبة والمهندسة والمحامية والقاضية وقس على ذلك سائر ما يخطر على البال من مهن. إن هذا التجاوز جاء بفعل تراكم زمني ثقافي أجبر المجتمع على تبني بعض أفكاره وتقبل مستجداته على صعيد لم يكن في مقدمة الأولويات. إلا أن تعاقب الأحداث بمختلف تعدديتها الدينية والسياسية جعل من المرأة أنموذجاً أكثر من كونه نصف مجتمع، أكثر من كون التسليم إلى جعله محور أساس في تسيير دفة البحرين الثقافية.
حركات التحرر والتجديد
هذا القول، يحيلنا إلى مقولة الإمام علي (ع): «علموا أولادكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم»، وفي موضع آخر: «علموا أولادكم غير ما علمتم، فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم»، ذلك مصداق واضح إلى أن الزمان الذي نعيش، يختلف تماماً أو نسبياً عن العهد الذي عاش فيه الآباء، والتحول التدريجي قائم لا محالة، إن الآن أو غداً، ما يمهد إلى تقبل فكرة التغيير شريطة الاقتناع وشريطة المنطقية في التعاطي مع هذا التغيير.
ولعل أبرز ما تدعو له الحركات والايديولوجيات التحررية الليبرالية منها والعلمانية هو التركيز على المرأة كونها مفتاحاً لكثير من بعض التابوهات والأفكار المسلّمة على أنها محرمة حتى في بدء التفكير فيها، كل ذلك خشية من النزوح نحو، والخروج على بعض المسلمات الدينية الإسلامية، بينما الواقع فإن المتدارس يرى لهذه النظريات التي يبدو عليها الجدة في ظاهر أمرها، أنها لا تتعارض البتة مع المفاهيم الإسلامية الرصينة، ولنا في العلمانية الإسلامية والليبرالية المحافظة خير دليل، على رغم عدم إدعائي إلى الدعوة لهما على أي حال.
المرأة وتأثيرها على القوانين
لقد أثيرت الكثير من المواضيع الحيوية في الفترة الأخيرة، كلها تدلل على أهمية المرأة من قبيل قانون الأحوال الشخصية وقانون الجنسية الذي يسمح بتبعية الأولاد إلى جنسية أمهم، وفي المجالس المنتخبة ما يعرف بنظام الكوتا الذي تخصص بموجبه نسبة من المقاعد للنساء في مجالس البرلمان والبلديات، الأمر الذي يثير حفيظة الكثيرين في عدم تقبل مثل هذا النظام اعتباراً لكون المرأة فرداً من المجتمع له حضوره ولا يمكن التعويل على نظام مساعد لتثبث فيه جدارتها، فهي تستطيع أن تثبت نفسها وحضورها من دونه. المحصلة، لا شيء يعوق المرأة لتبدع، لتتقدم، طالما وجدت نفسها في البيئة المثالية التي يجب أن تكون، بيئة تؤمن بأنها ليست أقل شأناً من الرجل الذي لا يختلف عنها سوى في أمور قد حددها الشرع. أما في غير الأحوال المتفق عليها من باب القوامة والمساواة مثلاً فيجب أن نقنن هذه المفاهيم قبل أن نجد أنفسنا قد لا مسنا خطوط الغلو والتطرف يا معشر الرجال. مع اعتبار أن القرآن الكريم قد ميز الرجل بالقوامة والشهادة والميراث.
المرأة... مؤثر مجتمعي وسياسي
وفي ذلك، يتطرق المفكر الإيراني الراحل الشهيد مرتضى مطهري في كتابه المشهور «نظام حقوق المرأة في الإسلام»، بخصوص ما يتعلق بمسألة المكانة الإنسانية للمرأة في نظر القرآن إلى أن «المرأة من المنظور الإسلامي هي شريك للرجل في الإنسانية وأن جوهر النظرة الإسلامية هو الأخذ بمبدأ المساواة بين المرأة والرجل ورفض كل ما يخالف ذلك». ولعل ما لا يدعو للغفلة، دور المرأة السياسي والمدبر في استطلاع السرد التاريخي التي أثبتت من خلاله عمق ثقافتها ورجاحتها وحكمتها في اتخاذ المواقف والقرارات، نذكر منهن ليس على سبيل الحصر، بلقيس ملكة سبأ التي ورد ذكرها في القرآن في قصة الهدهد والنبي سليمان، فكانت مشهورة كملكة محبة لشعبها. ووصولاً إلى عالم اليوم، فالمرأة هي دعامة الرجل بلا منازع، وخصوصاً مع ظاهرة وواقع الربيع العربي السياسي، فهي القادرة على التأثير، وهي التي استطاعت أن تجعل من ثوراتها رمزاً لا يستهان به، وهي ورقة يعول عليها في مثال الصبر والصمود، وهي المدبر المؤثر على صعيد الأسرة والمجتمع بحكم الفطرة التي وهبها الله عز وجل. وهي، أكبر وأكثر من كل شيء.
صادق أحمد
قل لبوها شكثر احبها وبجيها
جرحتني يوم قالت عافك الخاطر
هذي هالكلمة مصيبة وبعديها
اشهد ان قلبي شاب نار وهي فاتر
صحيح كنت اجرح لكن اداويها
ولما تعصب اقول يا ساتر
الكل يقول لي وش تبي فيها
جرب حبها وانساه وبتكون شاطر
جليلة الموسوي
لا شك أن للعلماء دوراً في حياة الأمم ونهضة الشعوب، حتى كان صلاحهم رفعة الأمم، وفسادهم انكسار الأمم وتشرذمها، لأنهم حملة القبس الالهي، نور العقل والحياة (العلم)، وبموتهم تطوى صفحة من العطاء والمعرفة. من هنا، فان الحديث عنهم هو محاولة استرفاد للمعرفة والعطاء، واستبصار لأفكارهم وآرائهم.
لذا نقف في هذه الإطلالة على حياة أحدهم، لنقدم نبذة، ونحكي سيرة عالم وعائلة.
حياته من المولد للمهجر:
ولد الشيخ حسن بالبحرين العام 1940، بمدينة سترة (الخارجية)، وله أسرة مكونة من زوجة وثلاثة أولاد وست بنات، وتلقى تعليمه الأولي بمدارسها الرسمية حتى حصل على الثانوية العامة التجارية بالمنامة. عمل بعد تخرجه في وزارة الداخلية بإدارة الهجرة والجوازات، بالميناء البحري (الفرضة) العام 1958.
دفعه شوقه للمعرفة والتعلم إلى الهجرة الى النجف الأشرف لإكمال دراسته، ومواصلة تعليمه على نفقته الخاصة، فالتحق بكلية الفقة بجامعة النجف الأشرف، وبعد موافقة وزارة الأوقاف الجعفرية العامة على مساعدته، التحق بالحوزة العلمية بالنجف الأشرف، ودرس على يد علمائها الكبار. كما درس الأدب والشعر والعروض، ودرس كتاب الفقه (اللمعة).
ويعد الشيخ من الرعيل الأول الذي درس بكلية الفقه، فكانت له صداقة وزمالة مع كبار الخطباء مثل أحمد الوائلي وباقر المقدسي وغيرهما.
نال درجة البكالوريوس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية من كلية الفقه بجامعة النجف الأشرف العام 1967. وبعد تخرجه بسنة واحدة، آثر الشيخ العودة إلى أرض الوطن. فالتحق بالهيئة التعليمية وعمل مدرساً لمادتي اللغة العربية والإسلامية، ثم عين مدرس أول ثم موجهاً.
وفي العام 1978 ابتعث الى القاهرة من قبل وزارة التربية والتعليم، فدخل جامعة عين شمس حيث حصل على شهادة الدبلوم الخاص. وعين بعد ذلك قاضيا شرعيا في المحكمة الجعفرية ولمدة عشر سنوات. درس التقارب القانوني في المجالين الاسلامي والغربي العام 1981 بجامعة اكسفورد في بريطانيا، وشارك في العديد من المؤتمرات والندوات العلمية.
وفي العام 1989 عين مديراً لإدارة الأوقاف الجعفرية في وزارة العدل والشئون الإسلامية، حتى أصبح مستشاراً في وزارة العدل والشئون الإسلامية في الفترة من 1996 الى 2002 حيث تقاعد عن العمل.
ينحدر الشيخ حسن نتيف من أسرة كريمة عرفت بشعرها في أهل البيت واشتهرت به حتى كأنها امتداد لشعراء أهل البيت، مثل الكميت ودعبل والحلي.
فقد أنجبت أسرته الكريمة على امتداد نصف قرن ثلاثة من شعراء الطف. فأبوه الشاعر الكبير والخطيب المفوه ملا محمد علي آل نتيف صاحب ديوان عبرة المؤمنين، وعمه الخطيب والشاعر الملا مهدي علي آل نتيف صاحب ديوان جواهر الأفكار والخطيب والشاعر الكبير الملا عبدالله علي آل نتيف، فلا ريب إن أصبح الشيخ صاحب ذوق وحس أدبي على رغم انه لا يصنف نفسه من الشعراء كما يقول الشيخ عن نفسه، الأمر الذي لم يمنعه من نظم بعض الشعر هنا وهناك.
منبريته
باشر الشيخ الخطابة الحسينية بعد رجوعه الى أرض الوطن اذ تتلمذ منبريا على يدي سماحة العلامة الخطيب الشيخ عبدالله بومره أثناء دراسته بالنجف الأشرف، فكان يصحبه خلال عاشوراء عندما يتوجه الى البصرة أكثر من سنتين في منطقة الزبير وهي منطقة عامرة بأتباع أهل البيت (ع).
وحرص الشيخ بعد تركه الخطابة على استضافة كبار الخطباء ممن يفدون إلى البحرين خلال شهري محرم وصفر، لمناقشة المواضيع الاجتماعية الملحة التي تتطلب توجيه الناس وإرشادهم اليها.
ابتسام آل نتيف
ايسلندا جزيرة اوروبية في المحيط الاطلسي، عاصمتها ريكيافيك (بالآيسلندية Reykjav?k) وتعني باللغة العربية (خليج الأدخنة) لكثرة الدخان المتصاعد من البراكين، في المقابل نجد انهاراً جليدية ضخمة بالقرب من البراكين، لهذا سميت ايسلندا بجزيرة الصقيع والنار، ويعتمد السكان المحليون على صيد السمك والزراعة لكونها جزيرة تحيط بها المياه من كل جانب، تعرضت للاستيطان من عدة اطراف ابتداء من سنة 870م وحتى استقلالها في العام 1944م.
في زمن قديم، قديم بحيث انطوت صفحات تاريخه بفعل الزمن من أوراق الذاكرة المتساقطة من التاريخ كتساقطها في فصل الخريف، في هذه الجزيرة الصغيرة نسبيا كان الحاكم فيها يتولى زمام الحكم بكل غطرسة وغرور فقد كان ابيض البشرة، ذا شارب رفيع ، مليء بتجاعيد الزمن التي لم يحس لوهلة انها تأكل من عمره كما تلتهم النار الخشب، دائم النظر الى المرآة ليتأكد من حلته وشكله ووجهه غير مكترث بشعبه، رغم ما يشيعه وسط الشعب من تمجيد وتحشيد وولاء ودفع الاموال لتلميع صورته التي كانت مهزوزة لدى شعبه بسبب تصرفاته القاسية .
وكان شعبه رغم فقره الا انه بغاية الطيب ورحابة الصدر ولا ننسى انهم كانوا من اكثر الشعوب ثقافة وحنكة ولو سُمح لهم بالابداع لشقوا طريقهم وسط النيران لنيل هذا الهدف وهو الوصول الى القمة، رغم صعوبة وصولهم اليه بسبب فقرهم وخوفهم من جبروت هذا الحاكم، هذه الثقافة والذكاء اخافت الحاكم لانه كان متوقع انه في اي وقت ستشتعل شرارة تحرقه هو وحاشيته فأعد العدة لمواجه هذا الشعب البسيط المسالم الذي لو أخذه بالاحضان ووثق به لوصلت ايسلندا الى قمة التطور، لذلك نرى جنوده من قطاع الطرق ليسوا من سكان ايسلندا الاصليين وغير مسموح لاي شخص من السكان المحليين بالانضمام لجيشه الشرس ليست شراسته بسبب قوته ولكن لسلمية شعبه ومحبتهم للسلم والسلام ونراه ينهب هو وحاشيته دون مراعاة لأحد فبدلاً من معاقبتهم يتم تكريمهم واعطاؤهم اعلى المناصب فكان يسلط افراد عائلته عليهم في كل المناصب ليسيطروا على جميع ينابيع الثروة ولكي يحكم سيطرته عليهم مثل القطيع فكل الثروات بيد عائلته وكل الارض مملوكة بالكامل له ولعائلته بينما السكان ينتظرون ارضاً او بيتاً لعدة سنوات لكي يحصلوا عليها، اراد طمس الهوية الايسلندية باستقطابه شعباً بديلاً بحيث يحتل كل الاعمال برواتب مجزية برتبة عالية تجعله يتحكم بالمواطن المحلي في المقابل اصبح المواطن الايسلندي لا يجد لقمة العيش ولا يجد وظيفة رغم ثقافته وتعليمه العالي ورغم ان المستوطنين الجدد من مختلف المناطق لا يعرفون حتى القراءة والكتابة وبعضهم لا يجيد اللغة الايسلندية فكل النقود تحول للخارج بواسطه هؤلاء لاوطانهم الام، واغلق كل منافذ السلطة وحاول ان ينشر لغة الخوف على شعبه ليبقي قيداً يقيدهم طول الزمن ليجدوا جيلا بعد جيل اشخاصا هزيلي الارادة فاقدي الامل بحيث يقضي عليهم ويقيدهم في اغلال العبودية له.
يون سيغوردسون، اسم يذكره كل ايسلندي، فقد اشعل الشرارة الاولى للتغلب على هذا الحاكم الذي وصل لحد اليقين بانه احكم سيطرته على قوت الفقراء وعلى شعب اعتبره جاهلاً رغم ثقافته العالية غير متيقن ان الضغط يولد الانفجار لم يحتج الشعب الايسلندي الا الى شرارة لينفجر في وجه الحاكم فكانت ثورة الصقيع والنار كما اسميتها بداية لاستقلال هذا البلد بقيادة يون سيغوردسون العام 1944م.
ستذيب نار الفقراء صقيعاً كان متراكما على عيون الحكام الظالمين لينكشف لهم بعد فوات الاوان انهم لم يكونوا افضل من ما كان... وفي كل زمن سنشهد ثورة نسميها ثورة الصقيع والنار... والانتصار في النهاية للمظلوم!
محمد جاسم الديري
العدد 3485 - الخميس 22 مارس 2012م الموافق 29 ربيع الثاني 1433هـ