بعد أحداث فبراير/ شباط ومارس/ آذار 2011، برزت سلوكيات خاطئة أصبحت مع مرور الوقت أمراً اعتيادياً لم يعد يجذب انتباه العامة أو يثير استغرابهم بالمستوى الذي كانت عليه منذ الوهلة الأولى، على رغم أنه ينم عن تصرف دخيل غريب لا يتفق أبداً مع أخلاق وآداب هذا المجتمع الطيب.
مهاجمة محلات تجارية يمتلكها رجال أعمال معروفون، جاءت بعد حملة واسعة بقيادة أطراف لا يملكون أي حس وطني ولا إدراك حصيف للمنزلق الذي يدفعون الناس إليه، فراحوا يباركون حملات مقاطعة لعلامات تجارية معينة، بغية إلحاق أشد الضرر بملاك عدد كبير من المحلات، لاعتقادهم بأن هؤلاء دعموا جمعيات مناهضة للحكومة، بينما لا يوجد دليل أو برهان واضح قدموه للشارع المقاطع لإقناعه بصحة ما سينتهي إليه من مواقف وتحركات منفلتة.
وتحريك الناس لتبني هذا السلوك العنيف انطلق من اللعب على الوتر الطائفي، وإقناع فئة من المجتمع بأنها معرضة للعزل والتهميش والإقصاء من فئة مقابلة، وأن عليها النهوض والتأهب لنصرة الطائفة من خلال محاربة الطرف الآخر اقتصادياً، غير أن ذلك لم يقتصر على المقاطعة بل امتد إلى عنف مباشر تمثل بتكسير واجهات محلات سوبرماركت بشكل متكرر في مختلف مناطق البحرين، وبعثرة محتوياتها وتركها بحال مزرية.
وقوبلت حملة التكسير بصمت مطبق من القطاع التجاري، فُهم منه بشكل أو بآخر موافقة ضمنية على ما يجري، وإطلاق العنان أمام المزيد من الممارسات التي ستفضي يوماً ما إلى تعميق الانقسام الذي يعاني منه المجتمع البحريني.
ولم تنفع التصريحات الخجولة التي صدرت أخيراً عن أحد كبار المسئولين عن القطاع التجاري، في وضع حد للانفلات الجامح الذي يدفع الشباب إلى التعدي على أملاك الغير، لأنها جاءت متأخرة جداً، وبعد مرور أكثر من 10 أشهر من تشويه سمعة زملاء مهنة جمعته بهم علاقة متينة لم تنشأ بين اليوم والأمس، بل هي ثمرة سنوات من العمل المشترك والتفاهم المتبادل، ولم يكن من المفترض به أن يسمح لأي أزمة أن تزعزع هذه العلاقة، وتدفعه لنسفها فجأة تحت وطأة وضع سياسي مضطرب.
لاشك أن الأحداث المستمرة تلقي بظلالها على الوضع الاقتصادي، وتؤثر على قطاعات الانتاج وتعرقل توظيف المزيد من خريجي الجامعات والكوادر المؤهلة، ولكن في المقابل تساهم التعديات على المحلات التجارية في تعميق الضرر، على اعتبار أنها مؤمنة لدى شركات تنفق مبالغ طائلة لإصلاح التلفيات، وتعاني من هدر في رأس مالها نتيجة الوفاء بالالتزامات القانونية المترتبة عليها تجاه المؤمن لهم، وستجد نفسها يوماً ما بلغت طريقاً واحداً يؤدي إلى مفترقين، إما أن تعلن إفلاسها وتخرج من السوق وإما أن تسرح بعض العمال لخفض كلفة التشغيل.
المال يمكن تعويضه، والتلفيات يمكن إصلاحها، والمحلات يمكن نقلها إلى موقع آخر أكثر أمناً، ولكن النفوس المحملة بالكراهية والعداء، يصعب تنقيتها وإعادة التسامح والطيبة إليها، حتى لو أنفقت الدولة ملايين الدنانير لإصلاح الشرخ الطائفي فلن تستطيع، لأن المحركين يمارسون الشحن المغلف بالوطنية بحرفية متناهية، ولا يشعرون بتهديد أو يقابلون بردع حتى يتخلوا عن تجارتهن التي لن تبور، وتلقى رواجاً منقطع النظير ممن يشجعون على الانتقام والتشفي وإيقاع الضرر بالآخرين.
كل شيء قابل للطرح والنقاش إلا المزايدة على ولاء المواطنين لبلدهم، واتهامهم بالعمالة والخيانة، فهي مسائل تدخل في النوايا وما تخفي الصدور، ولا يمكن قياسها أو تقييمها بشكل عرضي من منطلق الوشاية والظن، وتتطلب وقفة متوشحة بالحزم والشدة، لا بيانات تحذير وشجب واستنكار، فدخول البلاد في أتون صراع طائفي ليس بالحدث الذي يمكن تداركه وتطويق تداعياته وآثاره السلبية على الأمن الاجتماعي.
وذلك كله يدفعنا إلى التساؤل، ما الذي سيضاف إلى المجتمع البحريني حين تهاجم أحد مكوناته بأبشع الأوصاف والنعوت بما يمس معتقدهم ويحقر من وجودهم وإسهامهم الواضح في بناء وطنهم؟ وما الذي تغير بعد تخريب محلات يملكها أشخاص يتبعون هذا المكون؟ هل أسهمت مثل هذه التصرفات في معالجة الأزمة؟ وهل حركت الطرف المقابل للتهجم على محلات تجار آخرين؟
الجواب: لا شيء تغير ولا أحد بادر للرد بالمثل، لأن أبناء البحرين أكبر من أن يُستغلوا لإشعال محارق يستنير بها المتمصلحون لبلوغ طريق المجد والشهرة على حسابهم، ولأنهم تغذوا على الحب والألفة والوحدة من رحم وطن ليس في ربوعه شبر لمفاهيم التشرذم والفرقة والشتات.
إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"العدد 3476 - الثلثاء 13 مارس 2012م الموافق 20 ربيع الثاني 1433هـ
اقولها للمره المليون
من اججو للطائفيه حصلو على ارض خصبه وجاهزه وهم معروفين لدى الجميع بالأسماء منهم المحسوبين على الدين والدين براء منهم ومنهم المطلوبين للعدالة في الوقت السابق والفريقان ليس لهم وجود الا في ظل الفوضى وانتشار الطائفيه والحمدلله لم يجدوها الا عند السكان الجدد
المشكلة من يخون من
المخوّنة هم فئات من المجتمع لا يمتون لاصالة هذا البلد بشيء وهم من يقومون بتخوين اهل البلد المنحدرين عبر الاجداد والاسلاف وهذا النوع من السلوك السقيم يوغير الصدور ويجعل الاوضاع تتوتر
اكثر فأكثر لأنني لا يمكن بحال من الاحوال وانا ابن
البلد ان ارى من هو مجنس من سنوات يأتي ليعطيني درس في حب الوطن والولاء له وانا من تجذر حب هذا الوطن في دمي ولحمي وورثته ابا عن جد.
وأقولها لا بد ان يحترم كل انسان نفسه ولا يصب النار على الزيت فلسنا في وارد المزايدة على وطنيتنا وانتمائنا فنحن البحرين والبحرين نحن
أحسنت أستاذ
هناك خلل كبير جدا في البلد ويجب تغيره لما هو خير للأجيال القادمة والمستقبل . شكرا لك
مقال روعه
مقال جميل ورائع وفعلاااااااااا للاسف هل شي صار في بدنا
ولي طاح الجمل كثرة سجاجينه
وهذا وطنا كل من هب ودب مزق فيه وجرحه واهو ما يدري