العدد 3481 - الأحد 18 مارس 2012م الموافق 25 ربيع الثاني 1433هـ

سياسة تسييل الدموع

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من المؤلم أن يتصل بك طفلك ذو الخامسة قبل عودتك إلى المنزل، لتشتري زجاجة خلّ بدل أن يطلب علبة شوكولاتة، ليرشّها في المنزل لتخفيف رائحة الغازات الخانقة المسيلة للدموع.

رشّ الخلّ في المنزل أصبح من الإجراءات اليومية في المنزل مساءً، وأحياناً عصراً، بالإضافة إلى وضع قطع القماش المبلّلة بالماء تحت الأبواب وسدّ النوافذ بالأكياس البلاستيكية، خوفاً من الغازات الخانقة. فمنذ شهر رمضان الماضي تتعرّض كثيرٌ من المناطق الشعبية المكتظة بالسكان، إلى رشّاتٍ كثيفةٍ من قنابل الغاز المسيلة للدموع، كلما خرجت مجموعة صغيرة أو كبيرة من المتظاهرين إلى الشوارع. وكان الإطلاق في ذلك الشهر الكريم يمتد أحياناً حتى وقت السحور.

في الصباح يمكنك أن تعرف حجم الكميات التي تم إطلاقها من خلال مخلفات الليلة الماضية، من عبوات معدنية وخراطيش وكرات بلاستيكية حمراء وسوداء. كما يتبيّن صباحاً ما حدث من تكسير للأبواب والنوافذ، جعل الكثيرين يعيدون تسييج نوافذهم بشبابيك معدنية، أو استبدال أبوابهم بأبواب حديدية قد تصدّ الطلقات العشوائية. كما يتبين صباحاً ما لحق بسيارات الأهالي من تلفيات، خصوصاً تكسير الزجاج الأمامي والخلفي والمرايا الجانبية.

كل هذا مجرد لمحات سريعة لوقائع يومية تعيشها عشرات المناطق والأحياء، ويعاني منها عشرات الآلاف من المواطنين، في مناطق كانت ولاتزال تكافح للحصول على واقع سياسي أفضل، ينقل البحرين إلى رحاب الديمقراطية الحقيقية. وهي المناطق ذاتها - بالمناسبة - التي كافحت من قبل لإعادة البرلمان إلى الحياة فترة التسعينيات ودفعت كلفة ذلك من تضحيات أبنائها ونسائها.

هذه المناطق ليست قرى نائية، وإنّما يحفّ أكثرها بالعاصمة المنامة، ولا تبعد عنها أكثر من بضعة كيلومترات. وهي مناطق ذات كثافة سكانية عالية، وتمثل في مجموعها 64 في المئة من مجموع الكتلة الانتخابية، فإذا شاركت في الانتخابات ارتفعت نسبة المشاركة إلى التسعين في المئة، وإذا قاطعت انخفضت إلى الثلاثين.

هذه إذاً وقائع يومية وحقائق سياسية، وليس في هذا السرد تحريضٌ ولا تأجيجٌ ولا دغدغةٌ لمشاعر أحد كما قد يتوهم المتوهّمون، لأن الناس تعيش هذا الواقع غير الطبيعي وتحاول تغييره للأفضل عبر التظاهرات السلمية أو التجمعات الجماهيرية التي تضم الألوف.

قبل سنوات، كنا نكتب عن تلوث البحر ودفن السواحل وتدمير البيئة وخليج توبلي وغازات المعامير وفشت الجارم، واليوم نكتب عن تلوث أجواء هذه المناطق الشعبية المكتظة بالسكان، حيث أصبحت الشوارع ملّوثةً بروائح الغازات المستخدمة والمواد الكيماوية المهيّجة التي تبقى آثارها لعدة ساعات. هذه ليست دغدغة مشاعر، وإنّما هي صرخة احتجاج في وجه هذه العقوبات الجماعية التي يتعرّض لها عشرات الألوف من المواطنين، في إجراءات نادرة الحدوث على مستوى البلدان التي هزّها الربيع العربي.

الصحافة الحقيقية لا تفبرك ولا تختلق الأخبار، إنّما تعكس ما يجري على الأرض بدقة وأمانة وشرف مهني، قدر الطاقة والوسع. وخلال اليومين الأخيرين قرأنا أخباراً مع الصور، عن عوائل بحرينية من عدة مناطق، تعرضت منازلها لأضرار كبيرة إثر اختراق عبوات الغاز للنوافذ، ما تسبب بحالات اختناق، كما في جبلة حبشي وكرباباد وسترة وسند وبني جمرة والبلاد القديم والنويدرات. وقبل أسابيع نشرت الصحيفة خبر احتراق منزل في الصالحية (نصف كيلومتر غرب المنامة)، بسبب طلقة مسيل، وبصعوبةٍ أنقذ الأهالي الأسرة المكوّنة من عشرين فرداً بينهم أطفال، من ألسنة النيران. وفي حالاتٍ أخرى تسبّب الاختناق بالغازات إلى حالات وفاة لأطفال وكبار سن.

ألم يتضح بعد أن المعالجة الأمنية لأزمةٍ سياسيةٍ توصل دائماً إلى كارثةٍ وطنيةٍ وطريقٍ مسدودٍ مسدود؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3481 - الأحد 18 مارس 2012م الموافق 25 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 74 | 1:31 م

      زائلا73

      زائر73
      المجموعات الصغيرة الي اخرجو لهم مطالب حالهم من حال اي مظاهرات بالدول العربيه والعالميه
      وبكل الدول مظاهرات تتحول من سلميه الى عنيفه
      وسبب معروف عناد او تجاهل للحقوق
      واكبر خطا رمي المسيلات عمدا داخل المنازل وناس نايمين عقاب جماعي
      وانا ضد المظاهرات العنيفه بعد ولكن هل شي بكل دول العالم

    • زائر 73 | 10:08 ص

      الوم على على الجميع ياسيد

      صحيح ان ما تفعله الداخليه ليس خطا بل ربما جريمه لكن الا تعقد ان ما يقوم به بعض الصبيه من اعمال الحرق وسد الشوارع والقاء القمامه وكثير من الامور المضره لماذا لا تتكلم عن هؤلاء ام انهم ملا ئكه شويه انصاف نبغي
      واسؤال لماذا تخرج فئه صغيره في الكم وصغيره في السن ليلا وتقوم بهذه الاعمال

    • زائر 72 | 9:19 ص

      الناس تعاني من تلوث القنابل الغازية والبيئة عايشة في أوهام وأحلام النووي!!!!

      أولاً: أرد على المعلق المتطفل والمتفرج على معاناة من يتعرض لغازات وملوثات القنابل الغازية وأقول له: ما أسهل الحرب على المتفرجين.!!!!

      ثم أقول للبيئة: بسكم أوهام وتبذير الجهود والأموال لمكافحة وهم الأشعة الذرية!!! انتبهوا لهؤلاء المواطنين المعرضين لملوثات القنابل الغازية!!! خبير نووي يروح وحبير ذري يشرف ولا هامنكم ما يتعرض له معظم سكان البحرين من ملوثات القنابل الغازية التي تقذف في المناطق السكنية!!

    • زائر 69 | 7:59 ص

      الغازات ومسيلات الدموع

      ويش تبونهم يسوون بالكمية اللي استوردوها يبيعوتهه محد بيشتريهه. لا تستعجلون خل تخلص الكميه اللي جابوها خلهم يشوفون ويش تاثيرها عليكم تنجح والا يبدلونهه . الله على الظالم بحراااااااااني

    • زائر 68 | 7:08 ص

      يا عزيزي المواطن يعتبر حشرة

      اليوم نعتبر في بلدنا بالحشرات ويجب اعدمها سوى كانت بالسرعة القصوي او الموووت البطي هذه هي بلدنا الحبيب البحرين

    • زائر 67 | 6:44 ص

      واليك المزيد ياسيد من المشاهد اليوميه

      انا ام لاربعة اولاد اصغرهم يبلغ من العمر 8 شهور

      لسيت بيوتنا فقط المهددة يوميا من مسيلات الدموع
      حتى لو فكرنا الهروب من واقعناا وهممنا بالخروج مع الاطفال ايضا الطرقات حتى الرئيسية منها فمثلا كنا في ليلة من الليالي مع الاطفال في السيارة بالقرب من المطعم لشراء وجبة العشاء واذا بالمسيلات والقنابل الصوتية من كل حدب وصوب تنهال علينا تخيل وكنت انا من اقود السيارة تخيل الوضع مع بكاء الاطفال والرؤية اصبحت معدومه . اصبح الطلق عشوائي وكأننا في ساحة حرب وليس في الطريق. وهدا المشهد تكررر مرارا.

    • زائر 66 | 6:41 ص

      اذا عرف السبب بطل العجب

      هل سالت نفسك ياكاتب لماذا كل هذا المسيلات الدموع كل يوم ؟ الكل يعرف الجواب

    • زائر 65 | 6:41 ص

      بتوحشني مسيلات الدموع السامه

      هل تصدق يا سيدنا أن المسيلات الدموع السامه توحشنا إذا مانشمها أو على الأقل نشوفها في الأجواء المحيطه بمنازلنا.. صموووود بالفوووول

    • زائر 59 | 5:11 ص

      اخي العزيز رقم14 زائر41

      اخي العزيز تطلب من النواب الشرفاء ان يتكرموا المجئ الى المناطق القرى ليشاهدوا المعناة انت ماتدري انهم يطالبون المزيد من القمع والفتك ويلومون الداخلية على التقصير هل تعرف البرلمان يعتبر من الغنائم لاصحاب الغنائم يجب ان يحاكوا بأستهتارهم بقضايا الوطن

    • زائر 53 | 4:12 ص

      رقم 6

      حرق الاطارات اخطر علي البيئة من مسيل الدموع...وكل شي له سبب...ليوقفو رعب الشارع والخروج من دون تصريح وتعطيل الناس ...سيقف مسيل الدموع وغيرة ولا تتعبون روحكم (عنف = عنف)

    • زائر 52 | 4:10 ص

      سيد

      شوف لينا مكونات هذا المدمع المخري يقتل ينفخ البطن يجيب اسهال يقضى على الحيونات وبلخصوص السنانير ويش ها الحالة

    • زائر 50 | 4:00 ص

      صحيح

      والعنف يؤدي الي طريق مسدود

    • زائر 49 | 3:56 ص

      الكاتب العزيز

      يا اخي كنت اتمنى ان تكتب عن حرق الاطارات الفوضى اللي في القرى ومعظم السكان مستائين مايحصل في قراهم . كنت اتمنى ذلك

    • زائر 48 | 3:51 ص

      قديمه جدا!!!!!!!!!!

      نصيحه الى القراء الاعزاء..الرجاء عدم الرد على من يدخل بتعليق مغاير او معارض ,فهذه الحركه قديمه والقصد من ورائها التحوير والابتعاد عن الموضوع الرئيسي وتغيير الموضوع فالرجاء عدم الرد على هؤلاء من امثال رقم 6 وشكرا واألف تحية لك يا صاحب القلم النظيف الكاتب الاستاذ قاسم

    • زائر 45 | 3:22 ص

      الى زائر رقم

      اكتب سيدنا اكتب. كل يوم اكتب عن مسيلات الدموع وخل العالم كله يقرأ

    • زائر 43 | 3:17 ص

      تسيل الدموع فينام الناس نومة اهل الكهف

      لا ندري ما هو الهدف من استخدام هذا الكم الهائل من مسيل الدموع فالمتعارف عليه عالميا ان لكل مادة استخدام محدد ومعلومات وتخذيرات من الاستخدام المفرط

    • زائر 41 | 2:53 ص

      هذا قليل من كثير

      أتمنى على أحد من المسؤولين الشجعان طبعا
      واحد نواب الشعب زيارة احدى هذه المناطق كي يرى بأم عينيه ما يحدث وينقلها بكل أمانة حتى تكون شهادته من مشاهدة الواقع ولا تكون زيارة زور

    • زائر 40 | 2:45 ص

      يسقط ...

      الاخ الكاتب رقم 6 ،
      يقول المثل الي ايده في الماي البارد مو مثل الي ايده في النار ،

      حياك الله في اي قرية من القرى وبتشوف ليش الاخ قاسم حسين يكتب

    • زائر 38 | 2:27 ص

      يا داوود

      على من تقرأ كتابك يا داوود ؟؟؟؟

    • زائر 27 | 1:56 ص

      الى رقم 6

      ليس هناك موضوع اهم من حياه الانسان. فكم من شهيد قضى داخل منزله بسبب هذه السموم

      و على فكرة:

      اللي يده في النار مو مثل اللي يده في الماي

    • زائر 23 | 1:41 ص

      متى يصحى ضميرك يا رقم 6

      وهل هناك مواضيع اهم من قتل العشرات بمسيلات الدموع وخنق عشرات من المواطنين كل ليلة في منازلهم كما قال الكاتب قاسم؟ انها صرخة احتجاج كتبها وهي لسان حال هؤلاء المواطنين كلهم الذين لا يشعر بها امثالك.

    • زائر 22 | 1:33 ص

      بعين الله ..

      بل سياسة الفتك بالغازات السامة ..فهي ليست مسيلة للدموع ..

    • زائر 16 | 1:13 ص

      أين الصحوات والبشوات ( نونو الصغير )

      بعد كل هذا العناء اليومي الذي يعاني منه المطالبين الحقيقيين بالديقراطية ليأتي من يسمّون ( بالصحوات ) والتجمعات ليفتلوا علينا عضلاتهم الذي يقول لا للحوار والذي يقول ليقدموا اعتذار وهم نائمين في العسل ويقولون صحوا من سباتهم أهل القرى يقتلون كل يوم ويرمون بالمسيلات الخانقة ولا من مستنكر بل البعض منهم يبارك ذلك الفعل .

    • زائر 14 | 1:06 ص

      الرياح المغبرة

      اعتقد كثير من أهل البحرين كان سعيد على هبوب الرياح الشديدة بالغبار

    • زائر 13 | 1:04 ص

      عزيزي الكاتب

      ذبحتنا ماعندك مواضيع ثانية غير مسيلات الدموع كل يومين تكتب عن مسيلات الدموع
      ترا في مواضيع وااايد مهمة

    • زائر 10 | 12:59 ص

      يا ريت بس هذا المسيل للدموع

      الاعظم يا سيد ان تسيل دموع الامهات المفجوعات بفلذات اكبادهن اللذين يرونهن جثث امامهن او تسيل الدموع تحت وطأت التعذيب و كان الله في عوننا جميعا
      النصر قريب

    • زائر 7 | 12:35 ص

      لن تنفع سياسة الإرهاب


      هؤلاء قوم ختم الله على قلوبهم فهم كالأنعام بل هم أضل سبيلا

    • زائر 6 | 12:25 ص

      الله يشهد

      ان الله ليس بفاغل عما يفعلون
      ويوم الحساب عسير

      والله حرم قتل كل نفس بريئه
      مثل قتل الامانيين داخل بيوتهم عمدا

    • زائر 4 | 11:48 م

      على نفسها جنت براقش

      الان هم يرفضون الحلول السياسية ويلجؤن للقوة والبطش بعدها سيندمون حين يفقدون كل شئ
      الا لعنة الله على الظالمين

    • زائر 1 | 11:18 م

      فلفل مطحوووووون

      لمتى سيدنا نشرح ليكم هذا فلفل مطحون مو مسيل دموع ولا تضخمون الامور وروح اقرا عن فوائد الفلفل لتعرف مدى حرص السلطة على الصحة العامة

اقرأ ايضاً